تحسس أحدنا الأخر و ضحكنا سوياً بعد أن ترادفنا بعبارات التهنئة على سلامتنا ، وأبتهلنا لله شاكرين ، ثم ضربنا الماء سباحة حتى وصلنا لمرسى قارب مهجور ، فاعتلينا سطحه وتنفسنا الصعداء ، وفرحنا أكثر بما أنجزناه من مجهودنا وثمار حوارنا فساد الهدوء نفسينا بعد أن مسحنا خوفنا كما يمسح المطر دموع المساكين لنعود ونغرس بأسناننا وجعنا !!.
ولا يزال الصراخ يدوّي ويملئ أعماقنا وهاتفاً يردد في داخلنا ويدفعنا بلا يأس لنعود يوماً ونمسح آثار التخلف العالق والجشع الظالم !! ولأننا لا نريد أن نموت مثل شجرة لا تستطيع أن تقدم ثمرة واحدة غير ما أبدعها الخالق العظيم ... ! ؟
بدأت خيوط الشمس الواهية تتغلغل بشكل بطيء نحو عتمة الليل لتدفعها وتقذف بها بعيداً أمام بصيص النور الآتي من الأفق البعيد ، ترافقها نتف الغيوم البيضاء وهي تتمايل مولية الأدبار صوب المجهول !! قال رفيقي بتشاؤم :- - أتدري أننا الآن أشبه حالاً بهذا القارب العجوز المنسي ، والذي تكيل له الأمواج العاتية الضربات الموجعة لحين موته وانتهاء أجله ؟ ! - هناك تلازم لا انفكاك منه بين الحياة والموت والأخير هو النهاية الطبيعية والتي لا يمكن أن نمنعها باعتبارها التزام زمني !! أومأ صديقي برأسه مؤيداً وأطرق قليلاً ثم رفع بصره حتى التقت أبصارنا ، فنظر كلاً منا صاحبه بعين الود وتعانقنا بإخلاص ولا نعرف أي المصير سنؤل إليه ونحن في فلات البحر على ظهر القارب المنسي المهجور ، غير البحث عن طريق النجاة والخلاص ؟!