أعود إلى قولِ مَنْ هؤلاءِ الذينْ....
كُلّما نطقوا اهْتزّ شحْمُ البلاغةِ، يُرْثون كي يَرِثُوا
كُلّما قِيل نَصٌّ أَتَواْ عالمين بتأويله،كلّما..
قِيل أُخْرَى ..جَرَوْا بملاعقِ دُنياهمُ نحوها آخرَ العمرِ يزْدرِدونْ
* * *
يخِيطون للغيبِ جُبّتهُ بالمقاسِ الذي يلبسونْ..
يقولون إنّـا عشائِرُنا.....
سَعةُ الكونِ حيث انتهى حدّ إقليمِهم، كُلّما..
قيل نصٌّ قضَوْا منه أوطارهم ومضَوْا.
كلّما قيل مأدبةٌ هرْولـوا.....
ينْتشُون...بأن يُذكروا في الحضيضِ الرفيع كما آلهه
قُوتُهمْ أن يُقال لهمُ:إنّهمْ، إنّهمْ...
قُوتُهُمْ أن يمُنُّوا
أن يظنُّوا الذي ليس منهمْ، عليهمْ
وإذا سمِعُوا الصيحةَ استعجلوا قِطَّهُمْ
يعبُرون الحياة كما تعبرُ الدودةُ الفاكهه.
*** ***
يستلذّون تأثيثَ فطنتِهمْ بغباء البطانه،
يعدّون ما كدّسُوا من هباءٍ بسبحَاتهمْ
يحلبُون...
رفاهـيّةَ العيشِ من بقرٍ راتعٍ في مراعي السُكُوتْ
على كلِّ حائطِ بيتٍ لهمْ صورُ
على كلِّ مستقبلٍ يائسٍ حجرُ
و قي كلِّ ذكرى لهمْ دمعةٌ و خطابْ .
كائناتُ البيوتِ التي نسجتْ لغةُ العنكبوتْ،
هُمُ...
كائناتٌ من اللاأحدْ
حول جُثّةِ معنًى....تعيشُ على ما يموتْ.
يفِرّون من ذرّةِ الضوءِ حين تُفَسِّرُهمْ فوق سَبُّورةِ التجرِبَهْ
يخافون ممّا حَوَى البطْنُ من تِبْنِ ما جمعُوا
كلّما اسْتنبَحَتهمْ خُطىً قِيل بُولُوا سُكوتًا على نارِ ما طبخُوا
يَرْدُمُون عِظَامَ السُؤالِ بخَرْسَانة الأجوبَهْ
ينظُرون إلى كلِّ مُنفلتٍ نظرةَ البُومِ مُحْترِقين بنارِ الحسَدْ
ينْصبُون الوتَدْ
فـي عصَاعِيصِ أعْراقِهمْ ليشدُّوا خِيَامَ مناصِبهمْ خشْيَةً من هبوبِ أعاصيرَ
همْ يسْتفزُّونَها، يحسِبُون الزبَد ْ
هو الماءُ يُحْسُونَه زاهِِدين......
عن الماءِ في جوهرِ النهرِ، قد يشْتكُونْ...
كما يشْتكي الذئبُ من نعجةٍ ظلَمتْهُ بِعِفَّتِها
يكسرون المرايـا
يخافون ألاّ يخاف الذي هو في قُوّةِ التحْتِ من كلِّ فوقٍ همُ ساكِنُوهْ
يكسرون المرايا
لكيْ يربَحُوا الحرْبَ ضدَّ احْتمالِ عدوٍّ همُ صانِعُوهْ
يخافون من شبحٍ صامطٍ في نباحِ الضميرِ الذي خـوْزَقُوهْ
يَنْطحُون بِقَرْنيِّ كبْشِ الرَدَاءاتِ ظـهْرَ الحقيقةِ
خارجَ ما كوْلَسَتْهُ النوايا
أُصَافِحُهم واضعًا راحتي في فِخاخِ ابْتِسَاماتِ خُبثٍ وديعٍ،
أُسائِلُ منْ هؤلاءِ الذينْ...
يخافون من كلِّ مُختلفٍ، واضحٍ، غامضٍ كالمرايـا
فيتَّهِمُون المرايا..
بأنّ المرايا رأتهمْ على غيرِ ما يشْتَهُونْ
وأنّ المرايا تخُونْ
إذنْ يكسِرُون المرايا لكيْ لا يكونْ
هُنالِك منْ أحدٍ حولهمْ فَيَرَاهُمْ على غْيرِ ما يَشْتَهُونْ:
عرايـا.
(على تقاسيم عازف العود الجزائريّ محمّد عبد الله المشهور باسم علاّ فوندو)
الأخضر بركة. الجزائر
ترنيمٌ أوّلٌ:
يا عودُ..
الْمَسْ وردةَ المرضِ الدفينة وانجرحْ
متسلّقا آه الغياب
ينسابُ رملُ الوقتِ ِبلّورًا على كفّيكَ،
من أنتَ؟
اختصرْتَ الماءَ في ظمأٍ يعضّ كآبةَ البدءِ، انهمرْ
جسدًا على جمرٍ يحارُ،
النارُ صوتٌ صامت تنهار فيه..
قلعة اللغةِ، الصدى
آثار كيٍّ في هواء تنفّسِ العودِ ،الصدى سفرٌ
مُتَعَرِّجٌ، مُغْرَوْرَقٌ بالبَوْحِ،
يستشري أنينُ الصخْرِ في أصقاع وَحْدَاتِ اهتزاز الناقةِ الثكلى، تكسّرْ
لؤلؤاً يا عود في وله الشرود
متمزّقا كالريح، ملتفّا بثوبِ اللازورد المُـمَّحي يمشي
إلى غَيْبَاتِهِ الجسدُ، الصدى خَبَبُ المتاهِ..
يا عودُ واحْفُرْنٍي..مكاناً
في مهبِّ اللاجهات ، اسْتَقْطِرِ الروحَ التي
هي أنت في كأس التنهّدِ،
كائنٌ ينشتُّ في خمر المسافة أنتَ ، علِّمْنِي صُعُودَكَ في انشراخٍ،
كن سرير اللحظة الملأى بكيمياء التعبْ
*** ***
أيّها الماضي إلى أوّله
مثل حريرٍ من رمال الدهشة السكرى، تدفّقْ
شُدَّ رَحْل السفر الآن إلى آنٍ غريبٍ ليس يكفيهِ المكانُ
شُدَّ أهْدابَ انْفلاتٍ ما بِقَبْضَاتِ التمزّقْ
وَتِّرِ الأوتارَ كي يهتزَّ عُمْقُ الجَسَدِ المسكونِ باللاشيْءَ في عودٍ يُعيدُ السُبُلَ الشتّى إلى النبْعِ،ارتعشْ يا نخلُ
يا أعمدةَ الصمتِ التي شدّتْ إلى أرضٍ سماءً
حرّة النفسِ، انكسرْ
مرآة صوفيٍّ أمام الباب ،
كسّرني دموعاً من فِلِزِّ الشَجَنِ الصُلْبِ
اتخذني متن إيقاع المضيّ الأبيض الخطو إلى تيهٍ يفيضُ
أيّها العودُ النحيلُ الروحِ علّمني ركوبَ الرِّيحِ في الحريّةِ الأخرى
بكاء الطين إجهاش رمادٍ يستعيد امرأةً تتّقدُ
مفردات الليل موسيقى يَدٍ أنثى تحاكي هودجًا يبتعدُ
نقّرْ هدوء َالوَتَرِ المشدود في صُلْبِ فراغٍ يتلوّى فيه
إيقاع الشهيقْ
أيّها العودُ الصديقُ ،
اسْتَنْطِقِ الآنَ جمادَ الكونِ ،أُسْكُبْهُ نبيذاً
كن بـُهوتَ المطر الصافي على سَطْحِ زجاجِ النافذة
كن خروجَ الولدِ الحافي إلى رملِ مساء العزلةِ الغامضِ ، كنْ....
واحاتِ حيراتِ الشروقْ
كن هواء الرئة الخاصِّ ،انفطرْ
أضواء ، بعثرني خطوطا فوق ماءٍ مائلِ الحزنِ،
تعذّبني
تعلّمني كما قد شئتَ ،أيقظْ غابة الإحساسِ في لحمِ الغضار المنطفي،اذْهَبْ زفيرا
سُحُبُ العينينِ في رُكْنِ فراقٍ ذكرياتُ امرأةٍ تحتشدُ
مُفْرَدَاتُ الليل أشلاء ُكلامٍ أوّلٍ يكتبهُ فوق فراغٍ جَسَدُ
وتّرْ خيوطَ الكبدِ اطْعَنِّي بدفْقَاتِ الرنين المتلظّي
شدّ ما ينزلقُ الآنَ من الآنِ لعلّي أجِدُ
لي في فيافي خطأ الأرضِ سماءً تلدُ المعنى يتيما
كن كريَم القَسْوَةِ استقطبْ
تراثَ العُودِ واعْطُبْهُ رؤى..كنْ..
فتنةً تعصفُ أوراق اليقينِ الأصْفَرِ العَقْلِ ،اقترفني
جرسًا من موجِ معمارِ الشجا يعلو
وينهار و يعلو،
للدجى خيل من الأنفاسِ تعدو كظلالٍ،
للدجى ومْضَاتِ خلخالٍ مثنّى
حول ساقٍ ترقصُ التيندي، تمزّقْ
أيّها العود الذي يشتعلُ
سُلَّ احْتِمَالَ الخِنْجَرِ الباقي من الإيقاع ، انْحَتْهُ سرابا
يستحِثُّ السَفَرَ ،ارْتَجَّ عياءً يصلُ
هدْهدْ نعاس الموت في جفن الحياة
لحظةً
منحنيا
فوق مياهِ الأبدِ الحالمِ، عتّقْ
آخر القطْرَاتِ من خَمْرِ الصدى يا عود ! و اجرحْ
وردة الآه السجينة
ترنيمٌ ثانٍِ:
كثبانُ ماءِ الروحِ منزلقٌ عليها الكونُ ،
يا نَفَساً ينِزُّ الآن.. من صلصال إنسان الغياب،
لَكَ دمعةُ الحيوانِ في صلبِ الطبيعة،
قطرة الإجهاش من إبريق خمر الليل، يا هِجْرًا
يربّي النار في قنديل بيتٍ من لغة
لك عثرة العشاق في دَرَجِ اللقاء المنتهي بكآبة أخرى
لك امرأة تطلّ عليك مسافرا كالغيم ،
أشجارٌ لك اصطفّت على جنبيْ طريقِ مسافة الذكرى
نشيجٌ من حُليّ ذراعِ أمٍّ في صباح فراق ماضٍ
حشرجات الماء في صدر الغدير المُبتلَى بعبور غزلان البياض
لك خفقة تدعو إلى سفر وراء الطير ،
شيءٌ ينتمي لتراب طفل الذاكرة
لك خطوة القبطان فوق سفينة ترسو على غرق الغموض
من أنت فيّ لكي تهبَّ عليّ منّي،
مُلقيًا بأثاث قطعان الرتابة في حريق الوَجْدِ؟
يا وحدي الذي...
متقطّعَ الأنفاس يذهبُ تاركا جسدي رمادا،
شقّني يا صمتُ نصفين: الصدى والآه، كثّرني وحيدا
ساهرا كالشمع في عتمات لَحْظَاتِ البُهُوت.
*** ***
لك سُكْرُ الموت ما بين ذراعيّ الحياة
لك هذا الجبلُ الذاهلُ مثل الطفل في عُرْضِ الصحارى،
لك ماءٌ يشعل النيران في الصدر،اشتعلْ ثانيةً يا عودُ
قطّعني غيوماً
في مهبّ الفتنة ، استرسلْ
نشيجاً ناعماً يصطاد وحش المرأةِ الأوّل في عينين، قطّعني تخوماً.
*** ***
لك ليل جالسٌ يصغي إلى ترنيم أنفاس المكان،
أنجمٌ ترتجّ في كأسٍ نداماها الظلالُ،
جسدٌ يهمي،
هبوب النوم في قصبات يقظاتٍ، لك البيد الخيالُ .
*** ***
ترنيمٌ ثالث:
صامتا كالثلج في الليلِ يجيء الشجنُ المُنْكسر الرّغبات، يشتمُّ
نسيم التربة الأوّلِ،استرسلْ هباءً يستفزّ الحبْر يا وحْدي البعيدُ خذ قليلاً من قليلِ العُمْرِ واصنعْ ما تريدُ..بِـيَ.صُبَّ لي الشايَ،اتخذ قلبي هنيهاتٍِ صديقاًَ قد أعودُ ذات نصٍّ لأرى ما فاتني مّني، استطال الليلُ.. سلّفْني كلاما كي أقول الصمْتَ، يا صمتاً يصيدُ الخاطرَ في بُرج الفراغ الداخليّ.. خذْ قليلا من قليل الضوء واكتبْ: من هنا مرّ كثير من أناس واستحالوا ورقاً يقرأهُ لي انحناءُ الجسدِ. استرسلْ خريفا عابثاً بالورق الأصفر في بستان رمّان الحياة. *** *** لك غابةٌ من آهَ تمشي فوق ماء، معطف الأبِ عائداً للبيت ،أطفالٌ يشدّون الغمام إلى أمام النّفس،نافذةٌ لها عينان من أمل صبورٍ في جدار الوقت، بيت واحدٌ لك يستضيف الكون لحْظاتٍ، لك الماضي متخليّاً عن الماضي يدقّ البابَ يَسْتَجْدِي بهاءَ الحاضر الشفّاف، عثْراتُ الشَّجَى لكَ في طريق الرّمل تفتنُ من رآك ولم يصِلْكَ، السرُّ أنّك لسْتَ سرّاً، في ظهورك تختفي مُسْتًوْحِشاً خُبْثَ الفصاحةِ، وقفةٌ لهبوب نسْمٍ يقدح الجمرات في برْدِ الرمادِ الآن أنْتَ، مسافرٌ أبداً ولم تبْرحْ مكانك، أين تمضي..؟ حين تمضي مغمض العينين؟، ماذا خلف جَفْنَيْكَ اسْتَتَرْتَ مِنَ العَوَالِمِ؟، كلّما لامسْتَ شيئاً ذاب من وجع الغيابْ لَكَ..
أنّني لا أستطيع الآن أن أُعطيك اسماً، صُبَّ لي الشايَ، اسْتَمِرَّ، اللّيلُ هاويةٌ لِمَنْ لا صُبْحَ يُمْسِكُهُ عن الإيقاع، *** *** ساجٍ هو البحر الذي روّضته بالقرْب يجثو مثل نِمْرٍ مُصغياً للانهاية كلّما مسّدْتَ ظهر الرّمل أنّتْ كبِدُ، يا طفْلَ دهْشاتِ الهبوط الصعْبِ في وادي البداية.
لَكَ...
أنّ الوقتَ لا يكفيك فاخترتَ البقاءَ الآنَ في الآنِ، اطّرحْتاللغةَ المكْتظّةَ النَبْرَاتِ كي ترتاحَ شفّافاًَ..هناك
لك وعثاء الملاك المُنتمي للأرض في سردٍ شتائيّ الحكاية.
هُنَّ أقربُ من بشْرةِ الجِلْدِ، لا يمسكُهنّ الكلامُ
يخبِّئنَ في ماءِ أحداقهنّ السماواتِ،
يُشْعِلْنَ في الثلجِ ناراً، ويَسْكُنَّ في لا ثباتِ الغمام.
*****************
هواءٌ يبعْثِرُ أوراقَ ثرثرةِ العاشقين
ويبقى هواءً.
***************
نساءْ........
يمارسن أسرارهنّ على غفلةٍ من ضجيجِ المُذكّرِ،
يَغْمِسْن خُبْزَ المراراتِ في عسلٍ من أحاسيسَ ينتجنها بالسليقة
يُرقِّعْن ثوبَ الكرامةِ،
يَحْمِلْنَ أوزارَ عيشِ الوجود..
مثلما يحملُ التينُ أوراقَهُ.
******************
مثلما يتخلّصُ من بعض أوراقهِ
شجرٌ في الحديقة
يتخلّصن من بعض ما اصفرَّ من جسدِ الوقتِ،
ينسجن من خيطِ أسطورةِ الطين أضلاعَ فتنتهنّ،
يعلّمن صمتَ البدايات أن يبدأ الصمتَ،
يجمعن قُوتَ الطفولاتِ من سِدْرَةِ الشوكِ،
يلبسن ريشَ ثقافةِ صيادهنَّ،
وراء خيام القبيلة، يقرأن لي طالعي
وتاريخَ مستقبلِ الخيرِ في راحةِ الكفِّ،
يخْلُدْنَ في النّصِ حوراً، ويكبُرْنَ أسرعَ في الواقعِ.
يستطعن الذي دونه الرجلُ الغاصُّ بالعضلاتِ،
يشارُ إليهنَّ بالإصْبَعِ المتفقّهةِ الراغبة،
فجوات المتون،
مخبّأةٌ تحت جلْدِ الفصاحة في الخطبةِ الراهبة
مِلْحُ مائدة الملكِ الطاعنِ في ضجرِ النعمة الشاذّ.
**********************
قد.. تتراكمُ من حولهنّ قواميسُ يحفظها فقهاء النكاحِ المفضّلِ عن ظهرِ قلْبٍ،
وقدْ
يزدحمْنَ عذارى على حافّةِ البئْرِ،
كي يهطُلَ الغزلُ الرَطْبُ فوق ترابِ القريحةِ،
قد يتمرّغُ في حبّهنّ، كما جَرَتِ العادةُ، البشرُ الواقفون
تُحيْتَ الشبابيكِ، لكنّهنَّ نساءٌ..
كما لم يُسمّون،
يمضين،
لا يكترثن سوى للهموم التي رتّبتها ذراعُ الأمومة.
***************
يؤثّثن للذكر العابثِ بالنارِ في زيت أحلامهنّ المكانَ،
وزاويةِ الإتّكاءِ على رُكبةِ اللّيلِ،
والجسدَ الضحلَ والغُسْلَ والنّعلَ والنونَ..
يعبُرهنّ المذكّرُ.. مُجتهداً في اقتناص الوطر.
***************
نساء..........
وراء النوافذِ، خلف الستائر أو
خلف أبوابِ عمرِ انتظاراتهنّ،
يفسِّرُهُنَّ السرابُ
وهندسةُ البيتِ، والمشربيّةُ،
والهودجُ المتمايلُ في الريحِ، والنايُ والنفزوي.
*************
ينتشي طللٌ بتفقّد أسماء شهوته إثرهُنَّ،
ويكتبهُنّ الغيابُ.
*************
الذي سوف يأتي ولا يصلُ، الآنَ، يعبرُ من تحتِ أقدامهنَّ إلى شأنه المتعالي،
على حجر الدهرِ يجلسن مسترسلاتِ البهوت
يرمّمن ما يكسر الوقتُ من عظم رمّانهنّ على عتبات الكهولة،
يفرشن أكبادهنّ الطريّات مثل عجينٍ على النّارِ في لحظة البوح،
يدسُسْن في دفء أثدائهنّ الرسائلَ،
منتظراتٍ، على الأرضِ،
يجلسن مثل بيوتٍ أمام البيوت.
************
كلّما نضجَ القلْبُ شاخ الجسدْ
كلّما خسرتْ فتنةُ النّفسِ بعض حدائقها، ازدهرت شهوات الخطاب
كلّما قيل أنثى
رأى الشاعرُ الفحل فرصته لاقتراف الكلام
هذه المادّةُ الأنثويّةُ في غابةٍ من فتاوٍ،
نساء.....
يتراكمن في النّارِ أو يتثائبن في جنّة الوعظ والاحتلام.
**********
ولكنّك الآنَ يا أمُّ... أمّي
فمن أين تأتي التفاسيرُ والسِحْرُ،
والعنصرُ اللغويُّ الذي
ليس تمسكُه النّارُ في جهد كيميائها
خلسةً أتفقّدها مثل طفلٍ سيسرق فاكهةً،
هذه المرأةُ الآن قد حملتنيَ في بطنها أشهراً.. تسعةً.
هذه اللحظةُ الصعبةُ السهلةُ المستحيلةُ والممكنة.
كيف أكتبها
قُوّةُ الضعفِ أنتِ التي هي أنتِ هنا وفقط
كلّما ارتختْ عضلاتُ مصارعِ وحشِ الأساطيرِ
أو سقطت دولة في مهبّ الهباء
قيل امرأةٌ.
كلّما استيقنت قصّةُ الروحِ من سرد أمجادها
كذّبتها شروخُ الجسد.
**********
نساء
يراقبن في عتمات المرايا انسحاب السنين
يلتحفن صباح المعيشاتِ في زحمة الباصِ،
يرصُدْنَ من ثُقُبِ البابِ عودةَ ظلٍّ إلى الدارِ مفتقداً شأنه الخاصّ
يعجُنّ خبز المساءات بالدمع، يحملن أعباء نمُطْفاتِ مرجلةِ البُعلِ في ليل أحشائهنّ،
يبخّرن للبطلِ الفارعِ القامةِ، المستطيل الشواربِ برنوس ليلتهِ،
ينسحبْنَهْ..
مثل هاء السكوت إلى هامشِ النحو في غفلة عيون البلاغة،
منذُ دمٍ أوّلٍ مُبهمِ اللّونِ حتّى
دمِ الاحتفالِ بموهبةِ الفضِّ،
منذ النتوء المُبشِّرِ بالاختلاف الخجول
إلى أن يجفّ حليبُكِ يا أمُّ،
من ذا يسمّيك من دون أن تتداعى عليه الكنايات؟
من ذا رأى امرأةً بالبداهة؟
*****************
كُنّ يصنعن في عيدِ حمّامهنّ طقوسّ التجرُّدِ،
يعْرُضْنَ أزواجهنّ وُشومَ ازرقاقٍ على فِضَّةِ اللّحْمِ.
يدخُلْنّ في وهْجِ حريّةِ الماء،
يفضحْن ما كتبته الثقافاتُ فوق الجسدْ.
طبيعيَّةً....
تتقطّرُ أخطاؤهنَّ،
كحنّاءِ شعرٍ تبلّلَ.
************
لا لغةٌ تتجرّأ أن تكتبَ امرأةً غيرَ نحويّةٍ دون أن تُفلِسَ/ السِرُّ
أن ليس في الأمرِ سرٌّ سوى أنّهنّ........
يُخَبِّئُهُنّ الظهورُ.
ثمّ اشمخّرتْ قامةُ الممدوحِ في بيداءَ من أتباع..
ـ: بَخْ......... كتلةٌ من ريحِ ما ضخّتْهُ في جمجُمةِ الروحِ طبولُ الصدفِ الملأى بألقابٍ وموتىً وكراسٍ وشحومٍ
كتلةٌ من تخمةِ التعبيِر تطفُو مثلَ زيتِ الخبثِ من فوقِ سكوتِ الماءِ في نهرِ المآسي
كتلة ممّا تربّى في خياشيمِ زكامِ الوقْتِ،
قُلْ لي:
ما الذي ينبتُ في قيعانِ رغباتِ امرئٍ من قصبِ اليأسِ إذا هبَّ اصفرارُ الواقعِ المحشوِّ بالحكمةِ في أن يلبسَ النِمْرُ فِرَاءَ البُلْهِ،
كلّما عُلّقَ فوق الحائطِ الباقي من المبنى بلاغ الببغاء اتّسعَ الخرْقُ على الراتقِ واسْتَنْقَعَ في المقهى الأناسُ
*** ***
رُب ََّ موتٍ لم يجدْ غيَر الغُثاءِ..
حوله مُزْدهرًا فاختار أن يمضي فقيرا ،
ربّ ضوء ٍهزئتْ منه رُؤًى مظلمةٌ فاشتاقَ عمقَ الامّحَاءِ
رُبَّ ليلٍ خاف أنْ يُفضِي إلى صبحٍ سفيهٍ سِرَّهُ
فاندسّ في صمت نجومٍ حُبِسَتْ في حكمةِ الماءِ...
لمن عيرٌ تخبّ الآن صوْبَ الحزبِ كي تحْسُوا الخرا...جْ،
أيَّ نفطٍ رضعوا كي ينهشوا الأثداءَ من أُمِّهمُ باسم انخراطٍ في الصراطِ المتهاوي
كلّما مستقبلٌ هُجّر في باخرة اليأسِ تصابتْ حيزبونُ الدار في اللهو المريض
قِيل: وادٍ من نزيفِ الخيِر أن ترقى إلى صوْمعة الألقاب أن تنسلّ من شعبٍ تلظّى
و تشظّى
ثم غابْ.
قِيل :إن تمشِ وراءً تتمرّغْ أبدًا في نعمة المرضيّ عنهُ
قِيل: إن تَقْفِزْ تَحُزْ قبل أن ينغلق البابُ على من تابَ ،
وحشُ الغبِن بالمرصادِ خلفَ البابْ
قيل: في قُمْصِ الولاءِ استترُوا يا معشرَ الحجّاب.ْ *** ***
*** ***
قيل ها رفّتْ على حبلِ غسيلِ الصحفِ الشّعثى سراويلُ رجالٍ سقطوُا في الليلِ من فوق سريرِ امرأة ٍتُدعَى السِياسة..
قيل ضربٌ من بلاءِ الهؤلاءِ .
اغتبطوا بالغيمة المدسوس فيها غضب العقبى وظنّوا قيعة الفتنة ماء.
*** ***
وتباهى فتعرّى
قيل ماذا.. تمسكُ الكفّانِ من كيسٍ بآلاف الثقوب،
*** ***
دولةٌ
أم ْخيمةٌ أوتادُها الأمزجةُ التترى؟
وهلْ بدوٌ و قد حَطُّوا
رحال الحافر الذهنيّ في إستبرق الغفلات و الإسمنت
و الزلّيج فاشتطّوا
لعابٌ، كلّما قِيل انتخابٌ سالَ و اسْتَمْنى حسابٌ
لغدٍ في بنكِ سِمْسارِ الفرصْ
حتّى إذا ما نفَِدَ الزادُ و صادُوا ما أرادُوا
كمشُوا أغراضَهم و انكمشُوا في ظلّ قَيْطُونِ العشيرة.
*** ***
مالذي يحرثُ أرضَ اللغة الآن سوى غربةِ هذا الجسدِ المصقولِ بالكيد المتين
مالذي استشرى سوى أنّ الهواء الآن من كلّ رئاتٍ أثثتها خيلاء الحمق مطرودُ،
أرى مخطوط شيخِ الوقتِ في دُرْجِ اختباراتٍ يراني
شمعة تكفي لفضح الظلمةِ المكتظّةِ الأمعاءِ في بطنِ الزمان،
هل أرى عريا تغطّى بحديد الوقت أم وقتا تمطّى
كي تمرّ الأرجل العجلى إلى ماذا..عليه؟ اغتابني نصّي،
ولم يفلح بيان بال فيه العابرون امّاعتِ النارُ
كأنّ الصمتَ خازوقٌ عليه العصْعُصُ الثرثارُ مرشوقُ،
تباهى الشحمُ و اندسّتْ عظامُ الحقِّ في غيبِ الكناية..
خطوتي نحوي امّحاءُ الشيءِ فاكتبْ ما ترى في ماء تيهِ.
************
ليكنْ ما خطّه الطبشورُ فوق الحائطِ العاري طفولة و تجوّلْ حافيا يا وقتُ، أعشى،
فوق أكياس القماماتِ التي تُرْمى من المبنى لتزداد الكهولة
ورمًا،
عكّازُها التدخينُ، ولِيَسْقُطْ ذبابُ الضجرِ الأعتى على مائدةِ الرزقِ، ليفتحْ
تاجر الفطنة دكّاناً لردمِ الحفرِ الرعْناءِ في جسْمي برمْلِ المتعةِ الشتّى
لِتصْعَدْ فوق فُوهاتِ قدورِ العيشة العُسْرى هنا
أبخرةُ الوعْظ الدَسِمْ
و لتختصرْ فلسفةُ الناسِ الحياةَ الآن في شبْهِ الحياة.
لكأنَّ العيشَ إسكافيُّهُ لم يستطعْ ترقيعَ ثقبِ الموتِ في هذا الحذاء المتسمّى جسدٌ،
واسْتعصَمَ المسمارُ بالدنيا صديئًا رأسُه يرنو إلى الكُلاّبِِ من تحت غطاءِ الجلْدِ في شمسِ نهارٍ حامضِ الإبطينِ، واذهبْ
أيّها الوقتُ إلى السّوقِ اشْترِ الأيّامَ في كيسٍ وبَعْثِرْهُ لكي يقتاتَ من آثارنا دودُ الكآبة.
أيّها الملحُ الذي بِيعتْ له أفئدة الطيرِ ولم يبق من الكفّ سوى سبّابةٍ تومئُ للترف العابر في عُلبة فولاذٍ بمنأى عن غبار الواقع المجدور، هذا الديدنُ المسرور بالقحط المحيطِ،
ويكأنّ الشيءَ قتلٌ..لك بيع النبلُ في صمتِ الجماد الحرّ، بيعتْ.. لنفاقٍ زخرفته خُطَبٌ، سبْحاتُ جدِّي المنحني في صمت محراب الصفاء
بيع فستانُ فتاةِ العشقِ للماخورِ في أعراسِك الكُثْرِِ، لَكَ الباعةُ في حيّ الحياةِ المُسْتَحِي من دُعْرِكَ الممدوحِ بِيعُوا، ثمّ بيعت لك يا وقتُ جلود الحيوان الشّهْمِ، بيعت لك حتّى قِرَبُ الماء المندّى وكراماتُ الصباحِ الباكرِ الماضي إلى بستانِ عيدِ العَرَقِ الصافي، لك الأشجارُ بِيعَتْ واستظلّ الملأ الضحلُ بإسمنتِ غباءٍ شقّقته حكمةُ الغشّ، وبِيعَتْ، أيّها الشيءُ لك الآياتُ حتّى في نصوصِ الغيب كي يزداد هذا الكونُ ضِيقًا، أيّها الشيءُ السِوَى..!
ظلُّ التمشّي في رواقٍ يتلوّى بين ميلادٍ ونعشٍ، يا لهاثاً شيّب الرغبة في طينٍ يعضّ الكفّ من أجل وصولٍ نحو هيهاتٍ يُرى في قِيعةٍ .بيع لك المستقبلُ الممتلئ الجعبة بالخِصْبِ، وأقلامِ خيالِ الطِّفْلِ، بِيعتْ دهشةُ التنّور في كُمِّ شتاءٍ يرتدي عائلة الليل ويمضي تحت جنحِ الدفء في صحبةِ جدّاتٍ مُضيئاتٍ إلى غابات رُمّان اللغة.
بيعت الأمّ التي ربّت حليبَ النُبْلِ في شخصيّة المعنى إلى نسيانك الصلدِ، لك العتبةُ أيضًا بِيعَ قُفْلُ الباب فيها لحديدِ الصدأِ المدعوّ ماضٍ، وافتتحتَ الآن صالونَ اصطيادِ الحظّ في دَغْلِ متاعٍ حادَهُ راعٍ إلى بوُرِ الطباع، امَّاعَ فيك النّاس مُذْ أعطوك ألقاباً وصرت الطُوطَمَ العُزّى لهمْ
يا شيءُ، يا ذا الهيكل المنفلتِ الشكل وذا السحرِ الذي يكشط عظمَ التُرْقُوة.
قُلّبٌ لا وجه لكْ
أيّها الشيء الشبكْ
من تمنّاكَ.. هلكْ
من تحاشاكَ..امتلكْ
لك عيدُ..
أن تراني لا أرى شيئا سواك الآن في أصقاع وحدي،
يا غريب الطَيْلَسَانِ
مُخْرِجَ الخذلانِ من حِبْرٍ إلى حِزْبٍ ومنفى.
واهبَ الكتّاب ليلاً سرمديّ الغثيانِ، لك هذا المكتب الدكّان بالإشهار مزدانٌ. لك فخٌّ منْ عُطورِ الفتْنةِ الصُغرى، ورَبْطاتٌ لأعناقِ شخوصٍ صادهُمْ قوسُك بالمكْرِ الذي فيهمْ، وأوراقٌ لفنِّ اللّعبِ الأعمى على حبْلِ ذكاءٍ أحمقِ الروحِ، فساتينُ قضاةٍ ومرايا ونواصٍ وملفّاتُ قضايا استنكِحَتْ فيها القوانينُ، لك الموْهِبةُ النَّجْلاءُ في تمييعِ قارّاتٍ من الأعماقِ والجدوى، لسانُ الهُزْءِ ممّنْ أعْرضُوا عنْ جُحْرِكَ المحشوِّ صِيتاً، لك هذا الغبْنُ فيك....
لك أيضًا دولةٌ كاملةٌ يا وقتُ في الصندوق والشيءُ المُدلّى كالعراجينِ منَ السقْفِ إلى أخماص أقدامِ الخيالِ: بصلُ الحيلةِ، ثوم الخطبِ الحدباء، كبريتُ النّهى، فقهُ الرداءاتِ، صباحُ الخير والضرس الوديعْ ماردٌ أنت عُتُلٌّ وضليعْ
في خطابِ القَفْزِ من قاعِ إلى باعٍ، وأين انْساقتِ السوقُ استَبَقْتَ الرّيحَ يا شيءُ. .!
على صهوةِ كرسيٍّ فخورٍ أو على أكتافِ عِيرٍ وإوزِّ،
جيشُك الدودُ الذي ربّيْتَ في حوْض الطمعْ.
تحسِنُ القعدةَ في مقهاك محفوفًا بقصْباتٍ تُغنّي لك يا بدْر الدّجى، يا وقتُ ! من أين اتجهت الآن يمشي خلفك الظلُّ السلوقي ماهرا في صيد أخبار غبار الناس،فحلاً، مستقيمَ الهرولة.
أيّها الشيءُ الذي ليس يُرى من نتنهِ في كفّك اليومَ هنا يا موتُ عودُ.
أيّها الشيءُ الوقودُ
في خيال النّارِ، يا مرآةَ معيارِ العبورِ الصعبِ نحو الجهةِ الأخرى منَ القلبِ الذي يختارُ، واحْتارَ المعرّي فيكَ واستعْصَى عليك النِفَّري،موتاك مأواك الذي فيه تَراك..
ما سِواك الُله، والدنيا عروشٌ لكَ فاجْلسْ خائفًا من ثقْلِ قِطْمِيرِ جناحٍ في بعوضِ الغيبِ، ممّا ليس شيئًا،خائفًا كلَّ اختلافٍ عنك،مفروشٌ لكَ الصلصالُ أتباعًا ومدّاحِين،لم تتركْ بها شبراً عليه وردةٌ ترتاحُ ممّا أنت،فلاّحُ الفراغ السهلِ، يكفي أن تكونَ الخاطرَ المارَّ برأسِ الوقتِ كي يزدهرَ الشوكُ الذي يُرْضِيكَ في عُجْب اخضرارِ الباطلِ الممتلئِ الشِّدقيِن بالرّيحِ التي منْ كِيرِكَ المنفوخِ تحت الثوبِ هبَّتْ،حين رنّ الهاتفُ المحمولُ في جيبِ التعالي فوق أوساخٍ ترامتْ منك أثناءُ مرورٍ نحو شغلٍٍ شاغلٍ في شارعٍ غاصٍّ بلا شيءَ سِواكَ الآنَ ياشيءُ،
رقابٌ تلك أم بعضُ الدمى علّقتها في خيطِ نزْواتٍ،وسرْبَلْتَ الجسومَ الرقَّ في قُمْصِ النذالة،
ثمّ أرّقت الظلامَ المتغطّي بمشاريع نهارٍ، ثقةُ النّاس بما روّجت فيه السلعةُ المثلى لبيعٍ خاطفِ الرّبحِ،اختصرت الناس في الردح الذي تحياه فيهم، أيّها الشيء العجابُ
لك نابُ الضبعِ في أكبادِ أغنامِ السذاجة
وتجوّلْ
خلسةً يا وقتُ في خُمِّ الذُراقِ الواقعيّ ِالآنَ بحثًا عنْ دجاجَة
علّها تُعطِيكَ بيضَ الذهبِ المدعوِّ حظَّ القفزِ للأعْلَى على متْنِ الذُبابِ المتهاوي فوْقَ أكياسِ القماماتِ التي فلَّحْتَ في صوْبٍ وحدْبٍ،واخترعْ ما شِئْتَ من عُذرٍ وحاجَة..
لِتَزُجّ النّاسَ في فجّ التواءاتِ تقوِّي فيكَ خُرطومَ امتصاصِ النسْغِ منْ عودِ الحياة، اسْتَنْبَتَ الغاوونَ قرنينِ وذيلاً لك واصطفّوا على جَنْبيْك حُجّابًا وخيلاً فتبجّحْ، أيّها الشيء وثـبِّجْ فوق كِتْفَيْكَ عصا الراعي، وأَرْجِحْ رأْسَك المثمولَ وِفْقَ الحبّةِ السوْداءِ في كيميَاءِ ليلِ النّفسِ، قدْ سِيقَتْ لكَ الأيّامُ و الفتوى.
كأنْ ما كنْتَ طفلاً ذات يومٍ ! أيّها الشيءُ! ألَمْ يَعْبُرْكَ شكٌّ شاعريّ؟
لم تُعذّبْكَ نجومُ الليلِ في التفتيش عن بدءٍ!
ألم تلعقْ مخاطَ الأنْفِ مذهولاً أمام الغيمِ فوق الدار في "دُوّار" ماضيكمْ؟
ألم تُلْزِمْكَ حصْباءٌ فراشًا،
لم تعلّمْكَ العصافيرُ الخيالَ الحرَّ،لم ترضعْ حليبَ التينِ،
لم تركبْ حمارَ السقْيِ من بئرٍ متاهٍ،
لم يسائلْكَ خريرُ الماءِ في ساقية القريةِ،لم تشربْ نسيم البحر من كأس الضحى، لم تقترفْ ذنبًا يضيئ الدمعَ في العينين،
لَمْ تَصْطَدْ فراشَ الغبطةِ الشفّافِ،
لم تدخلْ إلى كهفٍ وحيدًا لترى الله رفيقًا فيك،
لم تعطُبْكَ موسيقى لم تخضّبْ فيك حنّاءُ حياءِ الحبِّ لحمَ الوجه، لم تُنْضِجْكَ أخطاءٌ صديقة
يا لهول الفقر فيما بين جنْبَيْكَ !
ألَمْ تصْحَبْ أباً في السعْيِ عند الفجرِ مشدوهَ الخُطى؟
منْ أنت؟من أيْن انْدلقْتَ التوَّ في صحْنِ امتعاضِ الوعْيِ،
قلْ ِلي مرّةً.................
هل أّمُّكَ الإمرأةُ الإنسانُ أم فرْجُ عُبورٍ عاجلٍ،
هل أنتَ هارُوتُ الخليقة؟
حبّ
حاء البحرِ وباءُ البرّْ
والموجةُ بينهماتمحو ما تكتبهُ ريحٌ
والسرّْ
في حاء البوحِ بما في الباءِ على مرأى حبّاتِ الرّملْ
لو فُكّت باء الحبّ إلى بائينِ
لضمّهما حاء الحدّةِ ثانيةَ في همسةِ ظلّْ
لولا قوّة صمتِ الباء
لفاضتْ حاءُ البحر وأغرقتِ الدنيا
بحرائق ماء.
عشق
العين تنظر ذاهله
والشين شهد الشفتين وعين حراس المعاني غافله
والقاف أوّل قبلة قبل الكتابة، قاتله.
سفر
السين سؤال يلهث خلف جوابٍ يكتبه
فوق رمال الوقت سرابْ
الفاء فيافي الخطوة بين الباب
وبين هواء آخر خلف البابْ
والرّاء رواية روحٍ تخذلها الأسبابْ
حياة
الحاء حيرة كائنٍ يصطاده ملك الأجلْ
والياء خمرة يائس يصحو على ألف الأملْ
حينا من الدّهر المسمّى: العمرُ،
ثمّ يغيب في تاء التراب على عجلْ
الكلام
الكاف من كيٍّ بلا نارِ
واللام ليل لامسته آه محتارٍ بنارِ
والميم ماءُ كتابةٍ من معدن النّارِ
المرأة
الميمُ مرآةُ الذكورةِ في البلاء الأوّلِ
أو رغبة في الراءِ ترصد قرب ماء الجدولِ
ألفَ الأنوثة في نوىً بين الدخول فحوملِ
والتاء تيهُ صبابةٍ جرحتهُ ريحُ الشمألِِ
جسد
جيم جمرٍ يتغطّى بثياب
فضحته سين سكرٍ
أيقظت في دمه دال دموعٍ
فتغشّاه غياب
بيت
الباء باب نصف مفتوح على أمل الرجوع
والياء ينبوع التذكّر حين تبتعد الفروع
عن جذع أمٍّ أطعمتنا تاؤُتها تينَ الدموع
وطن
ويكأنّ الواوَ وجهٌ في مرايا انكسرت فوق حديد
طَعِنَتْ في السنّ طاءٌ مثل داء يتداوى بوعود
نون نهر من دماء تلك أم نسلٌ تربّى في قيود
ماسورةٌ مكسورةٌ في الشمس تنزف بالوحول
وملطّخٌ وجهُ الصباح برغوة الصابون تهطل من مناخير المباني
بائعوا علب السجائر لم يبيعوني سوى ضجري من المعنى الملازم لي
كثوب عباءةٍ متقطّعة
مقهى يثرثرُ مثل منشار،
يجفّ الماء في الأحداق،
تستعصي الوجوه على التبسّم في الوجوه
إيقاع صوت "الراي" ينضح مثل زيت محرّك قد شاخ..
يستهوي ذبابا في الهواء الحامض الأنفاس،
أبغي قهوةً معصورةً والماء،
شعرُ النادل المصفوفُ للأعلى كشوك ناتئٍ متلمّعٍ بالدّهن يشبهُ عُرفَ ديك في المرايا
كلّ شيء في المرايا
لوحة زيتيّة تمشي،
***
يمرّ الناس في علبٍ من الفولاذ،
يحيا النّاسُ في علبٍ من الاسمنت،
يمشي النّاسُ في علبٍ من العاداتِ،
في علب انتخاباتٍ معبّأةٍ بوهمٍ باذخٍ يتخمّر المستقبلُ المعجونبالأطماع ،
فوق شجيرة عطشى وراء الباب عصفورٌ يطير
إلى سماء ما خفيفا، لا بطاقة لا ضرائب لا ديون.. ،
ولا حوالاتٍ، سأحسده
أرى جسدي
ملفّاتٍ مكدّسةً كثقل بضاعة تلفتْ بميناء،
عليك الانتظار إلى انتهاء نقاهة المسؤول،لم أسأل متى،
ورجعتُ،كان مظفّر النوّاب في أصقاع ذاكرة يرشّ القيح فوق خرائط ويصوم عن خبز التبختر في لباس فخامة الدّعر الجديد
تتبذّر الأيّامُ بين يديك مثل دراهم السكّير في الحانات،
مثل شتيمةٍ يزبدّ سوق الوقت في فيه النهار
هذا هواء الروح ينقص في زحام تراكم الأشياء،
والكلمات تنقص مثل ماء مسافرٍ في القيظ،
حتّى نعمة الصمت المضيئة في ظلام الهذر تنقصُ،
ينحني ظهر المعيشة مثل قنطرة تآكل عظمها صدأ المذلّة،
يرسمُ الأطفال في الجدران عوراتٍ بفحم أسودٍ
ويمزقّون دفاتر المعنى المُطبشرِ في المدارس فوق وحل الشارع المحفور،
تزداد انتصارات الضجيج،
مليون مقهى في مكان واحدٍ،وحديقةٌ صفراءُ ،
مدرسةٌ مكسّرة الأبواب، أو علمٌ يرفرفُ،
فوق أكياس القمامةِ، أحسد العصفور،
كنتُ
أمام طابور انتظار الخبز يخرج من لهيب الفرن، تعبرني الكهولةُ
مثل تابوت، أمدّ إلى متسوّلٍ عشرين ديناراً لعلّي قد أصدّ تحرّش الاحباط بي،
*************
غابات حيطان لتقسيم الهواء على مقاسٍ هندسيٍّ،
والشوارعُ
للتسكّع فوق مطّاط المطايا،
مِرْفَقٌ للاتّكاء على الفراغ الفظّ،
جمجمةٌ لتجريب العقاقير الحديثة،
حاجز الأمن المطهّمِ بالكمائن والعطايا،
صار خمّ الوقت أضيق من ممرّ نحو محكمةٍ مؤثّثة بأيتام الطلاق،
بفتيةٍ سرقوا صواع حظوظهم من جُحْرِ وحش الواقع المزدان بالماضي الفخور
كأنّ وعثاء انتمائك للهباء هويّةٌ تمشي على قدمين من نحسٍ يقاسمني الحساء
وراتب الشهر المقتّر في إناء الدَّيْنِ،
أخطو مثل صلصال توشّمَ بالمخاوف والحروز
على رصيف ربّما قد غشّ في تبليطه البنّاء وازدرد الاداريّون ميزانيّة الاسمنتِ،
أوحشني الترابُ،
معفّر وجه الجريدة بالفضائح،
بالمدائحِ، بابتسامات السيّاسيين،
جلد الأرض منزوع ومدبوغ بأحجار القلوب الحادّة الأضغان،
أحصي ما تبقّى في الزحام القاحل المكتظّ، لا أحدٌ،
يُرى في الحشدِ،
صنّاع الهتافِ،
ورافعوه بلافتاتٍ من قماشٍ طوله خمسون ألف عباءةٍ بيضاءَ،
ريعيّون منغرسون في أصص الكراسي
أو هلاميّون منتشرون في بهو الشؤون،
مقاولون يزاولون مهارة الربح المريح
وبهلوانيّون، تجّارٌ صيادلةٌ وعشّابون،
حجّاب الرشاوي، نافخوا الأبواق، أشياخٌ حداثيّون، بيّاعوا الرقى،
أتباعُ أشباحِ البطانات البلاطيّون، حرّاس البطون البكمُ، والباقي غبار الشارع الحافي
***
دفعتُ لنادل المقهى حسابي
وانصرفت،
لحقت بالعصفور
ها أنتَ ذا..
جسدٌ كما سمِّيتَ،
منذ حكايةِِ الصلصالِ حتّى..
دُودةِ العفَنِ التي ستعيث فيك..
تحُيت أرضِ الآخرة
ما أفقر المرآة حين أظنّني سأراك فيها،
كلّما حاولت أن ألقاك حاصرني قطيع الوعْظِ،
أغلفةٌ من العاداتِ أنت كحبّةِ البصلِ/ النعوتُ..
مآزقُ المعنى،
يواظبُ طيفُكَ الطينيُّ في صدِّ احتمالاتِ الكلام
في غيهب اللغةِ اختبأتَ، اثّاقلتْ بالصمتِ غيماتُ الغريزةِ، وانهمرتَ على تراب الذنب تَوْبَاتٍ.
لباسُك ذاك أم حِيَلُ انفلاتكَ، قد تلامسُ بعضُ أشياءٍ حضوركَ، قد تفكّ مهارةُ القرّاءِ لي
سيمياءَ ما يَعْرُوكَ من تلف الوجود
...............................................
يمشي..
بيَ هذا الجسمُ على سكّين صراط الآن،
عجينُ ترابِ البدءِ،مكانُ استنباتِ همومِ العيشِ،
يراوغُ، يخفي..
خلف قماشِ الوقتِ فداحةَ جوهرهِ المعطوبِ،
يراوغُ..
ثمّةَ..حتّى آخر شعْرات الرأسِ..
حدائقُه طُعْم الرّغباتِ،
يفسّر بابُ النّومِ رسائلَ تهطلُ من غيْماتِ اللّيلِ عليه..
موائدُ أطعمةٍ،
وخمور..
عصيرُ فواكهِ غاباتِ الأرضِ جميعا
تعْبُرُهُ،
لا شيءَ يمتُّ إليه..
سوى ما ينبتُ أصلا في أتربة اللّحمِ:
سؤالُ الغيبِ الأزرقِ،
رعْشاتُ الوُحشة قُدّامَ البحرِ،
امرأة الضِّلْع الأيمنِ..
دودُ الوعي.
.................................................. ..
ها أنت ذا....
من بسملاتٍ في الجهاتِ الستّةِ الملأى بلامرئيّة الكونين حتّى...
لحظةِ الخَوَرِ التي صاغتْكَ،
مندلقٌ إلى أرض امتحاناتِ السماء
لكَ ظلّكَ الموثوقُ بالقدمين يفضحُ ثِقْلَكَ المرئيَّ،
قدّامَ الخلائقِ،
تحت شمس الوقتِ،
محشوٌّ مخاوفَ،
تحتمي بمعادنٍ وتمائمِ،
بادٍ خرابُكَ في ادِّعَاءِ القوّةِ، اسْتَكْثِرْ،
كما شِئْتَ، المرايا،
قد رماكَ بقوسه الموقوتِ من قبل الولادةِ خادمُ الموتِ المطيع،
كالطريدة أنت، لا تنفكّ تخذلك الطبيعةُ والنفَسْ
يا ذا الثقوبِ،
من أيّما جهةٍ أتيتكَ لم أجدْكَ سوى هشاشاتٍ مُدرَّعةٍ بفولاذ المطايا،
كائناتٌ رخوةٌ شتّى تكون عليك مُشفقةً..
تراك تُعاركُ الجدوى
تشدّ حزام سروال الصباحِ مُهروْلاً نحو ارتزاقٍ،
تحتسيك شوارعُ،
يغتابك المقهى،
سواءٌ كنت مفتولا كآلهة البدائيين في المخيال أمْ..
كنت اتخذت متانة الإسمنت مأوى،
ناعما في خزّ عاداتٍ،.. تراكَ
تضاجعُ الأشباحَ مكتظّا عطورا،
مُتعبًا من فرْطِ ما استُهلِكْتَ في إنتاج لذّات الزوال،
محصّنا بالتكنلوجيا،
بالعقائد،
بالعقاقيرِ، اتّرعْتَ الآن.
ما أصفاكَ
حين يزورك المرََضُ المفاجئُ،
حين يمحو كِبْرَكَ الحمّامُ والغسّالُ،
حين تنامُ كالإسفنجِ في قيلولة النسيان،
أدري
أنّ وعْثَاءَ الكتابةِ أنتَ...أنّ الحبرَ شفّافٌُ كماءٍ
حين يحضرُه غيابُكَ،
يا انفلاتاً ،
يفلسُ المعنى ،
ويا فَضْحًا أغطّيهِ بغربالِ الكلام.
.................................................. .................
يمشي
بِيَ هذا الاسْمُ على إسْفَلْتِ الحاضر،
صندوقُ سؤالٍ...تحمله قدمان،
مساحةُ إمكان طبيبٍ،
بقعةُ لحمٍ للوشم،
فضاء استحضار طقوس الشهوةِ،
إحداثيّاتُ صلاةٍ،
قاعدة استقبالِ خطابِ الغيبِ
لذائذُ جلاّدِ نظامٍ شاذّ،
متنُ الجنّةِ،
متنُ النّارِ.
.............................
يسافر ُ
مثل النيزكِ بي هذا الإسمٍُ ..
منذ امرأةٍ وَضَعَتْهُ..
حتّى..
لحظات ِسقوط الورقِ الأصفرِ في الماء،
ألفٌ
خاءٌ
ضادٌ
راء.
حمّام
مهرجان الجسدْ
وحده الماءُ ينطقُ،
يرفضّ من قبّة السقفِ، من بَشْرَةِ الجلدِ،
من حائط الحجر الصلدِ، من زخرفات البلاط المُدوَّرِ،
يهطلُ من فوّهاتِ الأنابيب،أو.....
يتفصّد من كِيمياءِ الغددْ
.............................
جسومٌ ذكوريّة الطيفِ تقعي
على الأرض ،
تجلس في وسطٍ فوق مُرتفعٍ دائريٍّ،
تغيبُ..
وتحضر ما بين بابين بينهما ظلمةٌ،
تتمدّد أو تنحني في بخار السخونةِ،
شيءٌ من السُكْرِ يعرو خرائطَ من عصبٍ وشعيراتِ،
هذا الغيابُ/التعرّي الضروريُّ أو
ربّما ..
هي كينونة اللحمِ تسترجع البَدْءَ،
شيءٌ هنا يتذكّره وحده الجسدُ البحتُ،
شيءٌ تمارسُهُ الذاتُ مع ذاتها صامتة
ليس تنظر إلاّ
إلى واجبات صيانةِ قوقعةِ الطينِ،
لا تتحرّكُ إلاّ الأياديَ والأذرعُ المستطيلةُ تصقلُ جِلْدَ الوجودِ،..
كأنْ..
رغبةٌ شبهُ صوفيّةٍ هِيَ.. في الاشتغال بعضويّة المحوِ،
بعض الجسوم..
تفضّل أن تتعاطىمع الماء مخفيّةً
في الظلام المجاورِ،
..............................................
حتّى الطفولةُ
حاضرةٌ هيَ،
مدهوشةٌ
تتأرجحُ تحت رعاية عادات أيدي الكهولةِ:
لا ينبغي الانزياحُ عن النيّةِ الظاهريّةِ،
لا ينبغي الانزلاقُ إلى شهوات التخيّلِ،
لا ينبغي الاقترابُ من العتمات
سوى بيدٍ تتوضّأُ.
................................................
هندسةُ اللحمِ قد تتعدّدُ فيها القراءاتُ:
ما وشمتْهُ التجاربُ،
ما خطّهُ الزمنُ الوعرُ،
ما امتصّه عطشُ الرّغبةِ الصامتُ الصاخّ،
ما كسرتْهُ رياحُ حياةٍ فجائيّةٌ،
ما سرقته المناقيرُ من عِنَبِ الصِحَّةِ الصُلْبِ،
ما أَهْدَرَتْهُ الترائبُ من مَاءِها
في المتاهِ المؤنّثِ،
ما فَضَحَتْهُ المحكّاتُ والدَعْكُ من خَوَرٍ في العظام
ما تبقّى من العمرِ في آه شيخوخةٍ...تتدثّرُ،
ما تستعدّ له هُورمناتُ الفحولةِ من وطر اللّيلِ،
ما..حملتْ رُكَبٌ هشّةٌمن كُرُوشِ الفخامةِ،
ما قوّستْهُ المعيشةُ من أضلعٍ الكهلِ، ما..
يتقتّر من نعمةٍ في المعدّةِ، أو
ما يغصّ به الشِدْقُ من بَذَخٍ أَحْمرِ.
.................................................
وحده خادمٌ
يتنقّلُ من بدنٍ
نحو آخرَ، من حجرةٍ
نحو أخرى.
بحريّةٍ،
أو بداعٍ من الحرفة الخاصّ،
يقتات من حاجةِ الآخرين إلى جسدٍ آخرٍ
لاحتواء الجسد
.................................................
مناخان اثنان بينهما البابُ لا يبغيان
خشبٌ أسودٌ بالرطوبة منتفخٌ، كلّما دفعته يدٌ قسمته لبِضْعَ ثوانٍ،
له باطن من بخار،
وله
ظاهرُ الاستراحةِ في قاعةٍِ .
..............................
يستعيدُهنا اللحمُ هِندامهُ
مفرداتِ الظهورِ،
وعاداتِهِ الخارجيّةَ،
أشياءَهُ:
قطعةً قطعةً
يتوارى على مهلٍ
في ملابسَ،
يدفع مصروفَ حمّامهِ
ثمّ ينصرفُ.
05/12/2007