يا أيها المقبل من حيث لا أدري ... ماذا أتيت تحمل ؟
أأوجاعاً جديدة تضيفها إلى أوجاعي ؟
أحرقة جديدة تزيد بها حروقي ؟
أم صفاء سرمدياً ليلياً يخفف عني عوزي إلى الفرح ؟
أيها القادم من حيث لا أدؤي ؟
أي شيء تكون ؟ و ماذا تحمل ؟
أشوقاً و حباً و سلاماً ، أم رعباً و حزناً و هلاكاً ؟
لم أعتد في حياتي – و أنت لا بد تعلم ذلك – رؤية المفاجآت السعيدة ، كنت أنتظر تفاحة العمر البهيجة دوماً بصبر قريب النفاد من وراء جدرالتفاؤل ، فلا يقبل إلي من هناك إلا الكمد و الوجع .
لكنني لم أستسلم لذلك الغول الرهيب الذي يسمونه اليأس يوماً ، طالما قاومته و واجهته ، حاربته بكل ما أوتيت من قوة ، و إن لم أحظ يوماً من حربي تلك بغنيمة واحدة .
كانت جبال الفقد دوماً تسد طريقي ، فأمشي مكبلاً بأحزاني على غير هدى في دهر أحسبه بلا نهاية و لا رجوع ، لكنّ قراري الدائم كان أن أمضي و ألقي التاريخ وراء ظهري في بركة من العدم ، سرت و سرت فبدأت أرى شمساً باسمة لي في قلب الأفق ، و قلوباً لاهفة تبدد عني بحبها برد الوحشة .
أما أنت أيها القادم فدوماً كنت تعدني بالجديد ، أحسك آتياً نحوي متخفياً في أسمال تواري وجهك و ملامحك ، فيما أنا أترقب مجيئك بشغف دونما جدوى .
ما زلت موقناً أنك قادم ، و دوماً كنت ألمحك قبل أن تتوارى ، و أسمع قرع خطواتك قبل أن يبتلعها الصمت ، لكن دون أن أراك مذ أحسستك قريباً مني .
أما اليوم فأحسك أقرب من أي وقت مضى ، أقرب من أي شيء إلي ، لكنني لا أراك و لا أعرفك .
أيها القادم .. أجبني بالله عليك ...
متى ستأتي ؟
و من تكون ؟
التوقيع
الأديب هو من كان لأمته و للغتها في مواهب قلمه لقب من ألقاب التاريخ