بينما كنت أسير ذات ليله في احد الأوديه فإذا أنا بشجرة عظيمه عليها سرب من الحمام فطار جميعه إلا واحده بقيت تصدح تصدح وتسجع وطال سجعها وصديحها فقلت في نفسي مالها؟ وما سر بكائها بعد أن طار رفقاؤها فأحببت أن اصف ذلك شعراً
ورقاء قولي ماالذي أشجاك ....... طول النوى أم ذاك همس شفاك
تتألمين على الغصون كأنما ....... أضحى العزاء مشاركاً لهواك
بالله بوحي بالجراح ونفسي ...... ماكان يخفيه الفؤاد إزاك
هيجت بالصوت الشجي مشاعري ..... ومزجت من شفق الغروب بكاك
ما كان يوقض نائماً إلا به ....... من حر حرقته سعير لضاك
تتألمين فلا يحن لحالك ............ أين القلوب وأين سحر غناك
قد طار بالغرباء كان بودهم ......... لثم التراب تتبعا لخطاك
تترنمين بما تجوش صدورهم ...... والشوق للأوطان وقع شكاك
يتذاكرون على البعاد ديارهم ....... ويردد الصوت النحيب صداك
يصغي اليك وقد تبعثر لبه ........ من كان في قيد الغرام سواك
ويجود بالدمع الغزير لأنه ......... فقد الكلام ومنصتاً لشكاك
من صاح من فرط الجوى متالماً ..... يبكيه صوت الناي ذاك هراك
هم يحسبون الناي هيج شاعراً ...... والناي كان الغصن تحت علاك
ما ناح يبدي للقلوب خواطراً .........إلا له من بعض ريق لماك
ورقاء رقي للفؤاد وضمدي .......... ما كان يلقاه لنيل لقاك