ألـــم تـشـكـر لـنــا كـلــب بـأنــا=جلـونـا عــن وجـوهــم الـغـبـار
كشفنـا عنـهـمُ نــزوات قـيـس=ومثـل جموعـنـا مـنـع الـذماـرا
وكـانـوا معـشـرا قــد جـاورونـا=بـمـنـزلــة فـأكـرمــنــا الـــجـــوارا
فـاطـفـأنــا شـهـابـهــم جـمـيـعــاً=وشب شهاب تغلب فاستنارا
تـحـمـلـنــا فــلــمــا احـمــشــونــا=أصاب النار تستعر استعـارا
حياتي
عندما توفيت والدتي واسمها ليلى الإيادية تزوج أبي من امرأة أخرى وكانت زوجة أبي تقسو عليّ وتأمرني برعي الغنم وتنغص عليّ معيشتي، مما كان له بالغ الأثر في تفجر طاقاتي الشعرية بسبب هذه المعاناة التي كنت أعيشها مع زوجة أبي وانشغال والدي عني .
ذكر الرواة أنني عندما كنت صغيراً أردت أن آأكل زبيباً وتمراً وأشرب حليباً ، فمنعتني زوجة أبي. وبعد أن ذهبت تغافلتها فأكلت ما أشتهي وشربت ، فلما علمت زوجة أبي بذلك أرادت أن تضربني فهربت منها وقلت :
وكانت أول مشكلة برزت في حياتي هي هجائي للأنصار في قولي :
ذهبـت قريـش بالمكـارمِ والعُـلا=واللـؤمُ تحـت عمائـم الأنـصـارِ
فذروا المعالي لستم من أهلها=وخـذوا مساحيكـم بنـي النـجـارِ
وكان النعمان بن بشير كبير الأنصار في دمشق وعند سماعه هذه القصيدة غضب ودخل على معاوية وشكاني
فأمر معاوية بقطع لساني ، لكنني لذتُ بيزيد بن معاوية فأنقذني من هذه العقوبة ، فقلت أمدح يزيد الذي مد إليّ يد العون بعد أن سخط عليّ الناس بسبب قصيدتي اللاذعة في الأنصار :
أمــا يـزيـدُ فـإنـي لـســتُ نـاسـيـهِ =حتى يُغيبني في الرمسِ ملحودُ
جـزاك ربُـك عـن مُستـفـردٍ وحــدٍ=نفـاهُ عــن أهـلـهِ جــرمٌ وتشـريـدُ
مستشرفٌ قد رماه الناسُ كلهم =كأنهُ من سموم الصيـف سفُّـودُ
وربما كان إدماني وشغفي بالخمر هو الذي جعلي لاأدخل في الإسلام !!
وبسبب هذا الادمان على الخمر قلت:
صريعُ مُدامٍ يرفع الشرب رأسهُ =ليحيا وقد ماتت عظامٌ ومفصلُ
نُـهـاديـهِ أحـيـانــاً وحـيـنــاً نــجُــرهُ =ومــا كــادَ إلا بالحُشـاشـة يعـقِـلُ
إذا رفعـوا عظمـاً تحامـل صــدرهُ =وآخــر مـمــا نـــالَ مـنـهـا مـخـبّـلُ
كنت أتغزل بنساءٍ متزوجات . وإليكم هذه القصة :
كان هناك رجلٌ يقال له سعيد بن بيان ودعاني في يومٍ من الأيام إلى بيته لنشرب الخمر وكان سعيد بن بيان رجلاً غنياً ودميماً أعور ولهُ زوجة جميلة اسمها برة ، فلما سكرِت صرت أنظر إلى جمال زوجته مرةً ،ومرة أنظر إلى قبحه ، فطردني سعيد من بيته فخرجت وهجوته وتغزلت بزوجته قائلاً:
وكيفَ يداويني الطبيبُ من الجوى =وبــــرَّة عــنــد الأعــــور بــــن بــيـــانِ
وكنت مثقفاً في اللغة العربية وأخبار العرب وأنسابهم وتاريخ الشعر ونقده واطلاعي على علوم العربية والأخبار كان واضحاً في اشعاري السياسية .
فقد كنت بالرغم من نصرانيتي أعرف أسماء مجموعة من الأنبياء والرسل وكنت لدى ذكري لهم آتي بالمعاني التي سردها القرآن الكريم بشأنهم ، وقد قلت في مدح يزيد بن معاوية :
جـزاكَ ربُـك عــن مستـفـردٍ وَحَــدٍ=نـفـاه عــن أهـلـهِ جُــرمٌ وتشـريـدُ
جــزاءَ يـوسـف إحسـانـاً ومغـفـرةً=أو مثل ما جُـزيَ هـارونٌ وداودُ
أو مثل ما نال نوحٌ في سفينتهِ =إذ استجـاب لنـوحٍ وهــو منـجـودُ
كما كنت أرددُ معاني أتت في القرآن الكريم مما ينم عن ثقافتي الإسلامية ، وتتجلى هذه الظاهرة بصورة أوضح عندما قلت :
فأصبحوا لا يُرى إلا مساكنهم =كأنـهـم مــن بقـايـا أمــةٍ ذهـبـوا
أو قولي :
اليوم أجهدُ نفسي ما وسعتُ لكم =وهـل تكلـفُ نفـسٌ فـوق مـا تسـعُ
مستواي الفني :
أعد من الطبقة الأولى من شعراء بني أمية والعرب كافة ، وكنت من فطاحلة الشعر أنقحه وأزوقه وقد أمضي سنة كاملة في إحدى قصائدي