ورد ذكر الريح في القران الكريم في أكثر من موضع في التنزيل، وعند تلاوتها تجد فيها تمايزاً من نوع آخر، فقد ذكرت مجموعة ومفردة: ريح وهي مفردة وجمعها رياح .
وتقسم هذه حيث ذكرت في سياق الرحمة جمعت أو في سياق العذاب أفردت
نقل السيوطي -رحمه الله - عن ابن أبي حاتم أنه نسب لأبي بن كعب أنه قال : « كل شيء في القرآن فيه من الرياح فهو رحمة وكل شيء فيه من الريح فهو عذاب.
وذكر في حكمة ذلك أن: 1- رياح الرحمة مختلفة الصفات والمهبات والمنافع وإذا هاجت منها ريح أثير لها من مقابلها ما يكسر سورتها فينشأ من بينهما ريح لطيفة تنفع الحيوان والنبات فكانت في الرحمة رياحا
2- رياح العذاب فإنها تأتي من وجه واحد ولا معارض لها ولا دافع.
وقد خرج عن هذه القاعدة قوله تعالى في سورة يونس {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِيالبَرِّ وَالبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍطَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ المَوْجُ مِنْكُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُالدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَالشَّاكِرِينَ [11]} وتعليل ذلك أن السبب : آ- لفظي وهو المقابلة في قوله جاءتها ريح عاصف ورب شيء يجوز في المقابلة ولا يجوز إستقلالا نحو ومكروا ومكر الله
ب- معنوي وهو أن تمام الرحمة هناك إنما تحصل بوحدة الريح لا باختلافها فإن السفينة لا تسير إلا بريح واحدة من وجه واحد فإن اختلفت عليها الرياح كان سبب الهلاك والمطلوب هنا ريح واحدة ولهذا أكد هذا المعنى بوصفها بالطيب وعلى ذلك أيضا جرى قوله إن يشأ يسكن الريح فيظللن رواكد، وقال ابن المنير إنه على القاعدة لأن سكون الريح عذاب وشدة على أصحاب السفن. وقال عبدالله بن عمرو:
ورياح العذاب: العقيم والصرصر في البر، والعاصف والقاصف في البحر فإذا شاء سبحانه حركه، بحركة الرحمة فجعله رخاء وبشرى بين يدي رحمته ولاقحا للسحاب............ وإن شاء حركه بحركة العذاب فجعله عقيما وأودعه عذابا أليما[12]
كان في جميع الحضارات والأمم السابقة خرافات ومعتقدات خرافية عن الرياح وكان يسود الظن بأن هناك آلهة مختلفة للرياح والعواصف، وجاء القرآن الكريم ليبين مباشرة بأن الرياح بيد الله الواحد وأنها مسخرة بإذنه متناسقة مع باقي المسخرات وتسير بنظم ثابتة في هذا الكون ليؤازر بعضها بعضًا.
[2] يوسف:94 [3] الأحقاف:24 [4] الأعراف:57 [5] الحجر:22 [6] الفرقان:48 [7] النمل:63 [8] الرُّوم:46 [9] الرُّوم:48 [10] فاطر:9 [11]يونس:22 [12]أوجه من إعجاز القرآن الكريم في وصف تحركات الرياح د. أحمد عبد الله مكي - جامعة الملك عبد العزيز
بوركت أستاذي المكرم بعد اذنكم تقبلوا هذه الإضافة
التوقيع
[SIGPIC][/SIGPIC]
آخر تعديل شاكر السلمان يوم 05-23-2016 في 03:14 PM.