آخر 10 مشاركات
دستور القبيلة (الكاتـب : - )           »          الشاعر كيان مستقل بذاته (الكاتـب : - )           »          تأمّل في مبنى مجزرة البلدية (الكاتـب : - )           »          ظننت نفسي عاقلا (الكاتـب : - )           »          صداقة .. (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )           »          علي أي جنب تنام نواياك ! (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )           »          شعاع هارب (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )           »          ***_ أطــالَ الحزن _*** (الكاتـب : - )           »          مَنْ قالَ لكِ ؟ مَنْ قالَ لكْ ؟؟ (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )           »          أمومة مطحونة ! (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )



العودة   منتديات نبع العواطف الأدبية > نبع الروح > من الروح إلى الروح (ركن خاص بالكاتب بدون ردود)

الملاحظات

الإهداءات
مصطفى معروفي من النبع : الله يكرميك أخي وصديقي العزيز عوض بديوي ،وأنا ممتن لك بهذا الترحيب الجميل بي****لا هنت مولانا**** عوض بديوي من الوطن العربي الكبير : رحبوا معي بشاعرنا و مبدعنا أ**** مصطفى معروفي بعد غياب طال؛ فحيهلا و غلا************ نورتم الأماكن عواطف عبداللطيف من صباح الجمعة : آل النبع الكرام جمعة مباركة وصباحكم إيمان ورحمة

إضافة رد
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
 
قديم 12-24-2009, 04:12 AM   رقم المشاركة : 1
نبعي
 
الصورة الرمزية د.سناء الشعلان





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :د.سناء الشعلان غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
افتراضي تراتيل الماء

تراتيل الماء
د.سناء الشعلان

"الماء وحده من يحفظ سيرة الحقيقة، ولذلك كُتب عليه الرّحيل أنّى كان""*
(1)
ماء السّماء
(تراتيله مقدّسة)
كان دون أخوته وأقربائه وإخوانه في بسطة الجسد والحظّ والجمال، بل دونهم حتى في كرم الأقدار عليه وعونها له،ومنذ لحظة ولادته الأولى كُتب عليه الحرمان، فنفسه الدّنيوي الأوّل كان مسلولاً من نفس أمه التي لفظت نفسها الأخير معنّاة بعد ولادة تُوصف على سبيل التبسيط بالمتعسّرة، وهي تتوسّد حلم حضن طفلها الرّابع، ولكنّها ما حضنت مُنتظرها، ولا هو حُضن،فكان الطّرد من فردوس حنانها دون خطيئة يذكرها على وجه التّحديد أو يقدّرها أوّل ما استقبله في هذه الحياة التي كان يسميّها أمّه تقرّباً منها،فتعامله كزوجة أب شريرة نكاية بضعف يتمه.
ولكّنه ما كان ليبالي بعسرته،فهو على الرّغم من كلّ نقائصه وهفواته ومشاكله وحرمانه وعذاباته، صاحب أطيب قلب في الدّنيا، قلبه الأثير لروحه الموشّاة بجمال صفاته أعزّ ما يملك،كسب الكثير من السّعادة الرّوحية بسبب هذا القلب، وخسر أكثر بسبب عصيانه له ، وتجبّره في أمره،فقد كان أنّى شاء فعل.


* لا تحتاج قراءة الماء إلى خرائط .
قلبه يشبه ماء السّماء،طاهر، مبارك من الرّب ، لم تمسّه يد بشر أو جان، ولم يتلاعب به شيطان خنّاس،مكانه في العلياء ؛لأنّه لا يعرف إلاّ الخير والعطاء والبذل، ولم يّخلق إلاّ لذلك، الشّيء الوحيد الذي يسكن بياضه هو الرّحمة والعطاء على الرّغم من حرمانه المتّصل الذي لا يعرف هوادة.
كان أوّل المتطوعين لصدّ أؤلئك الغاشمين المعتدين على أرض الوطن، لم يكن يتقن الشّعارات والتّصريحات، ولم تُلتقط له أيّ صورة في ملابسه الحربيّة خلف متراس أو جدار أو في ملجأ أو في ساحة حرب مفترضة ؛لتُنشر بالألوان في الصفحة الأولى في أيّ مجلة أو صحيفة في الدّنيا، ولم تتحرّق أيّ أم على غيابه،ولم تنعاه أخت،أو تبكيه حبيبة أو زوجة،إنّما كان نسيجاً وحده،خرج وحيداً للجهاد،فاخر بجسده الصّغير المختزل المتآكل كلّ الشّهداء والأبطال والأبرار، صادق السّلاح، وضمّه إلى قلبه،وكان الجزء الأصعب من ساحة الوغى نصيبه، على عكس الفرار والملاجىء التي كانت نصيب أخوته المبسوطين جسداً وحالاً؛فقد كانوا يضنّون بأجسادهم الجميلة، وأرواحهم القميئة على الموت ولو كان بلبوس شهادة.
بصدره الفقير الصّغير ذي الضلوع الناتئة استقبل رصاص العدو،ضمّها في عميق وشائجه،لم يبالِ بفعلها الآثم في لحمه،وقبل أن يسقط أرضاً كما ينبغي لكلّّ شجرة مُغتالة أفرغ أمانته من الذّخيرة في أجساد رهط من جنود الأعداء،ثم استسلم ليدّي أمّه الأرض،وابتسم برضا لأوّل مرة في حياته يخال نفسه فيها مُنصَفاً؛إذ رأى روحه تُحمل ببَرَدِ السّماء، وتسعى نحو مستقرّها الأبيض الأزليّ في السّماء.






  رد مع اقتباس
قديم 12-24-2009, 04:14 AM   رقم المشاركة : 2
نبعي
 
الصورة الرمزية د.سناء الشعلان





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :د.سناء الشعلان غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
افتراضي رد: ترتيل الماء

(2)
ماء الأرض
(تراتيله مكاءٌ وتصدية)


هي ليست مخلوقة من ماء الأرض الزلق الكدر المتسخ وحسب،بل هي مخلوقة بالتحديد من آسن مياه المستنقعات ومن قتام رذيلتها ومن مقّزز مدرها وقذر قيعانها،لم تختر أن تُخلق من هذا الماء الملعون بنفسه دون غيره، ولكن هذا هو قدرها، وقدر مائها الذي ماعرف مآلاً غير السّقوط والتمّرغ في الرّذيلة والرّخص والتهاوي.
هي صنيعة البغاء والإجرام ، ومن التحامهما كانت،فمن شهوة أبٍ مجرم متعاظم على ضعف البغايا، وعائش على عرقهنّ المحموم الآثم ،ومن شهوة مصنوعة إجباريّة لمومس تعسة اعتادت على أن تهب جسدها لكلّ دافع لثمنه أو متجبرٍ ممبتزٍ كانت.
لم تحظ بغير عار هذين الوالدين، وعنهما ورثت الرّذيلة والسّقوط والتردّي، كانت تحلم بمدرسة ودفتر وعصفور وكأس حليب قبل النّوم وحكاية عن الشّاطر حسن وبدمية بثوب وردي شأنها شأن أيّ طفلة حالمة في هذا العالم، وماكانت تعلم بعد أنّ الحلم محرّماً على من هنّ مثلها من الوارثات، ولكن أوّل سرير بغاء ذُبحت عليه قتل كلّ أحلامها، وجعلها كوابيس تطارد نومها المنكود وصحوها المأسور.
احترفت إعدام أحلامها، والرّقص عارية على رفاتها غير آبهةٍ إلاّ بزبائن جسدها المنهوك بمهنته الحارقة وبباغيه،إلاّ ذلك الحلم،فقد كان قدرها الذي ما استطاعت أن تغتاله،فمن له أن يغتال قدره؟ كان حلمها أطهر من أن يحمله جنان بغي، ولكّنه كان أثيرها، كانت تحلم بأن تحجّ إلى بيت الله،لتخلع هناك كلّ آثامها،وتخلص بحبّ لا يعرف رجساً أو ألماً ولا خطيئة لربٍّ غفور.
مرة أفشت سرّها لشريكاتها بمهنة الخطيئة،فأحرقنها بسخريتهنّ،وجدّفن أمامها بصفاقة هي من طبعهنّ، وأسمينها الحاجّة إمعاناً بإزدراء حلمها البعيد عن روح خاطئة مثلها.لكنّها ظلّت تحلم وتحلم وتحلم حتى اختفت يوماً وشهراً وعاماً، ومابالى بغيابها أحد،ولا افتقد روحها مفتقد؛فالبغايا بلا أرواح!!!
وهناك في حياض الكعبة المشّرفة كانت تحجل ليل نهار بثوب أبيض يجلّل جسداً تحمل روحاً طاهرة تائبة ماعادت مخلوقة من ماء الأرض والمستنقعات بل من ماء السّماء!!






  رد مع اقتباس
قديم 12-24-2009, 04:15 AM   رقم المشاركة : 3
نبعي
 
الصورة الرمزية د.سناء الشعلان





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :د.سناء الشعلان غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
افتراضي رد: ترتيل الماء

(3)
ماء البحر
(تراتيله سخط)


تعلّمتْ من البحر الذي ولدتْ في كوخ بالقرب منه الغدر والقسوة والجبروت، وتعلّمت منه بامتياز التقلّب والدّهاء، ونفسها تنطوي على ألف سرّ خبيء كبحر خرافي، وفي زرقة عينيها تسكن كلّ أسرار البحر، وفتنة عشقه، ولكن خلفهما تماماً يسكن خواء أسود عميق لا يعرف معناه إلاّ ضحاياها من المغدورين أو المقربين القلّة من الأصدقاء وشركاء العمل.
جمالها وبطش قلبها عماد عملها ، تبيع خدماتها لكلّ من يملك أن يشتري مواهبها في التجسّس،ولا تبالي بالأسباب أو الأهداف أو النتائج أو الضحايا أو الخيانة، وتتبجح قائلة أمام حاسديها في العمل إنّها على استعداد للتجسّس على والدها إن دُفع لها ثمن مناسب لذلك.
التجسّس عملها ومنهجها ومبدئها في الحياة، وكان من الممكن أن يظلّ سرّ سعادتها فضلاً عن ثرائها لو لم تقابله.
كانت مهمتها تنحصر في التقرّب منه، وإيقاعه في حبّها أو حتى في الرّغبة في جسدها، ثم تمكينه من مأربه للتمكّن من مأربها وصولاً إلى انتزاع كلّ المعلومات منه انتهاء بالنّكوص هرباً نحو المجهول، ولابأس في أنّه قد أُعطيت لها أوامر جديدة بالتخلّص به بسمٍّ زعاف من السّهل أن تدسّه في طعامه،وهو الذي بات مستسلماً لها، لا يعرف راحة أو هناء أو سعادة دونها.فذلك يعني زيادة في أجرها.
كم كان الأمر سيكون سهلاً لو أنّها لم تقع في حبّه، كم كان هذا الرّجل الوسيم المقيم في الرّوح سيغدو صيداً سانحاً لو أنّها لم تعشق الحياة معه. هو الحبّ المستحيل الذي لطالما داعب قلبها المقدود من الصّخر إلاّ من أمنية وحيدة عرجاء ، اسمها قلب رجل يعشقها دون القلوب، وهاقد جاء القلب العاشق، وجاء الرّجل، وتحقّقت الأمنية، وحضر الجزاء بلون أسود من جنس عملها، وعليها الآن أن تدسّ السّم في كأس الرّجل الوحيد الذي عشقتْ، ومن له أن يرفض أوامر الجهة التي تعمل لحسابها؟ إذن ستُسحق هي وأهلها ، وأيضاً سيطال الموت دون رحمة من أحبّتْ.
ليس عندها فسحة من الوقت لتقارع هواجسها، وتسكّن لواعج قلبها،عليها أن تكون كما شاءت أن تكون العبد المطيع مادامت قد استمرأت ذلك.وأجازت لنفسها أن تغدر من تحبّ بحكمة البحر وبجماله وببطشه، أعدّت حفلة بهيجة لكليهما، وارتدت الأزرق الذي يشبه شرخ روحها وأملس حجر عينيها، وأعدت عشاءً فاخراً، وراقصته طويلاً، واستمهلت الموت حتى يأخذ قسطه من الطّعام والرّقص والمسرّة، ثم قدّمت له كأس الشراب المسموم، وقرعته بفرح مصنوع بعناية بكأسها الذي أفرغت فيه نصف قارورة السّم، وكانت لها الرّشفة الأول التي استفدت نصف الكأس،وانسرحت مع صمت مستسلم تنتظر الموت الذي جاء يتبخطر على حرقة قلبها.
أمّا هو فبات يمسّد صمتها بربت خفيف حنون على كتفيها ،وهي تتكوّم كقطة شاميّة أليفة في حضنه،وتزفر آخر أنفاسها بصعوبة وحشرجة تفوق كتمها وصرّها. وفي يسراه كأسه المسموم الذي لم ينقص جرعة،فهو رجل بحر،لا يأمن أبداً لغيره، مادام الغدر طبعه الأصيل،ولو كان لقلب امرأة عشقته بصدق، وآثرت الموت معه إن لم تستطع الحياة له،ولهذا فهو أفضل جاسوس في بلده.






  رد مع اقتباس
قديم 12-24-2009, 04:16 AM   رقم المشاركة : 4
نبعي
 
الصورة الرمزية د.سناء الشعلان





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :د.سناء الشعلان غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
افتراضي رد: ترتيل الماء

(4)
ماء البحيرة
(تراتيله بكاء)


جميلة هي البحيرة التي يسكنها صمت أزرق موغل في القدم، وترحل إليها الجنادل الصّغيرة، وتصادق صغار الحيوانات والبشر ومحبّي الصيد والطّيور المهاجرة وصبية الكشّافة دون غدر أو قسوة، قاعها قريب وإن كان بعيداً،وما تبتلعه تقدّمه قرباناً لجمالها.ولكّنها مأسورة،لا يسمح لها بالرّحيل أو الحركة، وكلّ ما يصبّ فيها من ماء الثلوج والجبال والجنادل يغدو مثلها مأسوراً حتى تبتلعه الشّمس بلهيبها المحرق صيفاً.
هو يشبه البحيرة،أو البحيرة تشبهه،أو كلاهما يشترك في أزمة الحصار والقيد،هو ليس من أهل هذا المكان وليس مجرماً أو شريراً أو مطارداً أو منفياً أو باعثاً عن متعة مترفة،ولكنّه مأسور هنا حتى يشفى. المرضى اللئام يهمسون دائماً له بأنّه لن يُشفى،ويقولون بثقة يمقتها: لا شفاء من داء الجذام.
مرضه مؤلم وغريب، ويفرض عليه عزلة مقيتة، كلّ من في هذا المكان إمّا مجذومون أو معالجون للجذام.لا يتذكّر والديه،فقد التهمهما الجذام في قريته التي ماعاد يذكرها،عندما سيق إلى هنا منذ أن كان صغيراً.
يحلم بأيّ مكان في هذه الدّنيا سوى أسره بالقرب من هذه البحيرة التي لطالما حرّضها على الثورة والهروب من مكانها دون جدوى، هي تستلم للتبخّر والنقصان أمام جبروت لهيب الشّمس، هي جبانة، وهو أيضاً جبان أمام مرضه،فهاهو يأكل أطرافه بعد أن يدميها دون أن يقول له لا، ويتذرّع بالدمع مآلاً لضعفه.
الدّولة تجبره ومن معه على الإقامة في هذا المكان وإلا الموت حرقاً أو رمياً بالرّصاص لمن يحدّثه عقله بالهرب منه، والعودة إلى الدّيار بهذا الوباء المرعب.ولكّنه يتمنّى الهروب من هنا رغم عقاب الموت الذي ينتظره،وفي جنباته يضجّ ماء البحيرة الحالم مثله بالهرب.
هذا الصّباح الماطر هو أفضل الفرص للهرب، السّماء تزمجر، وتلقي أحمالها من الماء بسخاء، والبحيرة تضطرب بالشآبيب التي تصّب بها بعشوائية، وروحه تعانق العتق، ينتعل الحلم، ويركض بعيداً لا يلوي على شيء، وصوت الكلاب التي تطارده تسبق خطواته في الغابة، والبحيرة تتضامن مع ثورته، وتفيض، ويتدفق ماؤها راكضاً خلفه وخلف الكلاب في الغابات.
في الصّباح كان الهدوء يخيم على الغابة وعلى الكلاب النائمة بعد ليلة مطاردة متعبة وعلى البحيرة التي عادتْ مكرهةً وابتلعت ماءها الملفوظ مع أوّل إشراقة شمس، وعلى جسد الصّغير المجذوم الذي قدُّم للنار لتأكله دون شهوة بعد أن أردته رصاصات حرّاس المصحّة في ليلة أمس الماطرة.






  رد مع اقتباس
قديم 12-24-2009, 04:17 AM   رقم المشاركة : 5
نبعي
 
الصورة الرمزية د.سناء الشعلان





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :د.سناء الشعلان غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
افتراضي رد: ترتيل الماء

(5)
ماء النّهر
(تراتيله رقص)


لايجيد السّباحة، ويكاد لا يتذكّر كيف قطع هذا النّهر في يوم من الأيام هرباً من عدو صهيوني داهم قريته المسالمة حتى للموت والنّسيان والأحلام المنفيّة، كان ليلتها فتياً لا يملك سوى الأحلام وعمل شاق في الأرض، وألماً طارىءً مؤلماً في عينيه حار فيه الطّب الشعبي وأدوية أبي حسين الحلاّق الذي نصّب نفسه منذ زمن بعيد طبيباً للقرية، ورضي به الناس إكراماً لفقرهم ،وذلاً أمام فاقتهم وعجزهم.
أيدي الأخوة هي من حملته إلى مابعد النهر، وأنقذته من موت ليته كان على أيدي عصابات الصّهاينة التي اغتالت قريته في ساعات ، وجعلتها خرائب وقبور ومدافن.
ألف وعد نحر على هذه الضّفة وهو يؤمّل النّفس بالعودة،أقسم على أن لا يسكن جبلاً أو كهفاً أو مخيماً أو معتقلاً ، وأن يعسكر في هذا المكان من الضّفة الأخرى حتى يعود، وطال الانتظار، ورحل البصر مع الرّاحلين،وماترك مكانه، ولا بارح انتظاره، وعندما خيط سلامٌ مع العدو، وانتحر حلم عودته،وغاب في ظلمة عينيه بارق عودة، خلع قميصه الوحيد، وحذاءه المطاطي المهتريء، ويمّم نحو الوطن، وألقى نفسه في النّهر مجدّفاً نحو الضّفة الأخرى،ووجيب قلبه المشتاق هو بصره الدّليل، ومازال حتى الآن يجدّف وإن لم يكن يجيد السّباحة...






  رد مع اقتباس
قديم 12-24-2009, 04:17 AM   رقم المشاركة : 6
نبعي
 
الصورة الرمزية د.سناء الشعلان





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :د.سناء الشعلان غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
افتراضي رد: ترتيل الماء

(6)
ماء الينبوع
(تراتيله حكايا)


"ماء الينبوع لما شُرب له" هذه هي حكمة الماء، وحكمة أهل القرية التي اعتزلت التّجارب والعلم والرّحيل منذ زمن، وركنت إلى الرّاحة،وآثرت سلامة الجهل على مخاطر العلم، ونسيت كلّ ماض خلا ينبوعها السّحري الذي آمنت بقدرته على الوهب والعطاء والشّفاء والانتقام والحرمان ، حتى عندما جفّ الينبوع إلاّ من النّزر القليل، وبات ماؤه شبه آسن، بالكاد يتنزّى الماء منه كثقب في قربة ظلّ أهل القرية يؤمنون بطاقاته العجيبة وقدرته السّحرية، ويسوقون إليه العطايا والنّذور، ويطرحونها تباعاً في فمه الذي كاد يُغلق من كثرة ما دُفع إليه من أشياء.
الينبوع كان يسخر من جهل من حوله، ويتمنّى لو كان يستطيع أن يتشكّى لهم من الضّرر الذي يلحقونه به من كثرة ما يلقون فيه من نذور لا تعنيه ولا تسعده، فما حاجته هو إلى الطعام والمال والنّفائس والعطور والنّمارق والتّحف ونوادر البهارات والأعشاب والّزهور والشّموع؟!!

ولكن ما كان لأحد أن يسمع شكواه أو يفهمها، ولذلك فقد قرّر أن يثور لاضطهاده، ولفظ في لحظة جنون كلّ ما فيه من نذور وهدايا وهبات، فانبلج ماؤه من جديد متدفّقاً رقراقاً،يعلوه خرير سعيد طروب.
أهل القرية عدّوا ثورة الينبوع بركة ومنّة جديدة على قدراته الخارقة، ومن جديد غمروه بالمزيد من النّذور، فقد غدا عندهم رمزاً للثورة أيضاً، وهم مولعون بالرّموز التي يصنعونها من الخرافة والعدم والأوهام والنّذور.






  رد مع اقتباس
قديم 12-24-2009, 04:18 AM   رقم المشاركة : 7
نبعي
 
الصورة الرمزية د.سناء الشعلان





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :د.سناء الشعلان غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
افتراضي رد: ترتيل الماء

(7)
ماء الشلاّل
(تراتيله عشق)


بين يدي الشّلال المنهمر بتمرّد مزهو من شقوق الصّخر وقف، تحت ثقل دفقه المندفع بقوة برودته المعانقة لذكريات الشّتاء،وصقيع الثلج المذاب انتصب بعزم مُستدعَى تحت منزلق مياه الشّلال الملقي نفسه بتكسّر من علٍّ.هو لايقف بين يديّ الشّلال وحسب،بل هو يقف بين يديها دون نساء الدّنيا، مفارقة مؤلمة تشبه مسرحياته الفاشلة وموهبته الخاملة التي أنّى حاول أن يبعث الحياة فيها فشل.
هي مسرحيته الأجمل التي أيقن بمرارة منذ زمن قريب أنّه لن يلعب فيها دور البطولة أبداً مهما اجتهد، ومهما عشق؛وذلك كرهها ببذخ وبسخاء بقدر ما كسرت فيه من أمنيات جميلة، ومشاعر متقدة.
ما كان ليظنّ أنّه سيلعب معها اليوم دون كلّ الأيام مشهداً صغيراً وجميلاً من مسرحيته الحلم الخالدة على الرّغم من أنّها لم ولن تُولد. كلّ شيء رتّبه القدر ليقف بين يدي الشّلال،أيّ بين يديها هي المولعة بالأماكن المرتقعة، والمياه المتدفّقة،ماكان يريد أن يجتمع معها في أيّ مكان، مادامت قد لفظتْ مشاعره غير آبهة بحبّه الرّتيب. وبدقائق من إقناع واهٍ من الأصدقاء وجد نفسه يرافقها في رحلة نحو الجبال،ومع أوّل شطحة جنون معهودة منها كانت أوّل المتسلقين ارتقاء نحو الشّلال، وكان هو آخرهم بمهمة أُسندتْ إليه على عبث من الأصدقاء للأمساك بها، وحمايتها من الانزلاق في مهاوي المسقط الصّخري للشلاّل.
هو يكرهها،ربما، لكنّ من المؤكد أنّه كان يحبّها في يوم من الأيام،عنده ألف سبب مزعوم ليكرهها، وإن كان يعرف في قرارة نفسه المولعة بالصّمت والكبت أنّه يكرهها؛لأنّها لم تحبّه في يوم أبداً. والآن هو يقف تحت الشّلال معها، يمسكها بيديه كي يحميها من الانزلاق،وينسرح في تراتيل الشّلال الذي يعرفه ماؤه دون غيره كم يعشقها، وكم يعشق أريجها الذّائب في مياه الجامحة.
دقائق سعيدة مرّت، وهو يمسكها حاضناً حامياً أو حامياً عاشقاً،ومع أوّل ارتجافة برد انزلقت من يديه، وغادرت معبدهما المائي التليد،ابتعدت تجفّف شعرها الفاحم ،وتركته هو الممثّل المخلوع يعانق طيفها بين يدي الشّلال،ويتململ بتبرّم ظاهر؛ليعرف جميع الأصدقاء الموجودون أنّه يكرها، وبشدة.






  رد مع اقتباس
قديم 12-24-2009, 04:20 AM   رقم المشاركة : 8
نبعي
 
الصورة الرمزية د.سناء الشعلان





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :د.سناء الشعلان غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
افتراضي رد: ترتيل الماء

(8)
ماؤهما
(تراتيله نسل)


جمعهما حبُّ اسمه احتياج واقتناع وأفكار مشتركة،هو يبحث عن امرأة تخترق الشّكل التقليدي والوظائف النّسوية الرّتيبة؛ لتكون صنواً له في مجتمعه المخملّي الذي يكرّس كلّ الأفكار التحرّريّة ومبادىء الحداثة ومابعد الحداثة، وهي في حاجة إلى رجل يردّد أمامها بلا انقطاع إيمانه بالمرأة وبطاقاتها وبأدوارها المعطّلة المأمولة، ولذلك فقد تزوّجا، وآلا إلى هذه اللحظة الحميميّة،حيث نسيا كلّ مبادئهما واحتياجهما، واستحضرا كلّ تركيزهما ليعلو ماؤه ماءها،فيكون مولدهما ذكراً،لا أنثى إن علا ماؤها ماءه،فهما على الرّغم من تقدّميتهما العريضة إلاّ أنّهما في الفراش رجعيّان يفضّلان إنجاب ذكر على أيّ أنثى.






  رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:48 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.9 Beta 3
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
:: توب لاين لخدمات المواقع ::