يوم عرسها !
حسن حجازي
رأيتهُ بالأمس لكنَ ذلك الأمس لم يكن كسابقه الأمس البعيد , يوم جاء يدعوني والدها لحضور عقد قران ابنته ، ربما كان يعلم أنني كنتُ أميل إليها وعندما تقدمَ لطلب يدها طبيب مرموق , يكبرها بكثير , وقتها كنا , أنا وهيّ بين شدٍ وجذب , في خصامٍ ووصل , بين لومٍ وعتاب , كنا على أعتاب الفرح ، وحبل الود لم يكن قد انقطع بيننا تماماً بعد , ولم تكن بقاياه قد تناثرت على أديم القلب البكر , لم يكن قد توارى في صخب الحياة بعد , وجرحه الغائر لم يزل يكابر بهجة الحاضر وربيعه وكثرة الخِلان , يومها ضحك من جهلي القمر ، وأدار ظهره لي القدر , يومها , يوم عرسها لم أكن أدري أكان والدها يدعوني لحقل زفافها أم لماتم قلبي المُنتَظَرْ !!
رأيتهُ بالأمس ونبشَ الجرح وانطوت صفحة الحاضر في لحظة ضعف جاهدت مراراً في أن أطويها واكتشفت كأني مازلتُ احيا فيها عندما تَسَمرت هي أمامي وضاعت مني الكلمات ووجدتني أسالها وأنا اداعب طفلها الصغير في لحظة ود :
- الجميل اسمه إيه ؟
قالت في لهجة أعرفها جيداً :
- والده , رحمةُ الله عليه , أسماه لقاء !
فوجدتُ نفسي أمد لها يدي وأسالها عن أحوالها وأخبرها أن الله سبحانه وهبني زوجة طيبة و طفلة جميلة أسمها : وفاء !
تُهنا بين البشر في الزحام وذكرى الأمس البعيد ما زالت تسري في العروق , تحفظها ذاكرة الأيام , وتمنيتُ صادقاً أن يجمع الله بين الحاضر والماضي , بين : لقاء ووفاء !