قال ابن عباس: قال رافع بن حرملة لرسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وصحبه وسلم: يا محمد إن كنت رسولاً من اللّه كما تقول، فقل للّه فيكلمنا حتى نسمع كلامه.
فأنزل اللّه في ذلك من قوله: { وقال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الله أو تأتينا آية}[1] ، { كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم} قال: هم اليهود والنصارى، ويؤيد هذا القول وأن القائلين ذلك هم مشركو العرب قوله تعالى:{وإذا جاءتهم آية قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتي رسل الله}[2] الآية، وقوله تعالى:{وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا}[3] إلى قوله: { قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا}
وقوله تعالى: { وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا }[4] الآية إلى غير ذلك من الآيات الدالة على كفر مشركي العرب وعتوهم وعنادهم وسؤالهم ما لا حاجة لهم به إنما هو الكفر والمعاندة كما قال من قبلهم من الأُمم الخالية من أهل الكتابين وغيرهم.
وقوله تعالى: { تشابهت قلوبهم} أي اشبهت قلوب مشركي العرب قلوب من تقدمهم في الكفر والعناد والعتو كما قال تعالى: { كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ - أَتَوَاصَوْا بِهِ }[5]؟ الآية.
وقوله تعالى: { قد بينا الآيات لقوم يوقنون} أي قد أوضحنا الدلالات على صدق الرسل بما لا يحتاج معها إلى سؤال آخر، وزيادة أُخرى لمن أيقن وصدق واتبع الرسل وفهم ما جاءوا به عن اللّه تبارك وتعالى، وأما من ختم اللّه على قلبه وسمعه وجعل على بصره غشاوة فأولئك قال اللّه فيهم: { إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ - وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ }[6].
[1]أخرجه محمد بن إسحاق عن ابن عباس""وقال مجاهد: النصارى تقوله، وقال قتادة والسُّدي: هذا قول كفّار العرب [2]الأنعام 112 [3]الإسراء 90 [4]الفرقان 21 [5]الذاريات 52-53 [6]يونس 96-97