عرفته محبًا ومخلصًا وأمينًا للغته، ما كان مجاملا ألبتة، بل كان صادقا وودودا تشعر في كلامه بجلال لغتنا العربية وبأهميتها العظيمة في حياتنا وكأنك حين تحدثه تحدث سيبويه وأهل اللغة المخلصين، ومما رأيت من خبرته فإنني أراه من أكبر علماء عصره في النحو ويا حسرتا على زماننا هذا وعلى بنيه فإنه يبرز الهابطين ويهبط البارزين إلا ما رحم الله، جزى الله خيرا الشاعر الكبير عبد الرسول معله عما قدمه للغتنا العربية وعن لطفه معنا وسعة صدره وإنها لتمثل في خاطري هاته الأبيات لابن زيدون في قصيدته الشهيرة فإليك أهدي:
بنتم وبنا، فما ابتلت جوانحنا
شوقا إليكم، ولا جفت مآقينا
نكاد حين تناجيكم ضمائرنا،
يقضي علينا الأسى لو لا تأسينا
حالت لفقدكم أيامنا، فغدت
سودا، وكانت بكم بيضا ليالينا
لا تحسبوا نأيكم عنا يغيرنا،
أن طالما غير النأي المحبينا!
وقد قلت لك يا أبي لما تمنيتُ رؤيتك:
أتمنى أن أراك فإنني أشتاق إليك فقلت: سيكون قلبي وعيناي لك فرشا وغطاء ، لله كرمك وأدبك
وأقول لك وأنت في ذمة الله :
إن كان قد عز في الدنيا اللقاء بكم
في موقف الحشر نلقاكم وتلقونا
رحمك الله أيها الشاعر الكبير وجمعنا وإياك والمسلمين في مقام أمين في جنة المأوى في مقعد صدق عند مليك مقتدر
إلى روحك الطاهرة قصيدتي التي تخضبت حروفها بالدموع:
أبي إلى أين تذهَب = تركت قلبا معـذبْ
ما بال فرحي قصيٌّ = ما بال حزنيَ أقرب
كأنني فيه عبدٌ = كأني الصديق المحبب
قمْ حِلَّ عني وغادر = فالبيْن عنّك مكسب
دع قلبي إني ضعيفٌ = ما حِمل حالٍ مُقلب
سلبت خلا وفيا = هل أنت للسلبِ تـُطرب ؟
أما وجدت عدوا = أو فيه أوجدتَ مَهرب
يا ناعي الأمر مهلا= أصبحتُ شخصا مُغرب
فكم يعز علينا = هذا الأديبُ المُغيب
عبد الرسول أديب = نعم الأديب المؤدب
عبد الرسول نقاءٌ = عن كل طِيب ٍ مُطيّب
عبد الرسول خلوقٌ = كبيت شعر مشّذب
عبد الرسول إمام = لكل ناسك مطلب
رأس النحاة وطود = كم للخواطر طبّب
ما كان يخفي شيئا = يوما وما قال أتعب
يا ليت عمرك دهرا = كي عمرنا لا يـُجدّب
يا ليت عمري يُهادى = أهديكه دون مأرب
لمن يعلِّم ُ حرفا = أهديه ما فيه يرغب
أبي لذِكرك طعمٌ = "(*) أحلى من الشهد أعذب"
أبي سأبقى وفيا = ما راح نبضي يـُضرب
إلى الجنان وفيها = سنلتقي عند رب
ربٍّ رحيم كبير = ما الحب عندَه يـُسلب