أمــي
الشاعر محمد ذيب سليمان
مــذ كنتُ لا أدري الغــرام أو الهـوى ** أيقنـتُ أنَّـــك منبـــع الحســـنات
مذ كنتُ لا أدري الوصال من الجوى ** كنـتِ الصّفــاءَ وحُجَّـة الآيــــات
مذ كان يكتبني الربيــع على الخليــ ** ــقةِ برعمـــاً متوثِّـب الخُطُــوات
كنـتِ النّقـــاءَ يُحيطنـي ويمدّنـــي ** بروائـــع الأنفـــاس والهمَـسَـات
مذ كُـنتُ ...
كُنـتِ أنيسـتي
قلبـاً يُجيـد الصمْت قُرب أريكتي
قَمَراً يهدهـد بالحنـان مواجعي
وينيـر ليـلاً ظُلْمتـي
تغفـو العيـون جميعُهـا
ومِـداد قلبِـك سـاهرٌ لا يشـتكي
مذ كنـتُ
كنـتِِ غمـامةً
في صيـف أيّـامي
تُظـل حـديقتي
وتعيـد في صمتِ بهاء قصيـدتي
أُنشـودةً تحنـو على جـذعي الضعيفِ
تضمّـه
وتقـوده لفواصلٍ
جَعلـت دروب العـزِّ رمز هويتي
قـد كنـتِ لي أُمّـاهُ مدرسـةً
مثل الصَّبـاح إذا تنـاثر فوق أرديـة الظـلام ِ مُبـدِّدا
مثل الرَّحـيق يُعـانق الأجـراس
مع قطـر النّـدى
مثـل النـدى
مذ كنـتُ ... كنـتِ هـديّتي
وسـوارَ أحلامي وسـاعدَ قـامتي
ومـدىً أصوغ الفخـر منـه جدائـلاً
في خـاطري
ومِـدادَ حـبٍ أسـتنير بخطْـوِه
ويُطيـل حتمـاً بالكـرامةِ هـامتي
أُمـاه يا خير الرفاق لمُتعَـبٍ
في بحـر أحـزاني
يقـود الى الأمـان سـفينتي
أُمّــاه مـــا زلـتِ الحنـــان جــــداولاً ** تنســـاب أشـــكالاً مـن اللفتــــات
تعطي بــــلا خـــوفٍ عطـــاء مُتيّـــمٍ ** لا يكتفـي الملهـــوف بالقَطَــرات
أُمّـــــاه إنّـي فـي فضــــائِـك لحظـــة ** ٌتهفــو إلى التحليق فـي الجنّــات
قلبــي يتــوق الـى البقـــاء مرافقــــا ** دفءَ العيـون ورائـعَ البســـماتً
ومشاعري تدنو الى التَّوحِّـد مثلمـــا ** تدنــو الدمــوع لبؤبـؤ الحدقـــات
قـدمـــاك يـــا أُمـي محَــطُّ نواظــري **هـــاتـي أُمـرِّغ فيهمــــا قُبُـــلاتـي
وجبينـك التَّعِــبُ الـــذي لا يشــتكـي ** أبــــداً ولا يدنــو مـن الهفَــــوات
لا ينحنـــي إلاّ إلـى ربِّ العبــــــاد ** بخــالـص الإيمـــان والصلَــوات
إنــي أراه بعيـــن قلبـيَ واحـــــــة **ً أرتــاح من تَعَبي ومـن نَزَواتـي
مَن غيــر حضنك في البـلاء يضمني ** ويـــذود عنّـي موجِـــعَ الأنّـــات
فضعي يديـك على جبينيَ واذكـــري ** رب العبـاد وســــددي خُطواتـي
فيـــداك مــا خُلقـت ْ لغيـــر قـداســـةٍ ** كانت , سـتبقى موْئل الومضـات
يكفي فــؤادي من لســانِـك دعــــوةٌ ** حتـى أفــــوز بخـــالص اللّـــذات
أُمّــاه لن يخبـــو بريقُــك فـي دمـي ** حتـى أجـــود بـــآخـر النبضـــات
ويظــل ذكــرك والجـــلال يحيطـــــه ** كالبــدر يحســق حالـك الظُّلُمـــات