يقال : إن الكلمة إذا خرجت من فمك لم تعد ملكا لك بل أصبحت ملكا للسامع : وهذا ينطبق على العمل الأدبي شعرا كان أم نثرا لأنه خرج من الشاعرأو الأديب إلى الآخر الذي سيتلقاه ويفهمه حسب مجموعة من العوامل
فالعمل الأدبي خرج من فكر الأديب مغلفا بالمشاعر والأحاسيس من خلال وضعه في قوالب لفظية تفصح عن الفكرة والعاطفة :
ـــ عاطفة
ــــ فكرة
ـــ تعبير
فكيف خرج إلى القارئ ؟ هل كانت التراكيب واضحة ؟ مفهومة ؟ بسيطة ؟ حملت الشحنة العاطفية ؟
والأهم من هذا وذاك : كيف كان المتلقي ؟ ولمن يتوجه النص ؟
من هنا كان النقد للعمل الأدبي ، والنقد معناه إبراز نواحي الجودة في النص من خلال المعنى والمبنى وكذلك توجيه الملحوظات إلى سلبيات النص من خلال مجموعة عوامل :
ـــ الفكرة ومدى اتساعها أو ضيقها
ـــ العاطفة : هل هي ترتقي إلى مستوى إنساني أم ذاتية ضيقة ، ومن عنا نوجه النقد إلى شعر الخنساء أنه ذاتي خاص رغم جودة عملها الأدبي في رثاء اخويها معاوية وصخر
ـــ التراكيب : ومدى صحتها وسلامة الألفاظ لغويا ونحويا ، ووضوحها بحيث تحمل المعنى المراد إلى أوسع شريحة من الناس
ومن هنا قالوا لأبي تمام : لماذا تقول ما لا يفهم ؟
ــــ أكد النقاد على النحو وبخاصة في الشعر فقد تنبه النابغة الذبياني إلى خطإ وقع فيه من خلال مغنية طلبوا منها أن تغني شعره الذي يحتوي الغلط ، فانتبه ولم يعد إليه ، وظهرت علوم اللغة من البلاغة والبديع والمجاز وغيرها
ــــ وقالوا هناك ضرورات شعرية متعددة ألا أنه لا يجوز أن يقع الشاعر في مخالفة نحوية أو كسر الوزن
ــــ اللغة ووضوحها وصحتها من حيث الاشتقاق والبنية وألا ماذا نفهم من قول الأعشى :
وقد غدوت إلى الحانوت يتبعني ...... شاو مشل شلول شلشل شول
وأخذوا على أمرئ القيس :
غدائره مستشزرات إلى العلا .
فكلمة مستشزرات متنافرة الحروف في اللفظ
السؤال الهام الآن :لماذا يغضب بعض الأدباء من النقد ؟
النقد موجه إلى النص لا إلى شخصية الشاعر حتى أنه لا يذكر من حياة الشاعر إلا البيئة التي أثرت في النص : اجتماعية أو سياسية أو اقتصادية .....
فإذا وجه لبعضهم ملحوظة هنا أو هنة هناك ثارت ثائرته وعدها هجوما شخصيا على كنز معلوماته الذي لا يضاهيه علم !
لا يا سيدي ....النقد موجه لعمل أدبي ليس ملكك بعد أن خرج منك إلى الناس لأنهم هم الذين يتذوقون أو لا يتذوقون هذا العمل ، وهم الذين سوف يحكمون من خلال تذوقهم على جمالية النص
ثم من منا لا يقع في سهو أو غلط ؟ جل الله وحده عن السهو والغلط فمن طبيعة العقل البشري أن يسهو وينسى ويغلط و ...
فقد رأيت في المنتديات الأدبية كثيرين على قدر كبير من الوعي يشكرون من يوجه إليه النظر إلى كلمة هنا أو سهو هناك
وقليل من الأدباء / وعذرا / أو المتأدبين والمتشاعرين / تثور ثائرتهم عند توجيه ملحوظة ألا نردد دائما ( وفوق كل ذي علم عليم )
ومن قال أن أعلم فهو لا يعلم شيئا ، وهل النقد كما رأيت أحيانا هو تصفيق لقائل النص والإطراء عليه رغم ما فيه من مخالفات نحوية أو لغوية أو تكسير في الوزن ؟
وهل نتعلم أكثر من أغلاطنا ؟ اسألوا أي طالب بعد أن ترك المدرسة لسنوات كيف يذكر كلمة غشها من زميله لأنه لا يعرفها أوفكرة أخطأ فيها
وبعدها تنبه إلى صوابها من مصدر من المصادر
مع التحية وليكن شعارنا : لا أحد فوق النقد
رمزت ابراهيم عليا
آخر تعديل عواطف عبداللطيف يوم 09-24-2013 في 12:45 PM.