الشريف الرضي
قصيدة غزلية عمرها ألف عام ولا زالت حروفها تقطر ندى عند قراءتها لا تمرَّ عليها مرور الكرام وانهل من صفائها ورونق صدقها وتمعن في صورها فهي لوحة خلابة تستحق أن تقضي معها وقتا طويلا
يا ظَبيَةَ البَانِ تَرْعَى في خَمَائِلِهِ = ليَهنَكِ اليَوْمَ أنّ القَلبَ مَرْعَاكِ
المَاءُ عِنْدَكِ مَبْذُولٌ لشَارِبِهِ= ولَيسَ يُرْوِيكِ إلاّ مَدمَعي البَاكي
هَبّتْ لَنَا مِنْ رِيَاحِ الغَوْرِ رَائحَةٌ = بَعْدَ الرُّقَادِ عَرَفْنَاها برَيّاكِ
ثمّ انثَنَينَا، إذا مَا هَزّنَا طَرَبٌ = عَلى الرّحَالِ، تَعَلّلْنَا بذِكْرَاكِ
سَهْمٌ أصَابَ وَرَاميهِ بِذِي سَلَمٍ = مَن بالعِرَاقِ، لَقد أبعَدْتِ مَرْمَاكِ
وَعدٌ لعَينَيكِ عِندِي ما وَفَيتِ بِهِ = يا قُرْبَ مَا كَذَبَتْ عَينيَّ عَينَاكِ
حكَتْ لِحَاظُكِ ما في الرّيمِ من مُلَحٍ = يَوْمَ اللّقَاءِ فكَانَ الفَضْلُ للحَاكي
كَأنّ طَرْفَكِ يَوْمَ الجِزْعِ يُخبرُنا = بِما طَوَى عَنكِ من أسمَاءِ قَتلاكِ
أنتِ النّعيمُ لقَلبي وَالعَذابُ لَهُ = فَمَا أمَرّكِ في قَلْبي وَأحْلاكِ
عِندِي رَسَائِلُ شَوْقٍ لَستُ أذكرُها = لَوْلا الرّقيبُ لَقَدْ بَلّغتُها فَاكِ
سَقَى مِنًى وَلَيَالي الخَيفِ ما شَرِبتْ = مِنَ الغَمَامِ وَحَيّاهَا وَحَيّاكِ
إذ يَلتَقي كُلُّ ذي دَينٍ وَماطِلَهُ = مِنّا، وَيَجتَمِعُ المَشْكُوُّ وَالشّاكي
لمّا غَدا السّرْبُ يَعطُو بَينَ أرْحُلِنَا = مَا كانَ فيهِ غَرِيمُ القَلبِ إلاّكِ
هامَتْ بكِ العَينُ لم تَتبَعْ سِوَاكِ هوًى = مَنْ عَلّمَ البَينَ أنّ القَلبَ يَهوَاكِ
حتّى دَنَا السّرْبُ، ما أحيَيتِ من كمَدٍ = قَتلى هَوَاكِ، وَلا فادَيتِ أسرَاكِ
يا حَبّذا نَفحَةٌ مَرّتْ بفيكِ لَنَا = وَنُطْفَةٌ غُمِسَتْ فيها ثَنَايَاكِ
وَحَبّذا وَقفَةٌ، وَالرّكْبُ مُغتَفِلٌ = عَلى ثَرًى وَخَدَتْ فيهِ مَطَاياكِ
لوْ كانَتِ اللِّمَةُ السّوْداءُ من عُدَدي = يَوْمَ الغَميمِ، لمَا أفلَتِّ أشرَاكي
البيت الأخير المقصود باللمة السوداء هو الشعر الأسود دلالة على الشباب