الموضوع: من نافذة القدر
عرض مشاركة واحدة
قديم 08-08-2011, 03:49 PM   رقم المشاركة : 1
أديب
 
الصورة الرمزية يوسف الحسن





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :يوسف الحسن غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي من نافذة القدر

من نافذة القدر

في يوم عبوس من أيام الشتاء القارص ، كانت الطبيعة في صمت وذهول ، يعلو وجهها الكآبة والحزن ، والخوف والوجل من سنا( ) البرق ، وقصف الرعد ، وزمجرة الأعاصير ، ووشوشة المطر ،.
وكانت السماء متلبدة بغيوم داكنة سوداء ، تُخفي دموعها حياء من صغارها الأفلاك القابعين في زوايا حجرها ، ثم تُشيح بوجهها الذي امتلأ بماء الطُّهر والحياة خشية أن تبللهم بانسكاب دموعها التي تنهمر كأفواه القرب .
ما أجمله من وجه أمام الأرض العطشى المتلهفة إلى قُبُلَات المطر .
أما شمسه الخائفة الوجلة تبدو مصفرَّة الوجه ، متكئة على ذراع أمها ، ملتحفة بقطع من الغيوم السوداء الداكنة ، لا تتراءى للناظر إلا من بين سُجف الغيوم المتراكضة أمام الرياح .
وأما النجوم - التي كانت تتلألأ في كبد السماء تباهي بجمالها ولآلائها الحور الحسان في الرياض والجنان - فقد غدت مستترة برداء الشتاء الداكن ؛ لا سُمَّارَ ولا عشاق يتهامسون في ظلال أضوائها في هدأه هذا السكون العميق …
وقفتُ متأملاً بحار همومي وأنهار آلامي وجراح أمتي ؛ أمتي التي كانت كالنَّسر في أعالي القمم ، تصول وتجول ، تجوب أجواء الفضاء الرحب بكل عزة وإباء ، وتحلق فوق الجوزاء تصافح بيديها نجوم السماء ، ترقب فجر الصباح بكل همة وَمَضَاء ، تسير وفق شريعة الخلاق ، لا تستورد قوانين وَضْعِيَّة وَضِيْعَةً من صنع البشر ، تسيرها المبادئ الخرقاء والأهواء الهوجاء .
أمتي ؛ كيف لانت واستكانت ؟ وصَغَت إلى مؤامرات وعَقْدِ مؤتمرات ، لا يراد منها إلا إنزالها من قمم الجبال إلى قعر المستنقعات ، فهل يستوي النسر مع الرخم( ) يا شرفاء ؟
أبحرت في عينيك يا أمتي الحبيبة عرضًا وطولاً ، فلم أجد سوى النزر اليسير من يشاطرني همومي ويضمد جِراحَكِ المتزايدة .
لقد دنس الأوغاد ثراك الطاهر بكل فاجر ومخمور ، ومأجور ومغرور . يصادرون أفواه الشباب حين يطلبون الحرية ، ونحن أحرار منذ ولدتنا أمهاتنا ، فقيدوا أفكارنا ، وهجروا كل صاحب رأي حر .. وفتحوا أبواب السجون للوافدين من الصغار والشباب والكبار ولم يتورعوا حتى عن النساء ..
ولكن شمس الحرية سطع وخرم بطن الليل المظلم .. وتوضأت الأرض بدم الشهداء الطاهر.. وروت شجرة الحرية التي كادت تموت .. فانتعشت وزهت وفاح عبيرها في كل مكان..


يوسف الحسن













التوقيع


الحب في الله جوهر لا مثيل له

به يتجلى االسمو و النبل والشرف

والحب مدرسة لكل حر
وعاطفة صادقة لا ريب فيها ولا صلف


يوسف الحسن
  رد مع اقتباس