.. قراءة في : "كما أتيت" لــ الشاعر القدير/ أدونيس حسن
* مدخل:
أحيانا نمر على الكلمات فـ لا ننتبه ، و أحيانا نجد الكلمات لكماتٍ في الوجه ، تستفز الوعي فـ تتورم عين القراءة حتى تضيع المعاني..و بعض القصائد كـ الأطفال الصغار ، حين نستدير لـ الخروج من حيث هم...يتشبثون بـ أذيال ثيابنا لـ يستعيدونا ...مرةً أخرى ، فـ ننظر بـ عين الرؤية فـ نرى غير ما كنا نظن حين خرجنا من روضها في المرة الأولى..
(كما أتيت) كانت طفلةً تتمتع بـ عين حكمة ، عرفت كيف تجذب العين إليها و الروح كذلك..
***
"كما أتيت" كـ عنوان لا بد أنه لافتٌ و له دلالاتٌ جمة..في نفس القارئ عند أول وهلة...حيث عودنا الأدب الهام على ضرورة ربط العنوان بـ الموضوع وجدانيا ، دون إفراطٍ و هكذا نستكشف بعد رحلتنا داخل القصيدة"كما أتيت" و يوقفني هنا على أهبة سؤالٍ : من أين أتيت..؟!
هل هي رحلةٌ بدأت و انتهت...أم أنه المجيئ الأول ..؟أ
سـ نرى...لـ نترك هذا لـ النص و ما يبوح به..!
الشريعة ..
إذا قصَّرت الخطوات
كانت ..في امتداد الخطا أمامي
تعيدها إذا طالت
والحدود ..
لا تلامس الضفاف
ولا الضفاف عنها تسهو
تجري ..إلى مدى الغابات
وأزهار الغيم
إلى ألوان المطر
لا أحدا.. يقول :
أفعل ..أو .. لا تفعل
أقداري
كتبتها الأرض
على صفحات الجوارح
القوية تحمل أكثر
والضعيفة غيرها أقوى
أنا .. الطقوس
والطقوس .. أنا
ليست .. وثن
تأتي الصلاة أصحابها
إليها تشدهم
بماء الوقت
بتراب المكان
الصوم يمارس شوكه
يلدغ ..يموت..
وأنا .. أحيا
الزكاة ..
فائض ما أخذتْ
لا قدرة لي على مساحتها
إلى أصحابها تذهب
تعيدني.. إلي
كلهم بي ..
الجنة .. جهنم .. الملائكة
والرسل .. الأولياء .. والعلماء
عندما .. فيَّ .. مني
أغرق
لم أكبر ..وإن كبرت
الشعر أسود بلونه الأبيض
والطفل مازال داخلي
يعبث ..يلعب
ويسأل
بداية النص :
"رأيت الله"
...و رؤية الله –عز و جل- لا تتأتَى في أي وقتٍ فـ كان التحديد هاما ، ذا دلالةٍ –لا ريب- توحي بـ العلاقة بين الموقفين :
رأيت الله...........لما أغلقت الحطام..الخراب و أحرقت الحطب..!
شروطٌ لا بد من تهيئتها و قبولها..لـ هذا صار السيف –بـ يده- وردة
و فيه اشتعلت..رائحة النعناع ، تفتح الأنفاس عبر المدى...
حتى انطفأت الشهوة
و كيف لا..؟! احترقت فـ أضاء الحب كل الأركان...
· يبدأ الشاعر من هنا حديثه عن "الشريعة" التي لا تقصر و لا تطول... فـ هي "حدود" مفتوحة الأمداء...حيث الغابات ، تنمو أشجار الحرية...دون قيدٍ يقتل الفطرةَ النقية..يزهر الغيم مطرا ملونا..لا مكان لـ الأطر المحدِّدة المحِدة لـ الأفعال التي تجب أو لا تجب..فـ الأقدار نافذةٌ..شاء من شاء أو أبى من أبى...و لا موازين لـ القوة هنا..إنها الفطرة بنت الطبيعة..لا شيء يوقفها...أو يقوى عليها .
و الشاعر هنا يتوحد مع الطقوس :
أنا ..الطقوس
و الطقوس..أنا
و ينبه مؤكدًا:
ليست ... وثن
نعم ، فـ كيف تكون و هي أنا..و أنا هي..؟!
هي فعل الجوارح كلها و الأفكار حين تتجسد فعلًا..ليست حجرًا لا روح فيه..
*"الصلاة" يأتي أصحابها..بـ وضوءٍ..بـ تيممٍ ، لا فارق أبدًا ..فـ هي تعلم كيف تشدهم حين يأتي الوقت ماءًا لا يتوقف عن الجريان...
* "الصوم"..رغم كل صعوبته و ألمه ، ما أزال معه ، بل و بعده..أحيا..
هكذا يقول الشاعر
*أما "الزكاة" ..
*فـ رغم كونها فائضا مما أخذت ، فـ أنا عاجزٌ في تقدير المكان الذي تشغله ، و هي لا تنتظر..إنها تذهب حيث تحب أن تكون ، في براح قلوب البسطاء الـ يقدّرون حضورها إليهم...و من أجلهم سنّ الله الشرائع..
و يستمر الشاعر في الاعتراف أمام مرآته :
كل الشرائع طيبة..تعيدني إليّ
و يطيل النظر معترفًا :
كلهم بي..!
أجمل ثم يفصّل.. في قوله تفصيلًا لـ السابق :
الجنة..جهنم..الملائكة..
و الرسل...و الأولياء..و العلماء
نعم...لـ نقف قليلا ها هنا..على هذه الربوة المعانقة صفاء الفضاء :
هنا ..تتلاحق أنفاس الاعتراف و التأمل ..هنا يقول:
كلهم بي..
"الجنة"..
إنسانٌ يؤدي طقوس الشرائع كاملة...لـ ثمنٍ واحد..هو الجنة
"جهنم"...
خوفٌ يستعر من الإهمال..أو التواطؤ مع الأرض انسحابًا نحو الخطيئة...و الخوف دافعه حب الجنة..
"الملائكة"...
هنا عن اليمين و عن اليسار..بي ، معي ، يسجلان كل قولٍ بـ قدرٍ و العمل من أجل الجنة..
و "الرسل"..
نؤمن بهم جميعًا ، داعين إلى كلمة الله الواحدة..فـ من منّا ليس له رسوله الـ يؤمن به و هو يرسم طريق الجنة..!!
"الأولياء"...
الأقرباء..الصالحون ..الراشدون..الذين علمونا أن لـ الجنة طريقٌ واحد..
و "العلماء"...
هم الذين يخشون الله لـ أنهم أكثر البشر علمًا بـ حكمة خلقه سبحانه و تعالى..و يعلمون أن العلم سبيلٌ لـ الجنة
،،،
هنا...بعد هذه الوقفة الروحانية مع تفاصيل مفاتيح العلم و كيف كلها تتفق معًا لـ تفتح طريق الجنة...يغوص الشاعر في نفسه -خلق الله الجميل- فـ يغرق..إيمانًا به سبحانه و تعالى و يستمر الشاعر حتى يصل لـ لؤلؤة النص المتألقة:
لم أكبر...
لأنه ما يزال نقيًّا..كـ كل إنسانٍ يعرف لـ الشريعة طقوسها كاملةً
و يستمر :
و إن كبرت
الشعر أسودٌ بلونه الأبيض
تاج الرأس الأبيض ليس دليلًا على الشيب..
و يعود لـ يؤكد هذا ، مُصرًّا :
و الطفل ما زال بداخلي
ما أجمل الإقرار هنا بـ هذا الوصول..
الطفل..ما زال داخلي
و كما عودونا الأطفال...لا يبقون في مكانٍ واحد...راكدين
بل تضج نفوسهم بـ الحياة..و يبعثرونها في الأشياء حولهم روحًا لا تنتهي..
فـ الطفل ما يزال :
يعبث...
و ما أجمل عبث الأطفال..
و يلعب...
لكنه كذلك :
يسأل..!
ما يزال..
،،،
* في قفلة القصيدة...تحليلٌ لـ معنى العنوان و رابطةٌ وثيقة بين الموضوع و العنوان...هنا...كأنه يريد أن يقول :
و الطفل ما زال داخلي
كما أتيت...!
لا تأثير لـ كل هذه الحياة على النفوس النقية التي تغتسل كل يوم في ماء الشريعة الطهور...!
،،،
هكذا كانت :
كما أتيت
رحلةً من الإنسان إلى ذاته...في قاربٍ إلهي...
،،،
الشاعر القدير أ/ أدونيس حسن
أتمنى أني لم أسئ لها...هذه الطفلة الحكيمة
،،
كل التقدير
رد: قراءة الشاعرة والأديبة القديرة أحلام المصري في قصيدة كما أتيت لأدونيس حسن \\
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عمر مصلح
عندما تلج الشاعرة غياهب جب الأحلام
تتوثب المدن بزي دلو لاغتراف الهموم
وها أنتِ ايتها الشفيعة، لقد ترجمتي الألق بالبريق
ففزتما بالماء
لكمـــــــــــــــــــــــا محبة لاتنضب
والماء قابل كل صورة ويبقى كما هو
تختلط به الأشياء ولا يمتزج به شيء
وإن جبر على حيز ضيق غير طبيعته
وصار أرق وتسامى منه بجميع اللطف
ينافس الحياة في وجوده
ويغار منه الهواء في ضرورته
الأديب القدير عمر مصلح
بكم نعي معنى الزهر ولهجة الريحان
في تلال الجمال
رد: قراءة الشاعرة والأديبة القديرة أحلام المصري في قصيدة كما أتيت لأدونيس حسن \\
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عواطف عبداللطيف
قراءة تستحق التوقف
الاستاذة احلام المصري كانت مميزة في قراءة وتحليل النص
ووضع الأقواس حول على مواطن الجمال
الأستاذة أحلام
النبع يسأل عنك
نتمنى أن تكوني بخير
الأستاذ أدونيس
دمت بخير
تحياتي
و ماذا أقول أمام هذا العطف الغامر !
أقف بلا قدرةٍ على إيفاء المقام العالي حقه !
غاليتي روح النبع ،
قصرت كثيرا و أعلم ،
لكن ها أنا عدت ،
و ها قد وجدتكم كما كنتم و دوما ، قلبا جميلا ، لا يغلق بابه في وجه القاصدين ،
دمتِ عالية النبض كما عرفناك
شكري العميق لقلبك الرائع
التوقيع
ضاقت السطور عني
و أنا..فقط هنا
نشيد جنازتي..يشجيني
رد: قراءة الشاعرة والأديبة القديرة أحلام المصري في قصيدة كما أتيت لأدونيس حسن \\
الشاعر القدير أ/ أدونيس حسن
أيها الكريم المبدع
لا تعلم كم أسعدني أن أجدها هنا
فـ أنا لـ الأسف لم أكن احتفظت بها...و بعدما بعثر الهواء فضاءً كنا فيه...
ظننتها ضاعت مني
لله درك أيها الوفي
أعدت لي الكثير مما ضاع يوما
شكرا كبيرة...و لا تفي
التوقيع
ضاقت السطور عني
و أنا..فقط هنا
نشيد جنازتي..يشجيني
رد: قراءة الشاعرة والأديبة القديرة أحلام المصري في قصيدة كما أتيت لأدونيس حسن \\
شاعرنا القدير أدونيس حسن ،
أتمنى لو نطمئن عليكم ،
فالأحداث التي جرت على مر سنوات فرقت شمل حروفنا ،
لكننا - ما استطعنا - نعود ، فنسأل عن بعضنا البعض ،
لكم التقدير دوما
و أتمناك بخير
التوقيع
ضاقت السطور عني
و أنا..فقط هنا
نشيد جنازتي..يشجيني
رد: قراءة الشاعرة والأديبة القديرة أحلام المصري في قصيدة كما أتيت لأدونيس حسن \\
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحلام المصري
شاعرنا القدير أدونيس حسن ،
أتمنى لو نطمئن عليكم ،
فالأحداث التي جرت على مر سنوات فرقت شمل حروفنا ،
لكننا - ما استطعنا - نعود ، فنسأل عن بعضنا البعض ،
لكم التقدير دوما
و أتمناك بخير
لقد توفي الشاعر الخلوق أدونيس حسن من خمسة أشهر تقريبا
تغمده الله بواسع رحمته.. وألهم ذويه الصبر والسلوان