قصيدة تتجلّى قوّة تأثيرها في وجدان متلقيها في دقّة الإحساس بها .
ولعلّ العنوان وحده باعتباره عتبة للنّص الشّعريّ يعطي جوهر القصيدة
فللغرام شرّ تعلنه الشاعرة منذ مطلع القصيدة في سؤال تطرحه
ماذا أقول
وهو سؤال يستعيد به الكلام وحدته ويتساوق مع ما ينتاب نفس الشاعرة
وقد وردت العبارات
يرتجف....يسجد ...يعتكف
متآلفة مستوعبة لأحاسيس تعقل روحا مرهفة في شطحات صوفيّة راقية تعتكف وترتجف ثمّ تسجد
ليتكرّر السؤال في لاحق المقطع
ماذا أقول
فتجيئ التعابير في منتهى الخصب العاطفي والثراء اللغوي وفي عَينيهِ قافيتي
قلبي مَحابرُ والأوراقُ تَرتشفُ
.
الصُّبحُ يَقتاتُ زَهواً من محاسنهِ
والوردُ مِن أحمرِ الخدّينِ يَستلفُ
.والنخلُ يَرسمُ سوراً حولَ مقلتهِ
وضّاءةٌ مِن وعاءِ الشمسِ تَغترفُ
فالصّور الشّعريّة المكثّفة تشدّ خيوط القصيدة في هذه الأبيات لتفجّرها تفجيرا يرتقي بمعنى الغرام و(شرّه المستطاب)في نفوسنا ووجداننا لتظلّ القصيدة نفسا واحدا لا ينقطع .وقد جاءت العبارات والمفردات من معجم لغويّ يستجيب للإبلاغ عن الأحاسيس في لمح ذكيّ متفرّد ينبثق عنه في لاحق القصيدة ما يمنح بناء حالات عاطفية وجدانية انفعالية بمنتهى العمق والتّفوّق
فالعينان مصدر ومنبع للقافية والإلهام
والقلب محابر(وايراد صيغة الجمع لمحابرتصعيد لأرفع درجات الإدراك والوعي بما يحدثفي دواخل شاعرتنا)
ليستمرّ الكلام في معايير لغويّة متفوّقة من جيّد الى أجود
صبح يقتات زهوامن محاسن حبيب
والوردمن أحمر الخدين يستلف (وهذاه الأستعارة من أبواب البديع في البلاغة فمن الطّريف أن يستلف الورد حمرته من خدي المحبوب وما اأفناه أن الخد يستلف حمرته من الورد)فهي قمّة الرّوعة في فن التّشبيه
فللمدح في هذه القصيدة احتيال لطيف على مدلول المستعار والمشبّه به وهي ضرب من ضروب بلاغة التشبيه التي لا تنقاد الى لشاعرة في حجم حنان الدليمي فهي مقامة على إدّعاء أنّ المشبّه أبلغ من المشبّه به
وفي المقاطع التالية تجيئ المعاناة والمكابدة ل(شرّ غرام)
أهفو إليهِ وفي الأضلاعِ أمنيةٌ
تَشكو المحالَ وَبالأحلامِ تَلتحفُ
.
في يَقظةِ السهدِ والأوسَانُ نائيةٌ
لا خمرَ يَشفعُ لا أشواقَ تنصرفُ
.
إن خَبّأَ الشوقُ في طَيّاتهِ حِمماً
فالعشقُ سُقمٌ وما للبُرءِ مُنعطفُ
.
لَيتَ الهيامَ الّذي في الروحِ مَضجعهُ
لا نَهيَ يُعنيهِ لا أعرافَ تَختلفُ
.
مِنْ أيّ لَفظٍ أصوغُ الحُزنَ مَلحمةً
تَستنطقُ الشعرَ ألحاناً وتَحترفُ
.
ألزمتُ قلبيَ عشقاً ليسَ يَلزمهُ
والوجدُ مِنْ باقةِ الأفراحِ يَقتطفُ
.
شَرُّ الغرامِ غرامٌ لا وصالَ بهِ
وشَرُّ ما تُحدِثُ الخَيباتُ تَأتلفُ
فشرّ الغرام ذريعة شاعرتنا في وضع المتلقي الإنتقال به الى سياق مشحون بدفقات أكثر قوّة جاءت على صلة وثيقة وعميقة ومتينة بما يحدث في أعماق الشاعرة من مدّ وجزر وكرّ وفرّ وحالات انشطار بين مواقف منقسمة
أهفو-------تشكو ....تلتحف
لاخمر يشفع ولا أشواق تنصرف
لتطلق صرختها الى استنفار .
يا حرقةَ الوجدِ ثوري في تَرائبهِ
واستنطقي الصمتَ عَلَّ الصمتَ يَعترفُ
.
إن خَبّأَ الشوقُ في طَيّاتهِ حِمماً
فالعشقُ سُقمٌ وما للبُرءِ مُنعطفُ
.
لَيتَ الهيامَ الّذي في الروحِ مَضجعهُ
لا نَهيَ يُعنيهِ لا أعرافَ تَختلفُ لولا قدرة الشاعرة على وعيها بما تحسّ لما استطاعت بهذه الصورة أن تحيلنا الى حالة الإنكسار والإحباط التي تحسّ بها
لتختم نثار المعاناة بهذا المقطع .
ألزمتُ قلبيَ عشقاً ليسَ يَلزمهُ
والوجدُ مِنْ باقةِ الأفراحِ يَقتطفُ
.
شَرُّ الغرامِ غرامٌ لا وصالَ بهِ
وشَرُّ ما تُحدِثُ الخَيباتُ تَأتلفُ
فالقصيدة رائعة ولن أتحدّث عن رقّة ايقاعها وقافيتها التي تشيع فيها رواءا قد أذهب للقول أنّه يتناقض مع ما ما حملته من انفعالات ودفقات مترعة من شرّ غرام لا وصال به وشرّ ما تحدث الخيبات.......
شاعرتنا الرّائعة حنان
هي تهويمة قد لا ترتقي لجمال وترف قصيدتك ....دخلت مراسيمها حتى أصابت خاصرة الفؤاد فكانت هذه القراءة المرتجلة .
مع جمّ انبهاري بحرفك الذي يعانق في كلّ نصوصك تخوم الإبداع والجمال .
التوقيع
لِنَذْهَبَ كما نَحْنُ:
سيِّدةً حُرَّةً
وصديقاً وفيّاً’
لنذهبْ معاً في طريقَيْنِ مُخْتَلِفَيْن
لنذهَبْ كما نحنُ مُتَّحِدَيْن
ومُنْفَصِلَيْن’
ولا شيءَ يُوجِعُنا
درويش
آخر تعديل منوبية كامل الغضباني يوم 03-15-2015 في 11:01 AM.
رد: قراءة أدبية في قصيدة شرّ الغرام للشاعرة حنان الدليمي
الغالية على قلبي منوبية
كان لكِ غوص مدهش في ماهية القصيدة بقراءة متقنة
اصطحبتِني من خلالها إلى ذاتي
حيث استخدمتِ التشريح السليم في التحليل الراقي بعين ترى الجمال بأبعاد مختلفة
وفككتِ النص برؤية ناضجة عامرة بالتجارب.. بلغة مكينة بأدواتكِ الساحرة
قراءة أشبعت نهمي وفضولي
شكرا لعينيكِ التي كللت نصّي بجمال القراءة
شكرا لقلبكِ الذي احتوى حروفي في بيت دفئه
شكرا لإيمانكِ بحرفي
تحايا قلبي تمطركِ