ليست البطالة المُقَنّعة فقط هي (اللاعمل) الذي ظاهره العمل،
ولكن أيضا هي (الآن) اللا أدب الذي ظاهره الأدب... وما أكثر ما تعجُّ به المحافل والمنتديات وما تطفح به المؤتمرات والندوات والمسابقات..
والمثال الصارخ علي ذلك هو؛
أنثى جميلة او هكذا تبدو، تهتم بمظهرها الخارجي اهتماما مبالغا فيه، تتجمل بكل ما يمكنها شراءه.. لتتفرد عن منافِساتها..
ثم تتعاطي النثر والشعر والرواية.!
وهي ليست منهم كلهم في شيء..
فيهتف بموهبتها المزيفة البطالون المخنثون سماسرة الأدب ومتعهدو الخلاعة، ثم لايأْلُونها خَبالا، فيحيطونها برُكام من المديح والإطراء. ويغرقونها في سيول من التملق والزلفى، رغبة في نظرة أو همسة أو لمسة..
النثر عندهم تهاويم فارغة، خالية من العقل والمنطق والاخلاق، والدين في أحايين كثيرة..
فإن أدرجوا هذا الكلام متصلا، كانت خاطرة..!
وإن وزعوه مُنَجَّما، كل كلمتين أو ثلاث في سطر، انقلب على الفور شعرا !
ولا أدري حتي هذه اللحظة، كيف يصح في عقل ووعي كل من شب عن طوق النزق وفارق الحدثان، أن يكون ثمة شاعر ولم يدرس دراسة متقنة دوائر الخليل وفرائده الذهبية التي ذللت قطوف النظم وأورثت العالمين علم الإيقاع الطربي (العروض)، الذي هو كراحلة تُسَيِّر راكبها علي مدرج الشعر من غير تكفؤ..؟!
وقد يملك أحدهم الراحلة ويتنكب السير علي الصراط، لخلو وِفَاضِه من عمق الشعور وفراغه من ذكاء الرصد وقصوره عن حسن التراكيب، وفقره في المحصول اللغوي الناجز؛ فلا يكاد يمضي أو يُبين.. إلا أن يكون ماهرا خريتا ذكيا قناصا ممتلئا، فذاك الشاعر..
وما دون ذلك مما نرى ونسمع، فنتاجهم الكسيح هو في أتم أحواله كـ(بعر كبش).. يحسبون به أنهم علي شيء، وما هم بشيء، ولايؤَمّل منهم شيئ، اذ كيف يشرق في سماء لغتنا المجيدة من قد أُغْشِيتْ عقولهم وقلوبهم قطعا من الليل مظلما..؟!