كان قديماً يُقال : كلُّ فتاةٍ بأبيها معجبة
والحق أنَّ الأبوةَ لَمحلُ إعجابٍ ومفخرةٍ في نفوسِ كلِّ مَن لمسها
وإني اليوم أشاركُ بهذهِ القصيدةِ في هذا الصرحِ ولا تعلمُ يا أبي رغم أنك من الذين قضوا حياتهم في تدريسِ اللغةِ العربيةِ سنيناً وبذلوا قصارى جهدهم ومَن لهم شأنٌ في لغةِ الضادِ حفظاً وإتقاناً وسجيةً وغيرَ ذلكَ ولكن يا أبي سحركَ أخذ مني ما اخذ ولستُ هنا بصددِ نعتِكَ فللّهِ درُّ قولِ الشاعرِ
والمسكُ ما قد شفَّ عنه ذاتُهُ*** لا ما غدا يَنْعَتُهُ بائعُهُ
فأنتَ في شرفةِ القلبِ ووصفي عاجزٌ ولكنهُ (سحرُ الأبوة) بعثني نحوك وأنا قليلُ البضاعةِ إلا مِن نفثاتٍ بين حينٍ وآخر.....
سحرُ الأُبُوَةِ كالخَميلَةِ مَرَّ بي = رَقَّتْ على نَسَماتِ جسمي يا أبي
مِنْ وَجْدِكَ الأبَوي فاحتْ نَشْوَةٌ = و أنا بها فَجٌّ عَميقُ المأْرَبِ
ولِقلبِكَ الميمونِ مجمع أخوتي = فيهِ جُمعنا تحتَ ظلِّ المنكبِ
وإذا ينابيعُ الفؤادِ تَفَجَّرَتْ = سَحَّ الحنانُ بِرَوضةِ المعشوشبِ
أهوى حنانَكَ شَعَّ شمساً إذْ روى = فرعَ الأبوةِ زاهراً في كوكبي
أهوى ظِلالَكَ فوقَهُ شمسُ الضحى = أكنافُهُ عَبَقُ الحياةِ الصَّيبِ
أبتاهُ يا إشراقةً هي مجمعي = كالشمسِ إلا أنَّها لم تغربِ
أنوارُ قدسٍ في الضلوعِ بَعَثْتَها = تنسابُ طوعاً مِن معينكَ يا أبي
ولقد وَجَدْتُّكَ في الدُّنا أسطورةً = ما كنتُ محتاجاً لوصفٍ مُعْربِ
إني دعوتُ اللهَ دعوةَ صادقٍ = في أنْ يكونَ رضاكَ عني مطلبي
يا موكباً سارتْ إليهِ قصيدتي = ( هيهاتَ منكِ غبارُ ذاكَ الموكبِ )
سيدي..... لا تحتاج لشعرٍ أو نعتٍ
... لكن.. كما هو دأب محبيك
بما تجود به عطاياهم في مواساتكم
فأحببتُ أن أكون في أي بقعة أو جهة
أظهر فيها ما أحبتته وألفته نحوكم سيدي
ولو بالنزر القليل
علني أحضى من الله برضاكم
فإليك سيدي.....
وجمَ القريضُ عن البيانِ طويلا = والفكرُ أجدرُ أن يكونَ عليلا
يا نبعَ مدرسةِ المعارفِ والتقى = أيُ القريضِ يكونُ أصدقَ قيلا
ما الشعرُ إلا الحب في أرجائنا = أتظنني أجدُ القريضَ سبيلا
إنْ قيلَ مَن تعني فقلتُ بداهةً = فرعَ النبوةِ صادقا وأصيلا
يا من تجمعَ تحتَ روضتِهِ التي = ريحانُها قد ذللتْ تذليلا
باللهِ لا تنسوني عند دعائِكم = أفلا أكونُ معَ النزيلِ نزيلا
واهاً أيا حامي الشريعة ما لنا = إلا التصبرَ بكرةً وأصيلا
يا أيها الطودُ المغيبُ في الثرى = عَلَماً برغمِ الجاحدينَ دليلا
شَوقُ التلاقي في الحشاشةِ يَعْصفُ = وحنينُهُ في القلبِ لا يتوقفُ
بينا تحومُ الذكرياتُ بداخلي = وإذا كياني نحو طيفِكَ يزلفُ
وَدَّعْتَني يومَ الفراقِ بحرقةٍ = ونصحتني فيها وأنتَ المنصفُ
وأجلُّ مِن تلك السنين وضيمِها = جرحَ التنائي من فؤاديَ ينزفُ
كنا افترقنا حقبةً لا برهةً = وأنا الذي فيها غدوتُ أسوفُ
وأنا الذي أمضيتُ بعدكَ موهناً = والسُّنبلاتُ هي السنين العُجّفُ
أواهُ مِن جرحٍ ألمَّ بمفرقي = وثوى كموجٍ في الحشاشةِ يعصفُ
جرحُ الفراقِ كنايةٌ لكنَّهُ = عند العيانِ لوقعُهُ لا يوصفُ
يا عنفوانَ العمر كيف ترهلتْ = تلك الغصونُ وتاهَ ذاكَ الرفرفُ
29-8-2015
سماهيج