الإنشاء مادة بلا محتوى .. فهيا يا معلم اللغة العربية
الإنشاء مادة بلا محتوى .. فهيا يا معلم اللغة العربية
(1)
عندما أتأمل واقع مادة الإنشاء في مراحل التعليم المصري قبل التعليم الجامعي يحضرني ما تقوله العامة: "ربطوا إيده ورجله، ورموه في البحر، وقالوا له: عوم".
ما الرابط؟
الرابط أنهم منعوه آلة السباحة وعلى الرغم من ذلك يطلبون منه السباحة كما لو كانوا مكنوه من آلتها.
وما وجه الشبه؟
وجه الشبه أن مادة الإنشاء "التعبير" مادة بلا محتوى، لكن لها حصص، وينبغي لمعلم اللغة العربية أن يملأها؛ مما يجعله يحس بفراغ معرفي لو ملأها بالإنشاء لا بفرع آخر من فروع اللغة العربية كالنحو والنصوص و... إلخ كما يحدث عادة.
ولنا أن نسأل: لماذا لا يوجد لها مضمون ومحتوى كفروع اللغة العربية الأخرى؟ هل لا يوجد لها محتوى؟ أم هل يوجد محتوى لكنه محمول على موضوعات القراة والنصوص؟
لا يصلح التوقع الثاني، وإلا كان ذلك مادة لكل فروع اللغة العربية من نحو وإملاء وغير ذلك، ولانتفت قواعد هذه العلوم وكتبها.
إذًا: لا يبق معنا إلا التوقع الأول، وهو عدم وجود محتوى، ولا أدري لماذا لا تضع الوزارة محتوى لهذا الفرع وإيجاده يسير؟
كيف؟
إن الإنشاء مادة الأداء القولي، وفنون الأداء القولي معروفة ومحددة.
كيف؟
إنها تتمثل في الأجناس الأدبية من مقال وقصة بأنواعها ومسرحية ورواية وخاطرة ورسالة إخوانية في الشق الإبداعي من الإنشاء، وتتمثل في البرقية واللافتة والإعلان والاستمارة وغير ذلك في الشق الوظيفي من الإنشاء.
وليس ذلك فحسب، إنما هناك أشكال التحرير من مجلة حائط ومطوية ومجلة مطبوعة وبحث، و... إلخ.
(2)
إذا كان الواقع التعليمي هو هذا الواقع فلنا أن نسأل: هل لا يحق للمعلم أن يضع هذه المادة، ويملأ هذا الفراغ؟
والجواب يسير مؤداه أن نعم، من حقه ذلك.
لماذا؟
لأن المقررات التعليمية والعملية التعليمية كلها تستهدف إفادة الطالب، فكل ما يفيد الطالب في إطار روح الأهداف فهو من حق المعلم، وعندما يحدث ذلك سيكون رائدنا الحكمة القائلة: "علمني كيف أصطاد السمكة، ولا تصطد لي".
ولحظتها ستختفي الصورة الآنية لتدريس هذه المادة؟
ما هي هذه الصورة؟
إنها تلك الصورة التي تقسم الإنشاء قسمين هما: الإنشاء الشفوي، والإنشاء التحريري.
والأول مدخل الثاني.
كيف؟
يكتب المعلم رأس الموضوع، ويوضح المطلوب، ثم يكتب العناصر، ثم يتناقش مع الطلاب في العناصر، ثم يطلب منهم أن يكتبوا.
ماذا فعل؟
أتاح لهم مادة الموضوع، أما كيفية الكتابة فهو لم يقترب منها، ولم يشر إليها. وبهذا يكون قد ثبت له قدم واحدة على الطريق، وأبقى الأخرى شلاء!
ويؤكد كتاب الوزارة ذلك بوضعه سؤالا عقب درس القراءة يطلب فيه من الطالب كتابة موضوع تعبير عن الدرس!