الموضوع: ليو تولستوي
عرض مشاركة واحدة
قديم 09-12-2011, 07:11 PM   رقم المشاركة : 2
شاعرة
 
الصورة الرمزية كوكب البدري






  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :كوكب البدري غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي رد: ليو تولستوي


تولستوي وزوجته
وفي عام 1862، تزوج تولستوى، سونيا بيرس (Sonya Behrs)، وعاشا معاً حياة ملؤها الحب والسعادة. فقد تزوجا بعد حب مشتعل، وكانت سونيا في السابعة عشرة من عمرها، وتولستوي في الرابعة والثلاثين، وقد بلغ درجة عالية من الشهرة والنجاح الأدبي.
وعقب سنوات الزواج الطويلة، كانت حياتهما تنتقل من نجاح إلى نجاح، ومن تألق إلى مزيد من التألق، خاصة بعد أن أصبح تولستوي، واحداً من الأدباء المعدودين في عصره، وأصبح شخصية عالمية مرموقة، يقصدها الناس من كل بلاد الدنيا، طلباً للتعرف عليه والتعلم منه، وفهم أفكاره الإنسانية العظيمة.
وكانت سونيا، كما قال عنها تولستوي، "زوجة مثالية". فقد ولدت له ثلاثة عشر طفلاً، مات منهم ثلاثة. فقد كان تولستوي، مثل سائر الفلاحين، يحب كثرة الأولاد. ومن ناحية أخرى، كانت سونيا متعلمة ومثقفة، إذ تخرجت في جامعة مرموقة، إضافة إلى إجادتها عدة لغات غير الروسية، شأنها في ذلك شأن بنات الطبقات الأرستقراطية، فقد كانت تجيد الفرنسية والألمانية والإيطالية والإنجليزية. وخلال السنوات التي سبقت زواجها، نشرت سونيا بعض الكتب الأدبية من تأليفها. وبعد زواجها من تولستوي، استخدمت إمكاناتها الثقافية في مساعدة زوجها، العبقري الفنان، الذي قال عنها إنها "الزوجة المناسبة تماماً للكاتب". فقد كان يملي عليها مؤلفاته، وكانت من جانبها تبذل جهداً كبيراً لنسخ مسوداته وإعدادها للنشر، وكان تولستوي يستشيرها في تصويره لبعض شخصياته النسائية، فكانت تقدم له ملاحظات دقيقة وثمينة، يستفيد منها في رواياته المختلفة.
واستمر الأمر بين الزوجين على هذه الصورة المثالية، من التفاهم والتعاون والسعادة المشتركة. ومضت الحياة بهما في جو من البهجة لمدة تقارب أربعين عاماً. ثم جاءت المأساة بعد أن بلغ تولستوي، السبعين من عمره.
فقد ضج تولستوى بحياته، فتنازل عن ضيعته لأقاربه، وعن أرباح كتبه لزوجته، وارتدى ثياب الفقراء وعاش في الحقول المحيطة ببلدته يكسب مما تعمل يداه. وفي ذلك الوقت، بدا صيت تولستوى في الذيوع بوصفه فيلسوفاً ذا مبادئ جديدة، وبدأ الناس يبحثون عنه لمعرفة مزيد عن رؤيته في الحياة والأحياء. ولم تقبل الكلية آراءه، فكفرته وأبعدته عنها.
وخلال حياته في الحقول، التف حوله عدد من تلاميذه، الذين آمنوا بفنه، وأخذوا يساعدونه على تنفيذ أفكاره. ودارت معركة طاحنة بين هؤلاء التلاميذ، وبين سونيا زوجة تولستوي. فقد كانت تتهم تلاميذ زوجها، بأنهم منافقون ولصوص، يريدون السطو على ثروة زوجها العبقري، والقضاء عليه للاستفادة مما يمكن أن يتركه لهم، بعد أن أصابته رغبة عاصفة في الاستغناء عن كل ما يملك.
وبدأت سونيا تكتب مذكراتها الخاصة، تشكو فيها من هذا الزوج المجنون، ومن تلاميذه المنتفعين به على حسابها وحساب أولادها وسعادتها العائلية. وتحول بيت تولستوي إلى جحيم. فأخذت الزوجة تقاتل بكل قوتها لحماية ممتلكات الأسرة، وانتزاع زوجها من الحالة التي صار إليها، ومن إصراره على العمل بيديه ولبس الملابس الخشنة، والنوم في أكواخ الفلاحين، والمحاولات المستمرة لإعطاء كل ما يملكه، بغير مقابل، للآخرين.
وأمام هذا الصراع الحاد العنيف، غادر تولستوي بلدته، ذات يوم، مستقلاً قطاراً، بلا هدف واضح، وأصر على أن يركب في عربة الدرجة الثالثة المزدحمة، بما شكل خطراً كبيراً على صحته، إذ كان قد تجاوز الثمانين من عمره. وبالفعل، أصيب تولستوي بالتهاب رئوي حاد.
وما لبثت سونيا أن عرفت مكانه ثم لحقت به حيث نقله تلميذه الذي كان يرافقه، وطبيبه الذي أصر على البقاء معه، إلى مكان متواضع في إحدى محطات السكك الحديدية، وهناك لحقت بهما أيضاً ابنتهما الكسندرا. ووصلت الزوجة إلى المكان الذي يرقد فيه زوجها، وأرادت أن تراه، ولكن الجميع، بما فيهم ابنتها، منعوها من ذلك.
وفي العشرين من نوفمبر عام 1910، مات تولستوي، متأثراً بالالتهاب الرئوي الذي أصابه. وكانت آخر كلماته: "... لقد انتهى كل شئ، تلك هي النهاية، وهذا لا يهم". بعد أن بلغ من العمر 82 عاماً.
أما زوجته فقد عاشت بعده لسنوات طوال، تدافع عن نفسها ضد اتهامات الناس لها، بأنها كانت مصدراً للعذاب الكبير، الذي تعرض له زوجها العبقري العظيم، في آخر حياته.



عن موقع عباقرة الأدب












التوقيع

ممن اعود ؟ وممن أشتري زمني ؟ = بحفنة من تراب الشعر ياورق؟

اسماعيل حقي

https://tajalyasamina.blogspot.com/
  رد مع اقتباس