قرأت في أدب الحوار لسلمان بن فهد العودة ما أعجبني وأخذت منه ماعتقدت مفيداً ليكون أمام نواظركم الكريمة
موضوع أدب الحوار مع الآخـرين كبير وخطير؛ فالخلاف بين الناس أمر طبيعي مشهور، وللخلاف في أمور الدين والشرع أسباب كثيرة، منها
- أن دلالة بعض النصـوص الشرعية ظنية، وليست قطعية فتحمل أكثر من اجتهاد في تحديد معناها
- اختلاف العقول والأفهام، وتفاوت المدارك
- تفاوت العلم؛ فهذا عالم، وهذا أعلم، وهذا أقل قال تعالى- وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ يوسف 76
- عدم بلوغ الدليل فيقول العالم القول ولو بلغة الدليل في المسألة لما قال به
- الهوى والتعصب لقول، أو مذهب، أو رأي، أو شيخ
إن الحوار يكون أحيانًا أقوى من الأسلحة العسكرية كلها؛ لأنه يعتمد على القناعات الداخلية الذاتية؛ بل ربما أفلح الحوار فيما لا تفلح فيه الحروب الطاحنة
وفيما يلي حادثتـان تاريخيتان قديمتـان تدلان على ذلك وكلا الحادثتين تتعلق بطائفة من الخوارج، ومن المعروف في تاريخ الإسلام أن الخوارج من أكثر الناس ضراوة وقوة، وشجاعة وبسالة في الحروب، مما جعل الناس يرهبونهم
حتى نساء الخوارج، كن يبدين من ضروب البسالة والشجاعة في الحروب ما تدهش له العقول له
فلننظر كيف فعل بهم الحوار؟
- الموقف الأول
ذكر الباقلاني، والسكوني، والشاطبي، وغيرهم، أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه بعث ابن عباس رضي الله عنهما إلى الخوارج المسمين بالحرورية، فذهب إليهم ابن عباس رضي الله عنه، وعليه حلة جميلة، فلما أقبل، قالوا له يا ابن عباس، ما الذي جاء بك؟ وما هذه الثياب التي عليك؟
- فقال أما الثياب التي عليَّ، فما تنقمون مني؟ فوالله، لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وعليه حلة ليس أحد أحسن منه، ثم تلا عليهم قوله تعالى قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَات منَ الرِّزْق قُلْ هِيَ للَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالصَةً يَوْمَ الْقيَامَةِ
الأعراف 32
- قالوا ما الذي جاء بك يا ابن عباس؟
- قال جئتكم من عند أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وليس فيكم أنتم يا معشر الخوارج واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وجئتكم من عند ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني علي بن أبي طالب، وعليهم نزل القرآن، وهم أعلم بتأويله، جئت لأبلغكم عنهم، وأبلغهم عنكم، فأنا رسول أي وسيط بينكم وبينهم
- قال بعضهم لا تحاوروا ابن عباس، لا تخاصموه، فإن الله تعالى يقول عن قريش بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ الزخرف 58، فلما خافوا من الهزيمة قالوا اتركوا هذا، هذا جدل إنسان خَصِم وقال بعضهم بل نكلمه، ولننظر ماذا يقول؟
- قال ابن عباس رضي الله عنه فكلمني منهم اثنان أو ثلاثة، فقال لهم ماذا تنقمون على علي بن أبي طالب رضي الله عنه؟
- قالوا ننقم عليه ثلاثة أمور
- قال هاتوا
- قالوا
الأول- أن علي بن أبي طالب حكَّم الرجال في كتاب الله، يعني بعث حكمًا منه، وحكمًا من معاوية رضي الله عنه، وقصة التحكيم معروفة(والله تعالى يقول إِنِ الْحُكْمُ إلا لِلَّهِ الأنعام 57
- قال هذه واحدة فما الثانية؟
قالوا الثانية أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قاتل ولم يسْبِ، أي قاتلهم وما سبى نساءهم، فلئن كانوا مسلمين فقتاله حرام، ولئن كانوا كفارًا فلماذا لم يسبهم؟
- قال وهذه أخرى، فما الثالثة؟
- قالوا الثالثة أنه نزع نفسه من إمرة المؤمنين لمـَّا كتب الكتاب، فلم يكتب أمير المؤمنين؛ بل قال علي بن أبي طالب
- قال أوقد فرغتم؟
- قالوا نعم
- قال أما الأولى فقولكم حكَّم الرجال في كتاب الله تعالى، فإن الله تعالى يقول في محكم التنـزيل يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ المائدة95 ، فذكر الله تعالى حكم ذَوَيْ عدل فيما قتله الإنسان من الصيد، سألتكم الله تعالى التحكيم في دماء المسلمين وأموالهم أعظم، أم التحكيم فيما قتله الإنسان من الصيد؟
- قالوا لا؛ بل التحكيم في دماء المسلمين وأموالهم أعظم
- قال فإن الله تعالى يقول في كتابه وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا النساء 35، ناشدتكم الله تعالى التحكيم في دماء المسلمين وأموالهم أهم، أو التحكيم في بُضع امرأة؟
- قالوا لا، التحكيم في دماء المسلمين وأموالهم
- قال انتهت الأولى؟
- قالوا نعم، فالثانية؟
- قال أما الثانية، فقولكم قاتل ولم يسْبِ، هل تسْبون أمكم عائشة رضي الله عنها لأنها كانت في الطرف الآخر، وتستحلون منها ما يستحل الرجال من النساء، إن قلتم ذلك كفرتم، وإن قلتم ليست بأمِّنا كفرتم أيضًا؛ لأنها أم المؤمنين، فاستحيوا من ذلك وخجلوا
- قالوا فالثالثة؟
- قال أما قولكم خلع نفسه من إمارة المؤمنين، وإذا لم يكن أمير المؤمنين فهو أمير الكافرين، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما عقد كتاب الصلح مع أبي سفيان وسهيل بن عمرو في صلح الحديبية، قال اكتب هذا ما صالح عليه محمد رسول الله قالوا لو نعلم أنك رسول الله ما قاتلناك، اكتب اسمك واسم أبيك، فمحا النبي صلى الله عليه وسلم الكتابة، وقال اكتب هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله فرجع منهم عن مذهب الخوارج ألفان، وبقيت بقيتهم، فقاتلهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه
فانظر كيف أثَّر الحوار الهادئ القوي العميق في مثل هذه الرؤوس اليابسة الناشفة، حتى رجع منهم ألفان إلى مذهب أهل السنة والجماعة في مجلس واحد لم يستغرق ربع ساعة
- الموقف الثاني
وهو أيضًا يتعلق بطائفة الخوارج العنيدة
فإنه لما بقيت منهم في الموصل بقية، كتب إليهم عمر ابن عبد العزيز رحمه الله الخليفة الأموي العادل ينكر خروجهم، ويقول لهم أنتم قليل أذلة، فردُّوا عليه وقالوا أما قولك إنا قليل أذلة، فإن الله تعالى يقول لأصحاب نبيه صلى الله عليه وسلم وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الأََرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ الأنفال 26، فردوا عليه بذلك
فوجَّه إليهم عمر بن عبد العزيز فقيهًا اسـمه عون ابن عبد الله، وهو أخو عبيد الله بن عبد الله بن عتبة رضي الله عنهم ورحمهم أجمعين
- فقال لهم عون بن عبد الله إنكم كنتم تطلبون حاكمًا في مثل عدالة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فلمَّا جاءكم هذا الحاكم كنتم أنتم أول من نفر عنه وحاربه
- قالوا صدقت، ولكنه لم يتبـرأ ممن قبله ولم يلعنهـم، فلم يلعن علي بن أبي طالب، ولا معاوية، ولا بني أمية؛ لذا فنحن نحاربه
وهذا هو مذهب الخوارج
- قال لهم كم مرة في اليوم تلعنون فيها هامان؟
- قالوا ما لعنّاه قط
- قال أيسعكم أن تتركوا لعن وزير فرعون الطاغية، والمنفذ لأوامره، والذي بنى صرحه بأمره، ولا يسعكم أن تتركوا لعن أهل قبلتكم، إن كانوا أخطأوا في شيء، أو عملوا بغير الحق؟
فسكتوا ورجع منهم طائفة كبيرة
فَسُرَّ بذلك عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه وأرضاه، وقال لهذا الرجل لماذا لم تحتجّ عليهم بعدم لعن فرعون؟
- قال لو قلت لهم لماذا لا تلعنون فرعون؟ ربما قالوا إننا نلعنه، أما هامان فقلَّ من يلعنه على ألسنة الناس، فلذلك اخترته
فسكت هؤلاء الخوارج، حتى خرجوا في ولاية يزيد ابن عبد الملك، فقاتلهم
والشاهد هنا كما يقول السكوني في عيون المناظرات فكانت حجة عمر أبلغ من قتالهم بالسيف
وهكذا يتبين أن الحجة القوية، والحوار الهادئ المقنع الرزين، من صاحب عقل وفهم وعلم، يفعل في كثير من الأحيان ما لا تفعله السيوف ولا المدافع والطائرات
قواعد الحوار وأصوله
إن من الضروري أن يتلقَّى المسلم وخاصة الداعية إلى الله أسس الحوار وأصوله، في عالم يموج اليوم بالنظريات الكافرة والاتجاهات المنحرفة، فقد أصبح الحوار فنًّا يدرس أحيانًا باسم فن الجدل، وأحيانًا يسمونه فن المناظرة
إضافة إلى فن آخر له علاقة كبيرة بالموضوع، وهو ما يسمى بفن العلاقات العامة، الذي تقام فيه دورات لكثير من الموظفين، والمتخصِّصين في العلاقات العامة، والدعاة، وغيرهم
والعلاقـات العامة تعني حسن الاتصال بالآخرين؛ لإقناعهم برأي، أو لترويج سلعة من السلع، أو تصحيح فكرة، أو التمهيد لقضية من القضايا من خلال الاتصال بالناس، فهو فن لابد للداعية أن يتعلمه نظريًّا وعمليًّا
وللحوار قواعد كثيرة، نعرض بعضها فيما يلي
القاعدة الأولى تحديد موضوع الحوار
ينبغي أن يدور الحوار حول مسألة محددة، فإن كثيرًا من الحوارات تكون جدلاً عقيمًا، ليس له نقطة محددة ينتهي إليها، فينبغي أن يكون الحوار أو الجدل بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ النحل125
حول نقطة معينة، بحيث يتم التركيز عليها، ولا يتعداها الحوار حتى يُنْـتَهى منها
القاعدة الثانية مناقشة الأصل قبل الفرع
ينبغي ألا يتم التناقش في الفرع قبل الاتفاق على الأصل؛ إذ إن مناقشة الفرع مع كون الأصل غير متفق عليه، تعتبر نوعًا من الجدل العقيم إلا في حالات معينة
وأضرب أمثلة لحالات يمكن فيها مناقشة الفرع، أو مناقشة الأصل
فلو جاءك كافر لا يؤمن بيوم الحساب، وأخذ يناقشك في قضية حجاب المرأة المسلمة مثلاً، أو في قضية تعدد الزوجات، أو في مسألة الجهاد؛ حيث إن هذه القضايا بالذات هي أكثر القضايا التي يثير حولها الغربيون شبهاتهم؛ لإثارة الفتنة بين المسلمين
المهم هو كيف تحاور هذا الكافر الذي لا يؤمن بالإسلام؟ هل تناقشه في هذه المسائل إذا حاورك بشأنها؟
بإمكانك هنا أن تحاوره بإحدى طريقتين
- الأولى أن تحيل إلى الأصل، فتقول له إن الجهاد وتعدد الزوجات والحجاب وما على شاكلة هذه القضايا؛ جزء من دين الإسلام، وبدلاً من أن نناقش هذه النقاط ينبغي أن نرجع للأصل، وهو الإسلام، فنتجادل فيه، فإذا اقتنعت بالإسلام، فحينئذ من باب أولى أن تقتنع بهذه الأمور، ولا حاجة أن نتجادل فيها، وإذا لم تقتنع بالإسلام، فنقاشي معك في هذه الجزئية يعتبر نوعًا من العبث الذي لا طائل تحته
- الثانية يمكنك أن تناقشه بالحجج المنطقية، في نفس الجزئيات التي يجادل حولها
فمثلاً إذا تكلم عن تعدد الزوجات، فيمكن أن تجادله في هذا الموضوع بأن تخبره أنه من الثابت علميًّا أن عدد النساء أكثر من عدد الرجال، وفي أمريكا نفسها تصل أحيانًا نسبة النساء إلى الرجال مائة وتسعة عشر إلى مائة، وأحيانًا مائة وستين إلى مائة؛ فستون امرأة زيادة على المائة، لمن تكون؟
فإذا لم نأذن للرجال بتعدد الزوجات، فذلك يعني أن هؤلاء النساء بقين ضائعات بلا أزواج، أو اضطررن إلى ممارسة البغاء والرذيلة، فتعدد الزوجات ضرورة لابد منها؛ لأن نسبة الإناث في أكثر المجتمعات أكثر من نسبة الرجال
وهكذا، عندما تثبت لهذا الكافر حالات وأوضاعًا يكون تعدد الزوجات فيها أمرًا سائغًا؛ فربما آمن بالإسلام من خلال اقتناعه بهذه الحجج
وقد بسط القول في الرد على هذه الشبهات الأستاذ محمد قطب في كتابه شبهات حول الإسلام بما لا يدع حاجة إلى أن نطيل فيه الآن
القاعدة الثالثة الاتفاق على أصل يُرجع إليه
يجب الاتفاق على أصل يرجع إليه المتحاورون إذا وُجد الخلاف، واحتدم النقاش، وذلك كالاتفاق على الرجوع عند الاختلاف إلى القرآن الكريم، وإلى صحيح السنة، وإلى القواعد الثابتة المستقرة، أو إلى ما كان عليه السلف الصالح رضي الله عنهم، المهم أن نتفق على أمور تكون مرجعًا عند الخلاف
وقد وقعت حادثة حدثني بها جماعة من العلماء منهم سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله، والشيخ عبد الله بن قعود، أن جماعة من الشيعة كتبوا إلى مفتي الديار السعودية السابق الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله، يطلبون منه أن يعقد مجلسًا للحوار معهم، فَهَمَّ الشيخ محمد بن إبراهيم أن يهمل هذا الطلب وألا يرُد عليهم، فأشار عليه الشيخ عبد الرزَّاق عفيفي بأن هذا الأمر ما دام جاء منهم فينبغي ألا يُهمل؛ لأنهم قد يعتبرون عدم إجابتنا على طلبهم نوعًا من النكول عن المناظرة أو ضعف الحجة
فالأولى أن نكتب لهم بالموافقة على المناظرة شريطة أن يكون هناك أصلٌ نرجع إليه، ويكون هذا الأصل هو القرآن الكريم، وصحيحي البخاري ومسلم، فكتب لهم الشيخ رحمه الله بهذا المضمون، أنه لا مانع من إجراء الحوار والمناقشة، شريطة أن نرجع في الاختلاف إلى القرآن الكريم، وصحيحي البخاري ومسلم، فلم يرُدوا عليه، ولم يجيبوه إلى ما سأل
وهذا يبرز أهمية تحديد أصل يُرجع إليه عند الخلاف
صفات المحاور
أولاً جودة الإلقاء، وحسن العرض، وسلاسة العبارة
وقد كان ذلك من صفات الرسول صلى الله عليه وسلم، كما جاء في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم يحدِّث حديثًا لو شاء العادُّ أن يحصيه لأحصاه،لم يكن يسرد الحديث كسردكم
فعلى المحاور أن يكون هادئًا سلسًا، جيد الإلقاء
ثانيًا حسن التصور
والمقصود من حسن التصور، ألاَّ تكون الأفكار عند المتحدث مشوشة أو متداخلة أو متضاربة، فبعض الناس لضعف تصوره ربما يطرح فكرة أثناء النقاش، وبعدما ينتصف في شرحها يتبيَّن له أنها غير صالحة، ولا تخدم الغرض، فينتبه في منتصف الطريق بعدما يكون قد تورَّط في ذلك
ثالثًا ترتيب الأفكار
فالقدرة على ترتيب الأفكار،وتسلسلها، وارتباط بعضها ببعض وعدم تداخلها، أو اضطرابها، مما يثبت حجة المحاور ويقويها
رابعًا العلم
ينبغي أن يكون المحاور ذا علم وقوة وقدرة، فإن بعض المحاورين قد يخـذل الحق بضعف علمه، فرغم أن الحق معه، إلا أنه لم يدعمه بالعلم القوي، فيضع نفسه في غير موضعه
لذلك فليس كل إنسان مهيأ للحوار، حتى وإن كان صاحب حق، فإنه ربما حاور بهدف نصر الحق فيخذل الحق؛ لضعف علمه وبصيرته، وربما حاور بجهل فيقتنع بالباطل الذي مع خصمه، وربما احتج بحجج باطلة، مثلما يحدث في بعض المناظرات والمحاورات التي تعقد، فلا يقتنع الناس بالحق الذي يحمله
خامسًا الفهم مع العلم
لابد من الفهم وقوة العقل؛ ليدرك المتحدث حجج الخصم، ويتمكن من فهمها، ويعرف نقاط الضعف والقوة فيها، فيقبل ما فيها من حق، ويرد ما فيها من باطل
سادسًا الإخلاص
فينبغي التجرد في طلب الحق وتوصيله إلى الآخرين، بحيث لا يكون همُّ المرء الانتصار لرأيه، وإنما همه طلب الحق وإيصاله للآخرين
سابعًا التواضع
فالتواضع أثناء المناقشة، أو بعد الانتصار على الخصم، من أهم ما ينبغي أن يتحلى به المحاور