إن نص وجوب الصوم لا يقبل بأي انفصام . و يربط ربطا محكما بين الصوم كطاعة أزلية زاولته أقوام ما في أزمان ما وبين الصوم كطاعة أو واجب أعيد تشريعه لملة الإسلام . ولا يقف الكثير أو لا يعرف الكثير عن كيفيات تلك المزاولة . سوى أن الصوم كان يزاول قبل أن يأتي الدهر على تلك المزاولة . حيث زاول أناس الفريضة الأيام الثلاثة الأولى من كل شهر . وجعلت أو جمعت هذه الأيام في شهر . لتصبح كنهر . له في ماءه إمتداد . وله مداد . له جرة . وله أجره وجبة على وجبة . إنه شهر رمضان . في هذا الشهر الذي لا يطلب الطالب أجره كطالب الضأن في ثمان . وإنه لمن الجلي أن هذه الإضافات منقولة . وكل له في ذلك قوله . وإن هذه الأضافات تزيد نص الوجوب متانة على متانة . لتجعل من النص نصا محبوكة جوانبه كجوانب حبل كتانة .
إن هذا الربط بين ماضي الطاعة وحاضرها لهو ربط اعجازي . وليس قليل الكلام عنه بجاز . وإنك إن شئت قول الكثير عنه فإنك حجازي . إنني أروم التأكيد تارة و أخرى . في سدرة وأخرى . أن سوق هذا المسوغ له دلالتة . والأمر أكثر من أحتجاج عقلي أو آلته . وبعبارة أخرى فإن النص يلوذ بهذا الربط ليس من منطلق تسويغ أو تقوية حجة لا تقف على قدمها لإنها ضعيفة المسوغ أو مهلهلة . وإنما لحكمة بالغة يشير النص إلى أن الصوم كان فرضا من الفروض مذ زمن الهدملة .