الملا عبود الكرخي ولد عام 1861 في جانب الكرخ في بغداد ومنها اخذ لقبه.
دخل الى الكتاتيب كأقرانه في ذلك الزمان وعمره ست سنوات، ولما ترك الكتاتيب اخذ يرتاد حلقات الدرس في مساجد الكاظمية وبغداد، وعند سن الـ15 بدأ والده باصطحابه معه في تجارته التي تتطلب السفر الى الدول المجاورة وبقي معه الى ان توفي، ومن ثم عاد إلى بغداد ليستقر بها.
عمل بعدها في شركات النقل بين المدن العراقية كما قام بالعمل مع شركات اجنبية وذلك بتجهيزها بالمواد الغذائية ثم انتقل ليعمل بالزراعة.
استطاع الملا عبود الكرخي اصدار جريدة الكرخ عام 1927 التي بسببها سجن وسيق الى المحاكم عدة مرات، كما اصدر عدة جرائد (الكرخي، والمزمار، وصدى الكرخ )، استمر في هذا العمل لمدة 16 سنة ليؤسس بعدها مطبعة الكرخ والتي طبع الجزء الاول من ديوانه فيها عام 1933 .
كانت للمهن التي عمل بها الشاعر الاثر الكبير في تعلمه عدة لغات فقد كان الملا يتكلم الفارسية والهندية والتركيه والكردية ويفهم جميع لهجات المنطقة كما استطاع ان يتعلم الالمانية من خلال عمله مع الشركه الالمانية لانشاء سكة القطار بين بغداد وسامراء حيث كان يجهزها بالمواد الغذائية.
لم يدع الكرخي مظهراً من مظاهر الحياة في بغداد دون أن يتناوله بالنقد والسخرية والحماس والمديح والهجاء حتى نال لقب امير الشعر الشعبي.
وتعتبر “المجرشة” حينها من أهم القصائد لما يجيش فيها من المشاعر الإنسانية وقصيدة بغداد مبنية بتمر .
توفي الملا عبود الكرخي عام 1946
\
بغداد مبنية بتمر ما ينكضي هذا العمر
يهواي دبرلي الامر التين اصبح لاوي
بغداد مبنية بلقم وترابها) سسي وبطم(
للطم على راسي لطم وانحر على المناوي
بغداد مبنية بزبد خلاني اتمرمر واكد
اني صرت مثل العبد والسيد (كريزاوي)
بغداد مبنية بخرك وانهارها تجري عرك
من هالامر كلبي احترك صار الشغل بداوي
فلش واكل تين ورطب واخلط التفاح وعنب
يا هل خلك كلبي انعطب بالنار من (عتاوي)
فلش وكل مركة هوه ومن التمر سهمي النوه
جلدي على عظمي التوه من طب) ابو نجاوي* ( (* اسم الدلع لأبو ناجي – أي الانكليزي)
بغداد مرشوشة بعسل واحجارها ثوم وبصل
والماي في دجلة وصل (هذا الكيش حلاوي)
اني صرت شايل حمل ومن اللبس حظي سمل
والتمر بالبصرة زبل لا سيما الخضراوي
(برحي والبريم ودكل) ما ينفعك شغل النخل
بابوجي من جلد الصخل والاجنبي فرنساوي
(بربن وزهدي واشرسي) طعمه ابد ما ينسي
الفلاح ابد ما ينكسي من) الحشف والحلاوي(
فرهدلي صوفي والدهن وسهمي من الزرع التبن
خاف احجي وضمني السجن اومي ومي صنطاوي
يالله .. عندما قرأت تاريخ هذه القصيدة ذهلت لأنها تتحدث عن الوقاع ذاته .. ووتدل على مد تشابه الزمن .. وتكرار الاحداث .. سبحان الله قصيدة تستطيع ان تكون عابرة للقرون .. إختيار رائع سيدة النبع الفاضلة .. سعدت بقراءة هذه الرائعة .. تقديري ومحبتي وقوافل من الياسمين