التوازي والأضداد في الحديث النبوي الشريف / محفوظ فرج إبراهيم
قال الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم
( إن الحلال بين وإن الحرام بين وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس ، فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه ، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام ، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه ، ألا وإن لكل ملك حمى ، ألا وإن حمى الله محارمه ، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله : ألا وهي القلب ) صحيح أخرجه البخاري 2055، 2431 ومسلم 1071 رياض الصالحين ص262
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوازي والأضداد
ان أسلوب الرسول (صلى الله عليه وسلم) كان دقيقا في ذلك الحديث لان كلامه أرفع وأسمى ما قاله بنو البشر فقد جعل الوصول إلى المعاني المرادة هي غايته الأساسية.
بدأ الحديث الشريف بالحقيقة1 (ان الحلال بين وان الحرام بين)جملة ان الحلال بين المكونة من المسند إليه (الحلال) والمسند (بين)وهما عمدتان2 ترتب عليهما التوازي في (ان الحرام بين)وليس التوازي قد حصل بالبناء الصرفي فقط وانما من خلال تكرار (إن) وتكرار (بين) على التوكيد وهذا التحديد في التوازي الواضح من ناحية البناء وحدوده هو كحدود الحلال والحرام في الوضوح فانظر الى هذه الحدود في البناء وانظر الى المعنى كيف جاء موافقا لما اراد صلى الله عليه وسلم انهما متعادلان كتعادلهما في الوضوح ثم انظر الى الجناس3 كيف وضع مكانه فإذا كانت مفردة (بينهما) ظرف المكان مشابه ل (بين) في اللفظ ومختلفة في المعنى فان أسلوبه صلى الله عليه وسلم قد ذهب ابعد في ذلك فان التشابه في اللفظ قد يتداخل في المعنى ايضا بين الحلال والحرام وهذه دقة ميزت أسلوبه لان (مشتبهات) تليها .
أما الصورة الفنية الرائعة فنجدها حين شبه الإنسان براع يرعى دوابه لتكون صورة مراقبة الانسان لنفسه في عمله فهو يتحرك ويتصرف داخل حدود الشريعة الاسلاميه وهذا يعني ان الراعي هو الانسان المسلم وان دوابه هي نوازعه ورغباته ويجب عليه ان يذودها إذا خرجت عن حدود الشريعة الاسلامية كما يذود الراعي دوابه إذا تجاوزت حدود مرعاه الى غيره
1 الحقيقة هي الكلام الموضوع موضعه ليس باستعارة ولا تمثيل ولا تقديم فيه ولا تأخير كقول القائل ( أحمد الله على نعمه وإحسانه ) / علم البيان د. بدوي طبانة المطبعة الفنية مصر 1967م ص116
2المسند والمسند إليه عمدة والاسناد هو المبتدأ والخبر والفعل والفاعل ونائب الفاعل وما أصله مبتدأ وخبر / محاضرات أملاها الدكتور فاضل السامرائي على طلبة الماجستير 1986م
3الجناس هو أن يجيء المتكلم بكلمتين متفقتين لفظا مختلفتين معنى لا تفاوت في تركيبهما ولا اختلاف في حركتهما
والجناس الناقص وهو أن يجيء بكلمتين متجانستي اللفظ متفقتي الحركات غير أنهما يختلفان بحرف / حسن التوسل إلى صناعة الترسل ص 186ـ 187
محفوظ فرج إبراهيم من الجزء الأول من كتابي (من ملامح الصورة الفنية في الأحاديث النبوية ) طبعة بغداد 2006م
وقد تفضل بطبعه الأستاذ شاكر السلمان
آخر تعديل شاكر السلمان يوم 08-04-2011 في 01:59 PM.
رد: التوازي والأضداد في الحديث النبوي الشريف / محفوظ فرج إبراهيم
بارك الله بك أستاذ وجعلها في ميزان حسناتك
فلاشيء يبلّ عطشنا وينجدنا من خواء الرّوح غير ذكر الآيات البيّنات ، و أحاديث الرّسول الكريم محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم
التوقيع
ممن اعود ؟ وممن أشتري زمني ؟ = بحفنة من تراب الشعر ياورق؟
رد: التوازي والأضداد في الحديث النبوي الشريف / محفوظ فرج إبراهيم
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شاكر السلمان
اهلاً ابا نجيب
بوركت وجوزيت خيرا
وجزاك الله خير الجزاء على إطلالتك
وعلى توثيقك لجزأي الصورة في الحديث
منتظرين ببركة الله أن يتوج كرمك في أن ينجز كتاب
(في أسلوب الحديث النبوي الشريف)
مع مودتي واحترامي
رد: التوازي والأضداد في الحديث النبوي الشريف / محفوظ فرج إبراهيم
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محفوظ فرج
وجزاك الله خير الجزاء على إطلالتك
وعلى توثيقك لجزأي الصورة في الحديث
منتظرين ببركة الله أن يتوج كرمك في أن ينجز كتاب
(في أسلوب الحديث النبوي الشريف)
مع مودتي واحترامي