بعثرة في آخر الطريق..
د. ريمه عبد الإله الخاني
لاأدري كيف دار الحديث مع صديقتي التقية، حتى قالت لي :
-أنت مبعثرة من الداخل!!
جملة فاجأتني لم أفهمها جيدا..وخطر في بالي سؤالها ماذا تقصدين؟ ولماذا؟ وكيف حصل هذا؟ ومالحل؟..وكأنني أستنكر على نفسي تلك الصفة !، فوجدتني أسأل نفسي من جديد..فقد أغلقلت الواتس مؤقتا وتركتني نهبا للحيرة..
هل هو سبب انقطاع الإلهام الأدبي؟ أم البعثرة السلوكية هي سبب لانقطاعه؟!..أم أنا دوما هكذا؟..حتى بعثرت الفكرة في مجموعة العائلة الواتسية ..
-اسمعوا ياأولاد..أمكم تبعثرت على آخر الزمن
-وبعثرتنا معها
-منذ متى مبعثرة؟
-معقول؟
-لا لن أصدق، هذه إشاعة..
-في زمن البعثرة، لابعثرة تكفي للبعثرة..فنحن جميعا مبعثرون.
-إذن لابعثرة بعد البعثرة..
كنت سألت كثيرا عن انقطاع الإلهام..فجاءني غوغل بلفة بيضاء على لسان شيخ من الشيوخ يسأل ويجيب:
-بدلا عن كتابتكم حروفا لايقرأها أحد..وفلسفة لاطائل منهان أعينو المحتاجين والفقراء، هذا أقصى الأدب والإلهام..
ربطت كلام كل من المعنيين، فوجدت نفسي غير مبعثرة. فكيف أخذت عني تلك الفكرة ؟
هل لأني متعددة الهوايات؟ أم لأنني حيث أحل جسدا وروحا .. اتنقل فتنتقل روحي وحالي بتأقلم عجيب؟ ..كذا قالت لي..
-وأنت لاتفيدين من خفة روحك وتأقلمك..وتنقلك..للأسف.
وتلك أيضا لم أفهمها جيدا..ولولا أنني أثق بها جيدا ووجدت من نصائحها الكثير الطيب ماسمعت تلك الغرابة..ففكرت وتاملت بها كثيرا..مبعثرة؟.مفردة غريبة على قاموسي الصغير.
ولكن ماعلاقة البعثرة بالإلهام والقريحة؟ لقد هجرت القلم منذ زمن..إلا قليلا من كتابات مبعثرة!!!،حيث تبعثرت روحي من قلة الزاد الاجتماعي، و من وراء كتابات لاطائل منها لأنها مثالية كما يقولون في الزمن الجديد الخارج عن المألوف..وفي زمن الفوضى الخلاقة أو البعثرة الخلاقة...التي تبعثر النفس والمال والمزاج والحال أيضا..فكيف لانتبعثر؟.
جاءتني واتسيا ابنتي التي تفهمني جيدا وقد حلت اللغز الغامض قائلة:
-إنها ليست بعثرة إنه زحام أفكار متوقفة عن التفعيل، روح مغامرة تحتاج فرصة،فرجة روح تحتاج داعم حقيقي.. سمائي وأرضي.. فيعتقد من حولنا أننا مشتتين، لكن في الواقع نحن نبحث عن ذاتنا بقوة ، نحن نعرف ماذا نريد لذا نمضي في البحث..لسنا مبعثرين أبدا بقدر أننا نبحث عن الجوهر في غياب الصواب والانضباط..فعندما يتبعثر من حولنا يعتقدون اننا تبعثرنا معهم.
أعدت قراءة جملها مرارا وتكرارا...وأدركت سبب أن تبعثري ربما حبي لأولادي..نكراني للأنا..رغبتي في قضاء حوائح بعض ناس لايستحقون..خدمة لهؤلاء الذين يعتقدون أنك تبيض ذهبا..الحفاظ على خندق مهم في الحياة وعدم التنازل عنه أبدا..عندما تجد بعض جهود لاطعم لها ولافائدة منها، فلو كانت البعثرة هكذا فيامرحبا..
عدت لأسأل من جديد صديقتي التقية النقية فقالت:
-ربما أخطاتِ بالتعبير ربما كنت تقصدين/ أنت شفافة، رقيقة حساسة، تتأثرين بالبيئة والوسط الذي تعيشيه..فكوني مؤثرة أكثر من متأثرة..
تركني ردها: ربما نهبا للحيرة أكثر..فطالعني معجم المعاني قائلا:
بَعثَرَ: (فعل)
بعثرَ يُبعثِر ، بَعْثَرةً ، فهو مُبعثِر ، والمفعول مُبعثَر
العاديات آية 9 إِذا بُعْثِرَ ما في القُبور (قرآن) : أُخْرِجَ وَشُتِّتَ أَكَلَتْ مِنْ وَقْتِي وَبَعْثَرَتْ زَمَني وَوَزَّعَتْ جُهْدِي (أحمد أمين)
بَعْثَرَ الشيءَ: فَرَّقَهُ وبَدَّدَه
بَعْثَرَ الشيءَ: فَرَّقَهُ لينظُرَهُ ويُفَتِّشَه
بَعْثَرَ المتاعَ: قلبَ بَعْضَهُ على بعض
بَعْثَرَ المخبوءَ: أَثارَهُ واستخرجَه
عدت لأفكر من جديد ماذا تقصد؟ وعدت لدوامتي الفكرية.ودعمت نفسي قائلة:
-لو كنت مبعثرة فعلا لما وصلت لتلك المرحلة من الحياة وحفرت اسمي على جدار الزمن،وما كتبت تلك القصة التي لملمتني.
القصة نتاج محادثات واتسية وحوارات ،المغزى ها حالنا أصبحت حياتنا مواقع تواصل اجتماعي عن بعد ،القصة فيها تركيز على كلمة بعثرة ودلالاتها في حياة القاصة بعد الحوار بل في حياتنا كلنا عموما القصة حلوة اعجبتني
البعثرة جاءت نتيجة تغيير المفاهيم في كل شيءفوسائل التواصل غيرت الكثير فأصبح التافهه جيداً ركيزته من يهلل له ويطبل أمثاله نعم ركيزته من يحيط به
نعم تأخذنا الحياة معها وفي بعض اﻷحيان ننسى ما نستطيع القيام ولكن الجوهر هو الجوهر ﻻ يتغيير مهما تغييرت اﻷشياء ليرى النور عندما تأتي الظروف الملائمة لذلك ويسير في مجاﻻت الرقي متجاوزاً كل المعوقات
نص جميل عميق المعنى فيه الكثير مما حدث ويحدث
دمت بألق
عودة جميلة راقية لضفاف النبع
تحياتي وشكري
نص سردي جميل،هذا صحيح لقد ساهمت التكنولوجيا بشكل كبير في بعثرة أرواحنا وأفكارنا فهذا الزخم المعرفي والترفيهي الهائل أكبر من أن تستوعبه عقولنا دفعة واحدة ،إلا أن هناك بعثرة تخلف إبداعًا ونجاحًا لايقدر بثمن رغم إرهاقها لأرواحنا.