عزيزتي مريم..أكتب لك هذه الرسالة..لأرسم لك سدى زمني..بعيدا عنك..على راحة قلبي... أكتب لك..بنفس القلم..الذي كتب لك أول الحروف..قبل شهور طويلة... أكتب لك.. بنفس الأصابع..التي تعاقدت مع قلبي..لتلد هذه الرسائل..المسكونة بالوجع والكآبة..هذه الرسائل التائهة في فضاء الهاوية..التي صعدت اليها..بحثا عن أبعادك الأخرى..وملامحك المتبقية... يا لقدر هذا القلم الذي يتصبب حبرا...! ويا لصبر هذه الأصابع التي رسمت الوجع اليومي..بهذا الشكل الكئيب...! ويا لتعاسة هذا الانسان..الذي وهبته الحياة..اغلى ما حلم به..في الزمان الخطأ..والمكان الخطأ...! لأشكر لك حضورك مريم..هذا الحضور الذي لا احسبه الا فتحا ثقافيا..وحضاريا..وأنسانيا..في هذا الزمن المترع بالخواء... وليؤسفني أن أكشف لك عن شعوري بضرورة أبتعادنا..وأحساسي بأستحالة نجاح هذه العلاقة..التي تمص كل يوم من دمي قصيدة جديدة... أنا..الحاولت أن أسد عليك نوافذ اللغة..لكي لا تطلعين على ابجديتي... أنا..الأصبحت أسير أحساسي بك... أنا..السجلت في دفتر قلبك حضوري الأول... وأنا..الأسمع وقع قلبك الآن..على الورق..وهو يقرأني..والمس أصابعك الناعمة..الآن..وهى تشرب من سماء لغتي... مريم..أحسب ان الامر قد انتهى بالنسبة لي..ووجعي تجاوز حدود الوجع..وكآبتي تجاوزت حدود الكتابة..وكتابتي تجاوزت حدود الكآبة..وعلاقتنا صارت تتأرجح بين مد و جزر..مد اللغة..وجزر الأشتياق... مريم..ما الذي يربطك بهذا الانسان...؟ خربشات اللغة...؟...كآبة الكتابة...؟ هذا الانسان..الذي تعودت اللغة أن تشرب من روحه..وتاكل من قلبه..يحاول هذه المرة..أن يكون قويا..أمام نفسه..وأن يحاصر ضميره بكبريائه..ويدنس طيبته بجبروته..ويقتل جان فالجان القابع في ركن ما من أركان نفسه المتعبة..ويكسر الكثير من الأشياء..ويوقف نزيف الحزن الذي يعرض نفسه و أفكاره..وتناقضات أفكاره..من خلال تماوجاته... وليؤلمني أن اقع هنا..فريسة للشك والندم..وأنا أقرأ لك احساسي هذا..لكن..لكنني..لكنني احبك..وما زلت افعل ذلك..وأقراه..وأكتبه..وأضمه الى لغتي... أحبك..رغم جبال الزمان والمكان التي تفصل بيننا... أحبك..أرسمها وشما على جلد غربتك... أحبك..أكتبها خمرا تسكر به اصابعي... أحبك..أعيشها صبرا ينتظر المستحيل... أحبك..وكفى... مريم..سأحملك طي أصابعي..وأرحل..كي لا أكون عبئا عليك..وأنت في الغربة..تتشابك في راسك الصغير..الكثير من الأحزان..والأحلام..والذكريات... تذكريني مريم..وتذكري الرجل الذي علمك القراءة بالاصابع..وكان بعدا جديدا في حياتك..وحياة لغتك..تلك الانثى الخرافية الملامح..ذلك البحر الذي لم يقضمه جزر... ستشعرين بي... في كل شهقة..حرفا على وشك الولادة... وفي كل صباح..أغنية حزينة يتسلل شذاها الى مخادع ذكرياتك... وفي كل مساء..قبلة على مرايا جبينك الطاهر... ضياء حجاب ياسين الشرقاطي
آخر تعديل عواطف عبداللطيف يوم 06-26-2010 في 03:59 PM.