رؤية في نص (المشروب السحري / د.م. عبد الحميد مظهر) بـ قلم / أحلام المصري

المشروب السحرى
ق ق ج

قضى عمرا طويلا و انفق أموالا طائلة ليصنع مشروبا شعبيا، و بعد أن عرض عينات من مشروبه على الناس فى مؤتمر إعلامى سأله أحد الحضور...


-- هذا الحليب غالى جداً من أين اشتريته؟

كأنني قرأت هنا المشي عكس السير...
أعني
هو أراد صناعة مشروب شعبي...و هذه اللفظة مهمة جدا..
فـ كلمة (شعبي) لها مدلولات متعددة...شعبي يعني ذو قبولٍ جارف من عموم الشعب
و شعبي يعني غير مكلف يناسب كافة طبقات الشعب
و شعبي...من السائد حاليا كذلك معناها (رخيص) أو غير مهم لكن هذه أستبعدها لما سبق من جهد و مال و زمن...
المهم أجاد الرجل-كما ظن- و أنفق المال و العمر و الجهد...و حين جاء وقت عرض منتجه على الناس...فاجأته ردة فعلهم...و هو الإشادة مع الإنكار
هو غالٍ جدا..(إشادة) و من أين أتى به ..(إنكار)...
أي أنهم ينكرون و لا يتخيلون أنه قد يكون من صنع هذا..
،،،
مفارقة أخرى لا بد أن لها مدلولات كبيرة في تفسير هذا النص المغلق...
هو أراد أن يصنع مشروبا...و لكنهم حدثوه عن حليب...!!!!
هنا سرٌّ في نفس المبدع...و لا بد له إسقاطه الهام الذي عليّ كـ قارئ أن أستقرئه و أطارده لـ أعرف ما كمن من معنى و دلالة خلف استبدال اللفظة الأولى بـ الثانية عند عرض النتائج...
هنا إيجابية كبيرة...تثمن جهود الصانع فـ هو أثيب على ما بذل من جهد و وقت و مال...فـ أتى ما صنع أبعد بـ كثير و أرقى مما طمح إليه...!!!
و تبقى فقط لمحةٌ من السخرية في النص لا أعلم هل تعمدها المبدع أم أن سير النص كان طبيعيا بها و إليها...
و هي أننا لا نثق في أنفسنا...فـ هؤلاء الحاضرون أعجبهم جدا المشروب...لكن لم يصدقوا أن صاحبهم هو الصانع فـ سألوه عن المصدر...!!!
صعبةٌ جدا مثل هذه المواقف و تتكرر فينا و في حياتنا...كأننا صرنا مجرد مستهلكين و الصناعة صارت أبعد ما يكون عنّا و عن قدراتنا..
بقي العنوان...و توظيفه مع النص (المشروب السحري)....
سحري لـ صانعه...أراد شيئا و لـ أنه أخلص و بذل أتاه شيئٌ أجمل...و سحري لـ شاربيه...
نالوا أكثر مما كانوا يتوقعون...
رغم مسحة السخرية في خاتمة النص لكني أراه نصا إيجابيا جدا
يثمن العمل و العطاء و يؤكد أن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا...
،،،،
القدير د.م.عبد الحميد مظهر
ربما أكون وفقت في قراءتي...
و ربما أكون قد ذهبت في طريق آخر غير الذي قصدتَ لحظة الإبداع...لكن هذا الذهاب لم يكن من عندياتي بـ قدر ما كان بـ إرشادٍ من نصك البارع...و هذه الإيجابية التي أنارت السبيل
مع كامل تقديري
تقبل احترامي و مروري