أن الطفل يبتهج ويغضب وينفعل ويقلق كالكبار ولا فرق بينهما إلا بطريقة التعبير. فالصغير يضحك بصوت عال في حالة الابتهاج، ويبكي بصوت مرتفع بعيداً عن عدم الرضا، بينما الكبار يبتهجون في سرائرهم وينفعلون بصمت غالباً، ويتجهم الكبير والصغير على حد سواء فنرى مظاهر التجهم والعبوس على قسمات الوجه.
فالطفل الذي ينتابه العبوس إنما يعبر عن حاجة بنفسه، فهو بعبوسه يقصد أن يضايق من حوله ويشعرهم بأنه بحاجة إلى الاهتمام ولفت نظرهم إلى التواصل معه، وكأنه يقول لهم انه مظلوم.. أو أن ضرراً ما قد أحاق به نتيجة لقسوة استعمال سلطة الأبوين أو الأخوة تجاهه، إذن، فالعبوس هنا هو حالة من التعبير عن الرفض والاحتجاج على تصرف ما نحوه من قبل الغير. وقد يتعود الطفل على العبوس والتكشير فتصبح عادته هذه وسيلة من وسائل الابتزاز، خصوصاً إذا استجاب الأهل لغضبه في كل مرة.. حينها يدرك الطفل انه إذا أراد تحقيق هدفه فانه يلجأ للعبوس، وبهذا السياق نجد الكثير من الآباء والأمهات يسلّمون لمطالب الطفل عابس الوجه وينزلون عند رغبته طلباً لراحة الضمير تجاهه، ولكن هذه الطرق من التفاعل والتواصل ليست هي الطرق السوية للتربية وسلاسة التواصل بين الطفل وذويه.
من هنا، يجب على المربي أن يبحث عن مصدر الألم ودوافع الحاجة لدى الطفل، ويعمل على إزالة أسباب الألم.. وتلبية الحاجة بطريقة متوازنة. وان لا يلجأ المربي معلماً كان أم أبا إلى العنف والتحقير، لأن ذلك يولد كراهية من الطفل تجاه المربي.. ويبقى الأمر يدور في حلقة مفرغة، إذن ما هو الحل؟.
1-يجب على ولي الأمر أن يقف على مطالب الطفل، وقفة متفهمة بعيدة عن الشدة المفرطة واللين المفرط.
2-على المربي أن يهيئ للطفل الفرصة التي تمكنه من إسماع صوته ورغبته.
3-عدم التعنيف والتأنيب.. فقد يكون الطفل محقاً في غضبه.
4-عدم إهمال غضب الطفل والبحث عن أسباب وموجبات هذا الغضب.
ومع مرور الزمن.. فان الآباء والأمهات سيدركون حاجات أطفالهم قبل الوصول لحالة الغضب والعبوس عندهم.. والحالة هذه إطعام الطفل في المواعيد المعتاد عليها، وتلبية حاجة اللعب دون تأخير في ميعادها وعدم حرمانه من أشياء اعتاد عليها إذا كانت في حدود المعقول، وبالصبر والمثابرة سيدرك أولياء الأمر حاجات أطفالهم ورغباتهم قبل أن يصل هؤلاء الأطفال إلى وضع يدفعهم للغضب والعناد، وربما التخريب لبعض حاجيات المنزل.. لأن ذلك وفي حال تكراره سيخلق منهم أطفالا شرسين وذوي ميول عدوانية.. وهذا ما لا يرغبه الآباء والأمهات.
فيجب والحالة هذه المعالجة الاجتماعية المبكرة لحالات غضب الأطفال حتى لا تنمو هذه العادة مع تقدم عمرهم.. فتصبح بالتالي عبئاً سلوكياً وتربوياً على الأطفال أنفسهم حينما يقتربون من سن الشباب وعلى أهلهم.. وعلى المجتمع المحيط بهم.