فلسفة المال والموت
حَسْبِي مِنَ العَيْشِ مَا أَحْيَا بِهِ.. حَسْبِي
يَكْفِي رَغِيْفُ الرِّضَى المَعْجُونُ بِالحُبِّ!
كَسْبُ الدَّرَاهِمِ.. مَـا يُغْنِي زَبَائِنَــهُ
أَغْنَى النُّفُوسِ الَّتِي اسْتَغْنَتْ بِلا كَسْبِ
بِئْسَ الَّذِيْنَ رَأَوْا فِي المَــالِ عِـزَّهُمُ
فَالْعِـزُّ بِالنَّفْسِ.. لا بِالْعُـبِّ وَالْجَـيْبِ
وَلَيْسَ تَخْـفَى بِدُنْــيَانَا ضَـرُوْرَتُهُ
فَهْـوَ الشَّفِيْعُ لَنَا.. فِي السِّلْمِ وَالْحَرْبِ
وَفِي الكِــتَابِ دَلِـيْلٌ.. حِيْنَ قَدَّمَـهُ
عَلَى بَنِـيْنٍ وَنَفْسٍ.. عَــالِمُ الغَيْبِ1
لَكِنَّ عَيْــبَهُ فِيْمَـنْ عَــدَّهُ هَـدَفاً
فَعَــابِدُ المَـالِ مَدْفُـوْعٌ إِلَى العَيْبِ2
وَقِيْمَـةُ المَـرْءِ.. فِي عِلْمٍ وَفِي خُلُقٍ
وَلَيْسَ بِالْجَـاهِ.. أَوْ بِالأَكْلِ وَالشُّـرْبِ
*****
ظَنَنْتُ عُمْـرِيَ مِطْـوَاعاً.. وَمُلْكَ يَدِيْ
فَلَنْ يُخَـالِفَنِي فِي السَّـرِّ وَالكَــرْبِ
وَإِذْ بِعَــيْنٍ تُلاحِقُـنِي.. وَتَتْبَعُــنِي
بِسَـيْلِ نَظْـرَاتِهَا.. مِنْ آخِـرِ الدَّرْبِ
دَرْبُ الحَـيَاةِ.. وَعُمْـرِي فِيْهِ يَدْفَعُنِي
وَالمَوْتُ أَعْمىً.. وَلا يَنْفَكُّ عَنْ سَحْبِي!
كَيْفَ الوُقُوْفُ! وَمَا عَنْ سَلْكِهِ عِوَضٌ
أَمْـرٌ يُحَـتَّمُ.. بَيْنَ الدَّفْـعِ وَالجَـذْبِ
سَأَلْتُ نَفْسِيَ.. عَنْ تِلْكَ الَّتِي ارْتَعَدَتْ
مِنْهَا الفَرَائِصُ.. قَالَتْ: نَظْـرَةُ النَّحْبِ
مَهْمَا سَفَحْـتُ عَلَى النِّسْيَانِ نَظْرَتَهَا
تَظَـلُّ تَـبْرُقُ بَيْنَ العَـقْلِ.. وَالقَلْبِ
يَا لِلِّحَـاظِ! إِذَا مَـا اشْـتَدَّ مُوْحِشُهَا
تَسْـرِي إِلَى الصَّدْرِ تَيَّاراً مِنَ الرُّعْبِ
*****
نُقْصِي المَنِـيَّةَ عَنْ دُنْـيَا مَعَــارِفِنَا
وَهْيَ الحَـيَاةُ بِوَجْـهٍ آخَــرٍ سَلْبِي
ضِــدَّانِ مَا اجْتَمَعَا3.. لَوْ كَانَ أَيُّهُمَا
شَرْقاً.. هَوَى كَوْكَبُ الثَّانِي إِلَى الغَرْبِ
وَلِلْحَـيَاةِ بِدُّنْـــيَانَا عَنَاصِــرُهَا؛
نَفْسٌ يَحَجِّـبُهَا جِسْـمٌ بِلا حَجْــبِ4
فَالْجِسْمُ فَـانٍ.. وَتَبْـقَى النَّفْسُ خَالِدَةً
وَالنَّفْسُ لَيْسَتْ سـِوَى حَيٍّ بِلا ثَـوْبِ
هِيَ السِّجِـلُّ لأَعْـمَالٍ مُوَثَّــــقَةٍ
وَتَسْتَحِـيْلُ بِمَـا فِيْهَا عَلَى الشَّطْـبِ
*****
وَيَـوْمَ تَنْشُـرُ لِلدَّيَّـانِ صَفْحَــتَهَا5
فَيَكْشِـفُ الحَـقُّ فِيْهِ غِشْـوَةَ الرَّيْبِ
فِي ذَلِكَ الْيَــوْمِ.. تَبْـدُوْ كُلُّ خَافِيَةٍ
وَكُلُّ نَفْسٍ بِمَــا قَامَـتْ بِهِ.. تُنْبِي
*****
***
*
في 1/1/2012
نبيه محمود السعدي
1-إشارة إلى الآية (الكهف/46): ]المال والبنون زينة الحياة الدنيا[؛ التي قدمت المال على البنين. والآية (البقرة/155): ]ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين[؛ التي قدمت الأموال على الأنفس.
2- إشارة إلى قوله تعالى (التوبة/35): ]يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَـذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ[.
3-إشارة إلى قوله تعالى (الروم/19): ]يًُخرِجُ اَلحيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ[.
4-إشارة إلى قوله تعالى (الحجر/29): ]فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ[؛ بإشارته إلى خلق الإنسان من جسم مادي محسوس، وروح جوهرية غير محسوسة.
5= في قوله تعالى (التكوير/10): ]وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ[.