(1)
عندما ساد المنهج الوصفي الدراسة اللغوية عادى الأساتذة النحو العربي؛ لما فيه من التقدير، وكذلك عادوا الصرفي العربي لما فيه من الإعلال والإبدال؛ مما يقتضي البحث عما وراء السطح الظاهر. وظلوا على ذلك حتى جاء المنهج التوليدي التحويلي.
وسنعيش اليوم مع كلمة لولا التقدير لما فُهمت، بل تجعل بعض المتخصصين يقولون كما قال كتاب "موقف السيوطي من الأغلاط اللغوية": {يقال: تقدُّم مطّرِد بالطاء المشددة، ولا يقال: مضْطَرِد، بالضاد؛ لأن المطّرد مشتق من مادة (الطرد)، وهي الطاء والراء والدال، وليس فيها ضاد؛ فالقائلون: (مضطرد)- ليت شعري من أين أتوا بالضاد؟ فليس في العربي (ضرد) حتى ينقل إلى (افتعل) ويكون بالإبدال (اضطرد)، كما هو الحال في (ضرب) الذي اشتق منه (اضطرب) فهو (مضطرب)، ولم يجئ في الإبدال المطرِد إبدال الطاء الأول ضاداً}.
ولنبدأ الرحلة مع مصادر اللغة!
(2)
1- "النهاية في غريب الأثر" لابن الجزري، و"تاج العروس من جواهر القاموس" للزبيدي
{ضطرد}
في حديث مجاهد [إذا كان عند اضْطِراد الخيل وعند سَلِّ السُّيُوف أجْزَأ الرجلَ أن تكون صلاتُه تكبيراً] الاضِطرادُ هو الاطِّراد: وهو افتعال من طِرَادِ الخيل وهو عَدْوُها وتتَابُعُها، فقلبت تاء الافتِعَالِ طَاءً ثم قلبت الطاءُ الأصْليةُ ضَاداً. ومَوضعُه حرفُ الطَّاء وإنما ذكَرْناه ها هنا لأْجِل لَفْظِه.
2- "لسان العرب" لابن منظور
(ضجع)
أَصل بناء الفعل من الاضْطِجاعِ ضَجَعَ يَضْجَعُ ضَجْعاً وضُجُوعاً فهو ضاجِعٌ، وقلما يُسْتَعْمَلُ، والافتعال منه اضْطَجَع يَضْطجِعُ اضْطِجاعاً فهو مُضْطَجِعٌ. قال ابن المظفر: كانت هذه الطاء تاء في الأَصل، ولكنه قبح عندهم أَن يقولوا: اضتجع فأَبدلوا التاء طاء. وله نظائر هي مذكورة في مواضعها... فأَما قول الراجز:
لَمَّا رَأَى أَنْ لا دَعَهْ ولا شِبَعْ مالَ إِلى أَرْطاةِ حِقْفٍ فالْطَجَعْ
فإِنه أَراد فاضْطَجَعَ فأَبْدَلَ الضاد لاماً وهو شاذ، وقد روي فاضْطَجَع، ويروى فاطَّجَعَ على إِبدال الضاد طاء ثم إِدْغامِها في الطاء، ويروى أَيضاً فاضّجع بتشديد الضاد أَدغم الضاد في التاء فجعلهما ضاداً شديدة على لغة من قال: مُصَّبِر- في مُصْطَبِر. وقيل: لا يقال: اطّجَعَ؛ لأَنهم لا يدغمون الضاد في الطاء. وقال المازني: إِن بعض العرب يكره الجمع بين حرفين مطبقين فيقول: الْطجع ويبدل مكان الضاد أَقرب الحروف إِليها وهو اللام، وهو نادر.
قال الأَزهري: وربَّما أَبدلوا اللامَ ضاداً كما أَبدلوا الضادَ لاماً، قال بعضهم: الْطِرادٌ واضْطِرادٌ لِطِرادِ الخيل.
3- "معجم الصواب اللغوي" للدكتور أحمد مختر عمر
811 - اضْطَرَدَ
الجذر: ط ر د
مثال: اضطرد معدل النمو
الرأي: مرفوضة عند الأكثرين
السبب: لأن «افتعل» من «طرد» لم تأت بهذا الشكل في المعاجم.
المعنى: تتابع
الصواب والرتبة: -اطَّرَدَ مُعدل النمو [فصيحة]-اضْطَرَدَ مُعدل النمو [صحيحة]
التعليق: عند صوغ «افتعل» من «طَرَدَ» تُقْلب تاء الافتعال طاء، وتُدْغَم الطاءان فتصبح «اطَّرَدَ»، ولكن جاء في اللسان: «الاضطراد: هو الطِّراد، وهو افتعال من طِرَاد الخيل، وهو عَدْوُها وتتابعها، فقلبت تاء الافتعال طاء، ثم قلبت الطاء الأصلية ضادًا»، وفي حديث مجاهد: «إذا كان عند اضطراد الخيل .. أجزأ الرجل أن تكون صلاته تكبيرًا»، وفي مسند ابن حنبل: «واضطردت طرقها أنهارًا». وعلى هذا يصح التعبير المرفوض.