في بيتنا القديم تلوح دالية
أكل الزمان عليها و أخنى
كجدران كنيسة مهدمة في ريف أوربي
عليها تتلاطم أمواج من جدول حزن خفي
يلوح وراء الحس
و ذكريات ماض لم يتجدد
تنأى على الجدار العتيق
و ترنّم أغنية حزينة و موال فقد
فترددهما معها الجدران النحاسية
و بقايا الدخائن المصفوفة على النافذة الخشبية
و يعلو صوتهم كثيراً كثيراً
لكن دون أن يسمعه البشر
لا تزال أوعية جدتي هناك
تنتظر يديها الحانيتين لتمر عليها
تنتظر و تنتظر
دون أن تلقى المجيب
فيها وضعت زيتاً و لبناً
و أقفلتها بإحكام
لكنها لم تكن تدري
أنها ستخر مشلولة بعد أيام
و تفارق الدنيا على تلك الحال
دون أن تعيد فتح أوعية مؤونتها
التي أعدتها لذاك الشتاء
في غرفة عتيقة ببيتنا
تفوح منها رائحة عقد السبعينيات
خبأ أهلي عشرات الأشياء أيام المحن
وضعوا كل ما يخطر على بال
و لم يدر بخلدهم
أنها ستبقى حتى يرثها أبنائي
فيرغبوا عنها ، و يلقوها في زاوية الإهمال
لتغدو جزءاً من آثار الماضي
و ذكرى عتيقة لا مكان لها
إلا قلبي المعنّّّّّّّّّّّّّّّى بذكرياته
هيؤوا أشياءهم لتدوم
و نهيء أشياءنا مثلهم لذلك
و لا ندري ، و أنى لنا أن ندري
أستبقى لنا بضعة أيام
أم سنبقى لها و لو بعض يوم
لكننا لا بد نعلم علم اليقين
أن كل ما على هذه الدنيا سيرحل يوماً أو يبيد
و يبقى عظيم السموات الكبير وحده فوقنا
خالداً
لا يتبدل ..... و لا يزول
التوقيع
الأديب هو من كان لأمته و للغتها في مواهب قلمه لقب من ألقاب التاريخ