ما قيل في حب الوطن قال ابن الرومي: ولي وطن آليت أن لا أبيعه ... وألا أرى غيري له الدهر مالكا عهدت به شرخ الشباب ونعمة ... كنعمة قوم أصبحوا في ظلالكا فقد ألفته النفس حتى كأنه ... لها جسد لولاه غودرت هالكا وحبب أوطان الرجال إليهم ... مآرب قضاها الشباب هنالكا إذا ذكروا أوطانهم ذكرتهم ... عهود الصبا فيها فحنوا لذلكا وقد ضامني فيها اللئيم وغرني ... وها أنا منه معصم بحبالكا فإن أخطأتني من يمينك نعمة ... فلا تخطئنه نقمة من شمالكا قيل عن عسل بن ذكوان أنه قال: قال أبو سرح: سمعني أبو دلف أنشد: لا يمنعنك خفض العيش في دعة ... نزوع نفس إلى أهل وأوطان تلقى بكل بلاد أنت ساكنها ... أهلا بأهل وجيرانا بجيران فقال: هذا ألأم بيت قالته العرب. وقال جالينوس: يتروح العليل بنسيم أهله، كما تتقوت الحبة ببل المطر إذا أصاب الأرض. وقال أفلاطون: غذاء الطبيعة من أنجع أدويتها. وقال: يداوى كل عليل بعقاقير أرضه، فإن الطبيعة تتطلع إلى هوائها وتنزع إلى غذائها. وقالت الحكماء: حنين الرجل إلى وطنه من علامات الرشد. وقيل حب الوطن من الايمان وقال بزرجمهر: من أمارت العاقل بره بإخوانه وحنينه إلى أوطانه، ومداراته لأهل زمانه. وقال أعرابي: لا تشك بلدا فيه قبائلك ولا تجف أرضا فيها قوابلك. وقال أبو تمام: كم منزل في الأرض يألفه الفتى ... وحنينه أبدا لأول منزل وقال تعالى: " ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم " فجعل خروجهم من ديارهم كفؤ قتلهم لأنفسهم. ومنه قوله تعالى: " وإذا أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم ولا تخرجون انفسكم من دياركم " وقوله تعالى: " ولولا أن كتب الله عليهم الجلاء لعذبهم في الدنيا " فجعل إخراجه إياهم من ديارهم بدلا من العذاب المستأصل لهم لشبهه به عندهم. و قالت الهند: حرمة بلدك عليك مثل حرمة أبويك، لأن غذاءك منهما وغذاءهما منك. وقال آخر: أرض الرجل ظئره ودار مهده. وقال آخر: الحنين إلى الوطن ورقة القلب من رقة القلب من الرعاية، والرعاية من الرحمة من كرم الفطرة، وكرم الفطرة من طهارة الرشد، وطهارة الرشدة من كرم المحتد. وقال الشاعر: لقرب الدار في الاقتار خير ... من العيش الموسع في اغتراب وقال الشاعر المهجري: وطني حببتك سيداً ومسودا ……. وحببتُ أرضك عوسجاً ووروداً