وطن خطير شيّق
يهفو إليه المشرق
و يحجّ فى جنباته
حزن مرير ضيّق
مجنونة أحلامه
صوب السماء تحدّق
أرقت على أيّامنا
كنشيج طفل يخفق
أطياره ؛ أزهاره
تنعمن فيه و تغدق
يا "مصر" قلبك موجع
يهتز ؛ كيف يصدّق!
تغتاله أشواقه
فيجن أو يتخندّق
همّت إليه دموعه
و إرتاح فجر مونق
حتّام صبرك ذاهل
تلك الليّالى تشنق
راعتك أيّد شرّع
و براءتى تتشرنق
رفرفت بين ضلوعنا
و رعاك حب مرهق
فبكيت حتى لاح لى
صيف أليم محرق
و مضى الشتاء بظله
يتلوه يأس مطبق
وقت حرير عادنى
و هوى ؛ براح مطلق
يا أيها المجرى دمى
من أى حسن تشهق
ودّعت كل مدائنى
و غرست عمرا يعتق
خضراء كانت ريشتى
يمليك وهم مورق .
إليك أرقرق أشواقيه / و أنفح بالورد أياميه
لعلّ التى حبها فى دمى / تشرنق بالوجد أحنائيه
و كنت رسمت على هامش / قديم منمنمة داميه
ترفّ كطيف رقاه النسيم / و زيّن أضواءه الغاليه
و أعبث وحدى طوال السنين / لتألفنى النجمة الساليه
هنا كنت أعدو وراء الضلال / و كل المسالك لا ترتجى
و أغمدت نفسى كثيرا هناك / فملت إليه و طيشى نجا
فأشرقت يا ظالمى خاويا / و أسبغت ملء الطريق الدجى
صديقى دعوتك نهر انتظار / مشيت إليك شذى منهجا
دنوت و حولى صباح فريد / يزفّ إلى الشمس فجرا شجا
قذفت إلىّ بفقاّعة / بها تعرف الكلم الخادعه
أقلّب فى دفترى ربّما / تساورنى الأعين الرائعه
تعود و صوتك يهتف بى / و هذى المساءات لى دامعه
أفتّش عنك خلال العذاب / و تعرفنى اللّمحة الزارعه
أهبّ إلى الوقت لا أستوى / لتصطّك بالذّرة الوادعه
بلادى يحول عليك الزمان / أعاود فيه ارتياد الأمل
تشمّمت أحضانه زهرة / تمرّغ فيه المدى و اكتمل
و جرح عتيق تمنيّته / إذا شبّ فرعك أن يندمل
غريب تسوّل أمطاره / و بعثر فى الطين ما قد حمل
فيسأل لا مشتك يرتوى / و كيف الشفاء بتلك العلل
تصورّت أنّ الهوى طائر / يضيع كما الليلة الراحله
أغيب بعصر يقضّ الرجال / و يحصد أحلامنا الذاهله
و أصحو ليملى الأسى مارد / حبيس بجنبى رعى قاتله
يلوك العقائد مستنفرا / و يشرح للناس ما النافله
فزيف الدّعى على كل لون / مضغن لها الخطّة الجاهله .
أريحينى على صدرك
فقد راهنت أيامى
و خانت عطر أحلامى
لتصلب منتهى صبرك
براءات تصالحنى
و أشواق شهيّات
تساومنى على قهرك
أعيدينى إلى نهرك
فكم عانيت ترحالى
و أخلى "الأمن" أوردتى
و شريانى و محبرتى
: نهاراتى و أفراحى
و أبواق تحاصرنى
لتلك العتمة الصغرى
فتيّات صباحاتك
بزغن لمرتقى طهرك
و أوقفن الصبا حولك
لتزهر صرخة كبرى
مرارات زرعناها
بطعم الفقد و الحسره
فكيف اليوم ننساها
بآهات على ثغرك
خطى رقّت منازلها
مشيناها على جمرك
رسمنا بعدها شمسا
و إبريقا من الوجد
عصيّات حرائقنا
تطال مواكب الذكرى
و تعصمنى ؛ مع شعرك .
أقلعت عن وهمى وعن نشواتـى / وغدوت أستعصى على كبواتـى
و قدرت أن أحيا بغيـر بـراءة / حتى تصاحب نجمها صبواتـى
وندمت إشفاقا على مـا سقتـه / للحب من فتن و مـن خطـرات
ورقيق أحـلام أفـارق زيفهـا / ومقـام أشـواق دنـا لصـلاة
عانيت فيك الأمس مغلول الرؤى / و شقيت ساعات بـلا شرفـات
و نثرت من قلبى على أعطافهـا / مخبوء أسرارى و ذوب حياتـى
سلّمتها شعرى وحزنى نصفـه / فبكت حرائقها علـى صفحاتـى
تختال فى نـزق كمـا هيئتهـا / و تهيم فى كتبى وفـى كلماتـى
تحتلّ أوردتى وشريـان النـدى / و عناق أوطان رقى زهراتـى
أهديتها صبرى فخانت عطـره / و نجت بشاشتها من النظـرات
حاورتها فجرا وحارت نفسهـا / و رنت حدائقها إلـى نزواتـى
الليل يسكنها ويعشـق صوتهـا / و ضراوة الإيقاع فى نبراتـى
تحتدّ من ضجر علـى أفراحهـا / و أنا أسـاوم بالأسـى جلباتـى
يا أيها المجنون عمرك ضائـع / بين المشانق و استبـاق الآتـى
أشرعت لهفتك الملولـة بعدمـا / سحقت مشاعرها سدى خلجاتـى
تمتنّ فى شرح الهوى و صباحها / عطشان يسقى من دمى وثباتـى
عزلت ثقافتها و أرخت سحرها / لتموت فى حذر على طرقاتـى
غارت ضفائرها على خلجانهـا / و مشت شوارعها إلى غزواتـى
و هممت أن أملى شريط رحيلها / فنذرت نفسـى هائـم الخلـوات
عرّيت روحى من غبار إزارها / و مرقت منتصبا إلـى جلواتـى
فغرفت من بحر النعيم ملاحمـا / و صعدت مرتشقا عرى هفواتى
و عرفت بعد اليتم أنـى عائـد / أقوى من الأشبـاح والحسـرات
حاولت أحيانا صراعـا هادئـا / لتصكّ بسمتهـا علـى جنباتـى
و رجعت يعصرنى مساء فادح / يغذو غموضا رائع الرقصـات .
البدايات غويّه
و النهايات أبيّه
و الرفيق الحق مثل
الليل مفقود الهويّه
أشتهي ظل التداني
فانحناءاتي بليّه
أعليل راح يخبو
رغم أورام سويّه
يمزح الروح بعطر
وانفلات الأبديّه
راقه أن بات بلهو
فوق أنغام شجيّه
و طيوف الجن تغدو
راقصات آشوريّه
يالضوء سوف يرنو
إن أنا رمت جليّه
الأسي عندي يغني
لاحتراقات الصبيّه
التي كانت زماني
و التي صارت نبيّه
و التي أمّت كياني
و التي أمست قضيّه
والتي أولت شبابي
ثم أنسته الوصيّه
صمتك الساجي غريمي
يا لعينيك الحييّه
ربما آتيك يوما
طائشا دون رويّه
أشتري ذكري غرام
حيّة بعد نديّه
ليس ينميها وفاء
ناشر منك بهيّه
لو هنا لم تستريبي
يصدق الخالص نيّه
حلم لقياها غريب
تلكم النفس الرضيّه
شكّلت مني سبيلا
و نشيدا للحميّه
حاربت في كل أرض
عابدات الهمجيّه
غربّلت توق انصياعي
لتري الراح نقيّه
ثم ضاعت في صراع
بين أمواج عتيّه
طوقها اليوم خيال
ضاحك و هى شقيّه .