مدى بساطي .. واملئي أكوابي
وأنسى العتاب، فقد نسيت عتابي
**
عيناك يا بغداد، منذ طفولتي
شمسان نائمتان في أهدابي
**
لا تنكري وجهي .. فأنت حبيبتي
وورود مائدتي، وكأس شرابي
**
بغداد .. جئتك كالسفينة متعبا
أخفي جراحاتي وراء ثيابي
**
ورميت رأسي فوق صدر أميرتي
وتلاقت الشفتان بعد غياب
**
أنا ذلك البحار أنفق عمره
في البحث عن حب .. وعن أحباب
**
بغداد .. طرت على حرير عباءة
وعلى ضفائر زينب ورباب
**
وهبطت كالعصفور يقصد عشه
والفجر عرس مآذن وقباب
**
حتى رأيتك قطعة من جوهر
ترتاح بين النخل والأعناب
**
حيث التفت ، أرى ملامح موطني
وأشم في هذا التراب ترابي
**
لم أغترب أبداً.. فكل سحابة
زرقاء .. فيها كبرياء سحابي
**
إن النجوم الساكنات هضابكم ..
ذات النجوم الساكنات هضابي..
**
بغداد عشت الحسن في ألوانه
لكن حسنك، لم يكن بحسابي
**
ماذا سأكتب عنك في كتب الهوى
فهواك لا يكفيه ألف كتاب
**
يغتالني شعري .. فكل قصيدة
تمتصني .. تمتص زيت شبابي
**
الخنجر الذهبي .. يشرب من دمي
وينام في لحمي ، وفي أعصابي
**
بغداد . يا هزج الأساور والحلى
يا مخزن الأضواء والأطياب
**
لا تظلمي وتر الربابة في يدي
فالشرق أكبر من يدي وربابي
**
قبل اللقاء الحلو .. كنت حبيبتي
وحبيبتي تبقين بعد ذهابي..
نزار قباني
التوقيع
لا يكفي أن تكون في النور لكي ترى بل ينبغي أن يكون في النور ما تراه