كان بينه وبين التحول الى لص بضعة أمتار .. او بضعة أيام .. فمع أنه نشأ في أسرة متماسكة لاتعرف غير الحلال طريقاً والاستقامة أسلوباً في الحياة إلاّ أنه ومنذ أن بدأ يرتاد محل البلي ستيشن القريب من داره أخذ يتمرد على توجيهات أسرته ، فلا الأم استطاعت ردعه بالنصيحة ، ولا الأب منعه بالزجر والضرب .
صار الطفل مدمناً على ارتياد ذلك المحل حتى لم يعد مصروفه كافياً ليغطي نفقات اللعب هناك ، فأخذ يطلب من أسرته مالاً أكثر ، وبما أنها غير قادرة على منحه أكثرمما خصصت له من مصروف يومي ، لجأ الى السرقة من محفظة والده تارة ومن ( جزدان ) أمه تارة أخرى .
وحين كانت الأم تعثر بحوزته على مبلغ أكبر مما تعطيه إياه ، يبرر الأمر بأنه عثر على المال في الطريق . ولم تقتنع الأم بحجته ، إذ من الجائز أن يعثر على المال مرة لكن ليس من المعقول أن يتكرر أمر عثوره على النقود بشكل شبه يومي ، لذا واجهته أمه بما يدور في ذهنها ، فخجل الطفل من نفسه ، فقد كان قد بدأ الخطوة الأولى نحو الحرام والكسب غير المشروع جراء انجرافه مع هواية اللعب غير النافع .
وبما إنه نشأ من منبت حسن ارتدع عن غيه بمجرد أن واجهته الأم بتصرفه المغلوط ولم يعد يسرق لكنه بقي مدة طويلة متعطشاً للمزيد من ألعاب الأتاري ومشتقاته التقنية .
ولو لم تنتبه أسرته الى خطأه منذ الوهلة الأولى لاعتاد السرقة ، ونما مع ثمارها المسمومة حتى يصير شاباً يلجأ الى السرقة لتأمين معيشته وملذاته وليس للعب الأتاري فقط . وقد يعمد الى أساليب أخرى للكسب ، كالمراهنات والمقامرات مثلما يحصل لدى لبعض ممن يعشق لعبة الحظ ، فيراهن وبمبالغة على رمية زار بمال او عقار وماالى ذلك دون أن يعتمد على كده وتعبه في الحصول على المال مما يؤدي الى نتائج وخيمة كان بالإمكان تفاديها لو نشأ هذا البعض منذ طفولته على مفاهيم سليمة .
إن الهوايات غير المجدية التي تستنزف المال بلاجدوى تحتاج الى وقفة من الأُسر لمتابعة أبنائها وتوجيههم الى الألعاب التي لاتضرهم وتحويل أنظارهم الى الهوايات النافعة التي تمني قدراتهم الفكرية وإفهامهم أن الحرام لايجلب إلاّ الحرام ، وإذا لابد من ممارستهم الألعاب الألكترونية ، فليكن ضمن المعقول وبما لايؤثر على دراستهم .. وجيوب ذويهم ، وبذا نحافظ على كونهم مشاريع أعضاء صالحين لايشكلون عبئاً على المجتمع بعد حين .
*****
من عمودي الأسبوعي : حال الدنيا
التوقيع
هي تذكرة الى مدن الحب والورد .. مدن الحلم .. مدن القمر .. مدن الحزن .. مدن الأمل ..
فالحياة محطات سفر ، والكلمات كذلك ..
*****
تذكرتي وكل خلجاتي مهداة الى أسرتي الجميلة