الحمد لله حَقَّ حمده.. والصلاة والسلام على من لا نبي من بعده ، وعلى آله الأطهار الميامين ، وصحبه الخيار المنتجبين، والتابعين لهم باحسان إلى يوم الدين..
وبعد ..
سمى الله ذلك اليوم الذي يحل فيه الدمار بهذا العالم، ثم يعقبه البعث والنشور للجزاء والحساب بأسماء كثيرة، وقد اعتنى جمع من أهل العلم بذكر هذه الأسماء: ونحن إذ ندرج ما ذكر ونزيد عليها من خلال بحثنا في القرءان الكريم ما استطعنا من أسماء لذلك اليوم الذي تُبدل فيه الأرض غير الأرض والسموات سيكون الموضوع من خمسة أجزاء سأبدأ بالجزء الأول الذي يتضمن كل آيات يوم الدين واليوم الآخر في القرءان الكريم متمنياً دعائكم. هذه المقدمة للجزء الأول
1. يوم الدين
2. اليوم الآخر
3. الآخرة
4. الدار الآخرة
5. يوم القيامة
6. يوم البعث
7. يوم الخروج
8. يوم الآزفة
9. يوم التلاق
10. يوم الفصل
11. كلمة الفصل
12. يوم الحسرة
13. يوم الخلود
14. يوم الوعيد
15. يوم التناد
16. يوم الفتح
17- يوم الجمع
18- يوم التغابن
19. يوم الحساب
20. اليوم الموعود
21. اليوم
22. الساعة
23. القارعة
24. الغاشية
25. الحاقة
26. الصاخة
27. البطشة الكبرى
28. الطامة
29. الغاشية
30. الواقعة
31. المعاد
انه يوم عصيب يوم يقرع أسماع أصحاب القبور، فينتفضون من قبورهم، مبهوتين، شعث الرؤوس، غُبْر الأبدان، قد أفزعتهم الصيحة، وأزعجتهم النفخة، وقد صوّر القرآن هذا المشهد تصويرا بليغاً، فقال سبحانه:
{وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ[1]}، وقال تعالى:{فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ * فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ[2]}. فهو حدث عظيم، وأمر جليل، كيف لا وهو مقدمة وبداية ليوم القيامة، الذي تشيب فيه الولدان، و{يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ[3]}. وقد أوكل الله عز وجل أمر النفخ في الصور لإسرافيل عليه السلام، وهو من الملائكة العظام، ومنذ أن أوكل بذلك وهو متهيئ للنفخ فيه، وكلما اقترب الزمان ازداد تهيؤه، قال صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم:
(كيف أنعم، وقد التقم صاحب القرن القرن، وحنى جبهته، وأصغى سمعه ينتظر أن يؤمر أن ينفخ فينفخ، قال المسلمون: فكيف نقول يا رسول الله: قال: قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل، توكلنا على الله ربنا) رواه الترمذي وحسنه.
وينفخ في الصور نفختان: النفخة الأولى، وتسمى: نفخة الصعق - الموت - وهي المذكورة في قوله تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاء اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُم قِيَامٌ يَنظُرُونَ[4]}. وبسماع هذه النفخة يموت كل من في السموات والأرض إلا من شاء الله أن يبقيه.
قال صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: (إن الناس يصعقون، فأكون أول من يفيق، فإذا موسى باطش بجانب العرش، فلا أدري أكان فيمن صعق فأفاق قبلي، أو كان ممن استثنى الله[5]). وتأتي هذه الصيحة على حين غفلة من الناس وانشغال بالدنيا، كما قال تعالى:
{مَا يَنظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ * فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلَا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ[6]}. أما النفخة الثانية فهي نفخة البعث ،وهي المذكورة في قوله تعالى:
{وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاء اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُم قِيَامٌ يَنظُرُونَ[7]}.
وهي صيحة توقظ الأموات مما هم فيه، ثم يحشرون بعدها إلى أرض المحشر، وهذه النفخة هي المقصودة بقوله تعالى: {
وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ[8]}. أما عن الفترة الزمنية الفاصلة بين النفختين، فقد ثبت عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم قال: (بين النفختين أربعون، قالوا: يا أبا هريرة أربعون يوما، قال: أبيت، قال: أربعون سنة، قال: أبيت، قال: أربعون شهرا، قال: أبيت ،..)[9]. ومعنى قول أبي هريرة رضي الله عنه: أبيت. أي: أمتنع عن تحديد أي أربعين أراد النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، لكونه صلى الله عليه وسلم أطلق لفظ أربعين ولم يحدد. والله أعلم.
إن الساعة آتية لاريب فيها وانها حق، وأنه سيأتي يومٌ تعلمُ فيه كل نفس ما كسبت وما أحضرت وما قدمت وأخرت، فإذا تأملنا كثيراً من الآيات نلاحظ أن الله تبارك وتعالى يقول: (وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا[10]). سيرى كل إنسان أعماله يوم القيامة تعرض أمامه ليراها رؤية يقينية: (وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا) أي سوف يحضر الله تعالى هذه الأعمال ويضعها أمام هذا الإنسان ويراها.
ولذلك فإن الله تبارك وتعالى قال في آخر آية نزلت من القرآن: (وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ[11]). و يقول عز وجل: (وَإِنَّهُ) أي القرآن (لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ[12]) ، وكل شيء سيشهد علينا وينطق. يقول تبارك وتعالى: (وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ[13]). اللهم انا نسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة، اللهم انا نسألك العفووالعافية في ديننا ودنيانا، واهلنا
ومالنا اللهم استر عوارتنا، وآمن روعاتنا، اللهم احفظنا من بين يدينا ومن خلفنا، وعن ايماننا وعن شمائلنا
ومن فوقنا، ونعوذ بعظمتك أن نغتال من تحتنا
اللهم استرنا فوق الارض و تحت الارض و يوم العرض
وصلِّ اللهم على سيدنا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه وسلِّم