لوحات الفنان العراقي فائق العبودي المغترب، تعابيرها الثاقبة بكل مظاهرها الابداعية، وشواهد الوانه الصارخة عبر تاريخ بلد بكل مدنه وأطيافها، تمنحك الاحساس بالعمق الجمالي، والانتماء المتاصل.
وطن مضى بكل اصوله في شرايين القلب، حولت دمع المغتربون من ابنائه الى أهداف أضحت معانيها عالقة في العيون والقلب والعقل، نجوى نفوسهم تتحدث عنها الالوان بريشة فنان، أنامله تفوح منها رائحة المسك باطمئنان وثقة، ربما شغف يُسكَب على أوتار العمر شعرا،ً عند الشعراء، أوصور يانعة في الذاكرة تلفها مفردات حدث قصصي، واحياناً أفكار تعرض فوق خشبة مسرح ستائره فاتحة صدرها بقوة ألم العرض، المغترب في المهجر يؤثث نتاجه الادبي والفني، ميثاق عهد يعمل على ترجمة عذاباته التي يعيشها المبدع، من هذه الترجمات لوحات الفنان التشكيلي العراقي فائق العبودي، وما يحمل من موهبة ترتد بانتمائها لجذره، بكل هواجسه واحاسيسه الضخمة والمألوفة ؤكد حجم حبه للعراق، استخدم اللون بمعرفة تحمل هندسة متالقة، تناسق وانسجام محتشد باليوم العراقي، تجانس علاقته واضح بالتراث، رسم اشترط حدَّ العظم بمجتمعه، كأنها فم فتحَّ بكل حجمه مبتسماً للوطن، تحيل تنفس ومشاعر المشاهد الى حدود الوطن، الوانه تجمع الماضي والـتألق الحضاري، ونخوة الرجل العراقي الشهم، وعفة المرأة وحنانها، وبراءة الطفولة وطيبة الشيخ، بتلك الالوان المستخدمة من قبله بدقة متناهية، الابيض وفضائه الشاسع بين فئات مجتمع محصن بالحب تجاه بعضه، رافضا أصوات الحروب وما حصدت أيامها من امسي جميلة، والأزرق ومدلوله في الموروث والتراث نسج منه سبحة تعد الامان بين الاصابع، وما لطقوس هذا اللون في الفعل اليومي، والبني الذي يمثل طين الارض والانسان مما خلق، والاسود وعباءة المرأة العراقية وما لها من تمثيل لوضعها العام في مجتمع يقدس جمالها بهذا الزي المميز، مزج رائع متصالب ومكثف، أبرز تماسكه اللوني في اظهار ذات الانسان العراقي، بحسه الفني منخرطاً بسلام وتناسل لوني جذره الحب، ممتلكاً الوعي والمجاز العاطفي وأصالة العراقي، لا حدود لعاطفته تجاه وطنه وشعبه، كل لوحة تروي زمن له حضوره، ألوانها استدعاء للحلم الزاحف نحو الامل، تجسيد ينطوي على التباين من جدل حول الغربة وما للحنين من حضور، لللون اشارة عند الفنان فائق العبودي، طقوس لديانة الحاضر، وحدسية للنشأة الاولى عند الانسا المتلبس، فائق العبودي العصامي المغبون في آن واحد، جادل اللون صعدة معانيه، اعطى ريشته ايقاعها دون تحديد هياكل في لوحاته، لشعوره انه لا فواصل بين العراقي اينما وجد، رموزه شاهد روحه المحبة لكائناته العراقية وكل موجوداته، تعامل مع حدسية الاصالة فكانت لوحاته، قمة المنطق للواقع، داخل الفنان فائق العبودي نبع كفل له هذا التحرر من رسم الشكل، مُرَكِزاً على حتميات تمثل نمطية اكلاسيكية، تبنى ضميره واعتمد حبه في فروض التشويق على لوحاته، لشحذ ذات المشاهد حرية التسلق عبر اللون، حدد نقطة الاندهاش لحظة التمعن في المعنى والهدف من لوحاته، فائق العبودي يملك سلطة على الاصرار في مد ذهن المشاهد للوحاته، بالتحمس المبهج لإختياراته في التعاطف، أسس لفنه عمق خالص باللون، اسلوبه منقسم على مساحة المعرفة، وامتلاك الذوق الواعي، لديه ولدى المشاهد، لوحاته في قلبها يسكن العراق، تحرسه مقومات حضارة غرست في تداخل متماسكة ومتآزرة، بعمق شديد بين كل اطيافه من جنوبه لشماله وشرقه وغربه، وحدة الروح الصافية، مهما تنوعت جغرافية الخريطة العراقية، هناك دائما تداخل متين يتخلله شعور بالترابط، مشبعة بتراكمات الغيب والكائن المجهول بتأثير الماضي، ونشاط يدفع الى مفاهيم ذهنية تحول كل رغبة تحيطه، الفنان فائق العبودي، لوحاته تحمل نوع من لغة النزاع المستمر لا يتغير في لوحاته، اسبابه التوحد والتحديد في ارسال افكاره عبر اللون بموضوعاته المشتقة من الواقع، تؤكد تسجيل واضح للرمز العراقي، انجاز فني له خصوصية مرتبطة بالشخصية العراقية، لوحات فائق العبودي قابلة للتحليق بروحها عبر المشاهد، لغرس المتعة المثيرة والعودة بكل متعلقات الاصالة في حياة الفرد العراقي، تأخذك البهجة والاثارة الى شخصية المبدع فائق ومقومات تجربته الفنية في خلق القيمة الجمالية بنحو كامل، المشاهد بالفطرة يفهم ارتباطه بما تحمل اللوحة من مفاهيم لها ذكريات تعيده بكل ما يتصل بحياته اليوميةن وما تقدم به من خبرة امتلكها الفنان فائق العبودي، وما تجيش رموزها الدلالية، تذكر المشاهد بالماضي السحيق، والاني المؤلم، والمستقبل القانط في تلك الالوان، تعود بالمشاهد الى بغداد والبصرة والموصل، وكربلاء والتكريت وزاخو، تعود بالمشاهد للامومة والطفولة والتاريخ والتراث، تكسبه انطباع جميل يدخل نفسه بسلاسة لاتعرفها غير الاماكن المقدسة.