من وحي الإبداع
الإبداع لغة, من (بدع) وبَدَعَ الشيء اخترعه وصنعه لا على مثال، وبدعه معناها بدأه وأنشأه ومن هذا كان (البديع) الذي هو من أسماء الله الحسنى, التي استخدمت في القرآن الكريم, حيث قال (بديع السموات والأرض) أي موجدهما، حتى صار الإبداع والإبتداع عند الحكماء ايجاد شيء غير مسبوق بمادة ولا زمان.
ومن هذا يتبين لنا أن الإتيان بشيء جديد هو الشرط الأول والأهم في الإبداع، ومثل هذا الإتيان لا يتسنى للإنسان إلا إذا ما أضاف من نفسه القادرة, فالقدرة هنا: (تعني فيما تعنيه الموهبة الخلاقة) على ما أتى به الغير من قبله فيستخلص منه ما لم يستطعه ممن سبقوه، وهذا يعني فيما يمكن أن يعنيه امتلاك الأصالة التي هى نقيض التقليد، والتقليد لا يمكن أن يكون إبداعًا مهما بلغ من اتقان, لأنه يبقى في النهاية تقليدًا لاغير.
أما الأصالة فهى التي يمكن أن تفجر دواخل الإنسان وتطلق طاقاته القصوى, لأنها هى ضمانة الابتكار والقدرة على الخلق.
فقد قلنا إن الإبداع: يعني الإتيان بما هو جديد، وبما أني أدعي أن الغرب الذي وضع أسس الأدب الحديث، لم يدع لنا مجالاً لجديد، فإن هذا يغلق باب الإبداع حسب مفهومه الغربي، بوجوهنا، وهذا يعيدنا كرة أخرى إلى إشكالية الأدب العربي، أو العراقي إذا ما شئتم، ولو أني لا أرى فرقًا بين المفهومين ما دمنا نكتب بـ "الغة عربية"، ولكني لا أريد هنا أن أعود إلى هذا الموضوع، بل سأبقى أحاول أن أحسب ما يتبقى لنا إذا ما افترضنا صحة ما ذهبت إليه. هكذا ترون أني قد حرمت بسوداويتي موهوبينا من فرصة التمتع بمجد الإبداع! وقد أكون مخطئًا فيما ذهبت إليه! ولكني أرجوكم أن تسايروني حتى أنهي ما أردت قوله، إذ بانتفاء فرصة الإبداع لا يتبقى أمامنا غير التميز، وحتى هذا التميز سيكون نسبيًا, لأننا لن نستطيع يومًا أن ننافس العقل الغربي في مضمار اختصاصاته، فيبقى للموهوب منا فرصة أن يتميز على أقرانه من الموجودين على الساحة المحلية.. ولكن تعودنا أن نرى البعض وهو يستهين أو يستخف بكل من يوجد في الساحة معه من كتاب، وهو لا يعي جدية المأزق الذي يهيئه لنفسه! فإذا ما أراد كاتب موهوب، أن يستمتع بتميزه وتفوقه على الأدعياء، فعليه أن يتذكر أن التميز في وسط متدني الامكانيات لا يعتبر تميزًا حقيقيًا بالمرة! وهكذا ترون، مرة أخرى، يا سادتي أني قد تسببت بأحكامي هذه (التي آمل أن لا تكون ناتجة عن نقص في الإدراك أو خلل في قدرتي على استقراء المعطيات التي تهيأت أمامي) والتي ترشحت عن تداعيات فكرية (ألمّت) بي، أن يجفونا الإبداع ويهجرنا التميز! فلم يبق أمامنا غير الإتقان وهو ما لن أجرؤ على الخوض فيه, لأني لست بالخبير المختص الذي يمكن أن يحدد درجات الاتقان أو مكانه في الأعمال الأدبية، لكن يبقى معياري هو مدى تأثير أدبنا في الحركة الأدبية العالمية، وإذا ما أراد أحد أن يحاججني بموقع الشعر العراقي بوجود عملاق هائل, مثل: الجواهري أو رمز خالد, مثل السياب فأرجو أن يتذكر أن هذا الموقع محسوب بالنسبة للحركة الأدبية العربية، التي هى نفسها ستعاني كثيرًا إذا ما أرادت أن تأخذ لنفسها موقعًا متميزًا في الحركة الأدبية العالمية، ورغم ذلك فإن هذا التميز الجزئي يحسب فقط للشعر العراقي وهذا نابعًا من عوامل اجتماعية واضحة, قد لا تخفى على عيني "المتفحص الحليم".
مسكين مجتمعنا هذا! كم ضاعت من مواهب فيه؟ وكم أحبطت له من إمكانيات واعدة؟ لأننا ومن سبقونا تقاعسنا عن واجبات لم يكن يجدر بنا أن نتركها للأقدار الغاشمة لتتلاعب بها كيفما تشاء! ولكن إذا ما شاء من يشعر بموهبته منكم, أن ينزوي الآن ليجتر أحزانه ويندب حظه العاثر, الذي جعله يولد في زمن لم يكن يلائم برج سعده! فأرجو منه أن يهيء شمعته، بدلاً من أن يفكر بلعن الظلام، لأن الفرصة لن تضيع يومًا.
سلاما جميلا أستاذ سعد
مقالك يمنح كل ذي موهبة أن يراجع حساباته من جديد ..
لكن كيف يلحق الأدب العربي بالأدب العالمي وكل مابينهما مختلف من جغرافية وبيئة وتاريخ ، وعقائد ؟
ولاأقول من حيث اللغة ؛ فهناك من المبدعين باللغات الاسوية والأفريقية تمكنوا من شقّ طريقهم وثبتّواا مكانتهم على منصة الأدب العالمي
شكرا لحضورك وكل رمضان وأنت بألف خير
التوقيع
ممن اعود ؟ وممن أشتري زمني ؟ = بحفنة من تراب الشعر ياورق؟
سيدتي.. نظريا يمكن للأدب العربي أن يلحق بالأدب العالمي وأن يأخذ مكانه في ركبه.. فللأدب نظرياته وما أن تبرز نظرية الأدب العربي حتى يكون هذا الأدب في أفضل حالاته ويستطيع أن يفعل ما يشاء.. ولكني قلت نظريا لأننا نعرف أن الأدب لا يمكن أن يسير في دروبه بصورة منفصلة عن بقية مفاصل المجتمع وبما أن حال مجتمعاتنا ما هو عليه! فأعتقد أن هذا الأمل مؤجل حاليا وحتى إشعار آخر.. أما عن التجارب الأخرى فالحديث عنها يطول ولكنها يمكن أن تفيد غذا ما إنتبه لها المختصون في الأدب وحاولوا أن يستفيدوا من تجربتها، ولكن هل سيفعلون؟! أنا لا أريد ان ابدو متشائما ولكن هذه هي حقيقة الحال.ز دمت بسعادة وشكرا
مسكين مجتمعنا هذا! كم ضاعت من مواهب فيه؟ وكم أحبطت له من إمكانيات واعدة؟ لأننا ومن سبقونا تقاعسنا عن واجبات لم يكن يجدر بنا أن نتركها للأقدار الغاشمة لتتلاعب بها كيفما تشاء! ولكن إذا ما شاء من يشعر بموهبته منكم, أن ينزوي الآن ليجتر أحزانه ويندب حظه العاثر, الذي جعله يولد في زمن لم يكن يلائم برج سعده! فأرجو منه أن يهيء شمعته، بدلاً من أن يفكر بلعن الظلام، لأن الفرصة لن تضيع يومًا.
الأستاذ سعد سعيد
تحية طيبة
وأهلاً بك على ضفاف النبع
نعم كم من المواهب ضاعت وكم من المبدعين يجرهم الخذلان ويجتاحهم الحزن وتعتريهم الغصة لعدم توفر الفرصة لهم أو السماح لهم بالإستمرار
وأقل منهم بكثير تلمع أسمائهم وتسطع في عنان السماء فقط لإنهم يعيشون في مكان يكون فيه للإنسان قيمة وللإبداع مكان بعيداَ عن التصغير والصفع والحسد وتقليل القيمة
والمسؤولية ليست مسؤولية الفرد نفسه هي مسؤولية الجميع من أجل الإرتقاء بذلك
وتبقى العزيمة هي الأساس فنرى على سبيل المثال الكثير من الأطباء صاروا من أشهر أطباء العالم لأنهم هاجروا لينالوا فرصتهم بالحياة
والكثير من الفنانين والأدباء والكتاب وغيرهم
لأن لكل شيء قيمة في هذه الحياة
علينا اللحاق بالركب ولكن!!!!!!!
قبل كل شيء علينا تقبل النقد
تطوير الذات
والإرادة
دمت بخير
تحياتي
التوقيع
آخر تعديل عواطف عبداللطيف يوم 08-11-2011 في 05:36 AM.
سيدتي الفاضلة عواطف.. للحقيقة اقول أن ضياع المواهب ليس سمة مجتمعنا الخاصة، بل أن هذا يحصل في جميع المجتمعات كما أعتقد، فالأمر يتعلق بالقسمة والنصيب أحيانا، وفي أحيان أخرى يكون متعلقا بالعزيمة الشخصية كما ذكرتِ بالضبط.. ولكن هذا الأمر يكثر في مجتمعنا لطابع التخلف الذي يغلب عليه.. أنا أعتذر بالتأكيد إذا ما لم يناسب وصمي لمجتمعنا بالتخلف ذائقة اي من الأصدقاء، ولكن هذه هي الحقيقة كما أراها أنا.. أما عن الهجرة إلى أماكن أفضل لنيل فرص أكثر! فلدي مشكلة كبيرة في هذا الأمر، فأنا لن استطيع أن اكتب شيئا وأنا بعيد عن العراق والكتابة أصبحت حياتي.. شكرا جزيلا لتجشمك عناء التعليق على مقالتي.. دمت لنا رمزا للنبع
الابداع:
. أن ترى ما لا يراه الآخرون
. أن ترى المألوف بطريقة غير مألوفة
. هو تنظيم الأفكار وظهورها في بناء جديد انطلاقاً من عناصر موجودة
. انه الطاقة المدهشة لفهم واقعين منفصلين والعمل على انتزاع ومضة من وضعهما جنباً إلى جنب
. الابداع طاقة عقلية هائلة، فطرية في أساسها، اجتماعية في نمائها، مجتمعية إنسانية في انتمائها
. هو القدرة على حل المشكلات بأساليب جديدة تعجب السامع والمشاهد
الإبداع حالة عقليةبشرية تنحو لإيجاد أفكار أو طرق ووسائل غاية في الجدة والتفرد بحيث تشكل إضافة حقيقية لمجموع النتاج الإنساني كما تكون ذات فائدة حقيقية على أرض الواقع إذا كان الموضوع يرتبط بموضوع تطبيقي أو أن يشكل تعبيرا جديدا وأسلوبا جديدا عن حالة ثقافية أو اجتماعية أو ادبية إذا كان الموضوع فلسفيا نقديا أو ان يشكل تعبير ضمن شكل جديد وأسلوب جديد عن العواطف والمشاعر الإنسانية إذا كان الموضوع يتعلق بالنتاج الأدبي وأشكاله. ويمكن تعريفه اجرائيا أو شرطيا بانه إنتاج عقلي جديد ومفيد واصيل ومقبول اجتماعيا ويحل مشكلة ما منطقيا أو بما قبل الشعور.
وقرأت هنا
أن الإتيان بشيء جديد هو الشرط الأول والأهم في الإبداع، ومثل هذا الإتيان لا يتسنى للإنسان إلا إذا ما أضاف من نفسه القادرة, فالقدرة هنا: (تعني فيما تعنيه الموهبة الخلاقة) على ما أتى به الغير من قبله فيستخلص منه ما لم يستطعه ممن سبقوه، وهذا يعني فيما يمكن أن يعنيه امتلاك الأصالة التي هى نقيض التقليد، والتقليد لا يمكن أن يكون إبداعًا مهما بلغ من اتقان, لأنه يبقى في النهاية تقليدًا لاغير.
الأستاذ الكريم شاكر السلمان المحترم.. درجت في مقالاتي أن لا أقول إلا ما يرتضيه عقلي ويأنس له ذوقي من دون محاولة إقتباس أو تعكز على ما قاله الذين سبقوني والسبب هو لأني أؤمن أن نتاج العقل البشري لا بد وأن يتشابه في النهاية لأنه وليد المنطق ولذلك لا غرابة أن يشبه ما قرأته هنا ما قرأته هناك.. شكرا جزيلا لإضافتك ويسعدني أني آويت إلى هذا النبع الذي سيسقيني زلالا.. دمتم جميعا بخير