
سينما
محمد السنوسي الغزالي
• مدخل
• عندما يقوم الإعلام بالتجيير الديني للأفلام ، يوجه المتلقي وذهنه إلى جهة واحدة ..خاصة ان آلة الإعلام الأمريكية قادرة على هذا التجيير بماتمتلكه من قدرة وتقنيات وخبرة في المجال الإعلامي بشتى مجالاته..بل والتركيز على هذا الجانب احيانا يفقد بعض الروايات السينمائية مضمونها الإنساني والأخلاقي..ومن أخطر الخطابات هي مخاطبة العقول مع دغدغة الشعور الديني لدى المتلقي..
• [1]
• لم أستطيع أن اوقف ذائقتي عن الإعجاب بفيلم ينقل قصة حقيقية على ارض الواقع رغم الطرح الإعلامي الذي صاحب فيلم [راكبة الأمواج المُلهمة] Soul Surfer.وهي قصة حياة الرياضية بيثاني ميلاني هاملتون..لقد شاهدت رواية تستحق المُشاهدة بالرغم من التسويق الديني والروحي الواضح للمسيحية..وهي إساءة لروح النص..مهما ظنت صاحبة القصة من اعتقادات دينية..لكنها تظل اتجاه ووجهة نظر غير أني اعتبر التجيير على هذا النحو مسئ لأن العالم ليس برمته ينتمي إلى المسيحية.
• ولست ضد هذا الإيمان غير ان العقول في القراءة التي تتلقى تختلف ..فلقد شاهدت الفيلم عدة مرات كما قرأت بعض الترجمات عنه ولم يكن من وجهة نظري دافع لاستمرار بيثاني في الحياة إلا إيمانها بقدرتها وإرادتها الصلبة واتخاذها قرار المضي في حياتها العادية والرياضية بدون أي تأثيرات دينية..وان كنت لا استبعد الجانب الروحي لد يها وهذا وارد غير أن حياتها العادية لم تكن على النحو الذي يوحي بتطرفها الديني. ولا املك هنا التأكيد او النفي غير ا ن قراءتي للأحداث جعلتني أكون وجهة نظر تختلف.وهي ان بيثاني قد استمرت في حياتها وهوايتها رغم الإعاقة بفعل الإرادة وحدها..وليس الشعور الديني الذي تقتنع هي ذاتها به.وهنا مجرد إيعاز الإرادة للدين فيه الكثير من المغالاة حيث أن الإرادة لا يملكها مسيحي او مسلم أو وثني..الخ.فقط.بل الإنسان أينما كان ومهما كانت عقائده..فالدين والإيمان كلاهما قضية شخصية لا علاقة لها بالإرادة..ودعاة التوظيف الديني هم في الأصل يسوقون للدين على نحو عنصري وإذا آمنا بأن بيثاني قد امتلكت الإرادة بسبب الجانب الروحي..فهو تسويق عنصري يكرس لدين بعينه مثل المسيحية..ووفق هذا الطرح الساذج فإن بيثاني لن تستمر في الحياة لولا الدين المسيحي..فالكفيف المسلم بإرادته أيضا وكذلك معتنق غيره من الأديان..هو كفيف قرر أن يغالب إعاقته ويستمر في الحياة.
• وكدت أن ألغي فكرة الكتابة عن هذا الفيلم الجميل.بسبب التوظيف الديني.لكني تراجعت ولم اقاوم إغراء الكتابة عن فيلم يجسد إرادة الإنسان وقدرته على مواصلة الحياة إذا قرر ذلك بإصرار.
• [2]
بيثاني ميلاني هاملتون فتاة ولدت في عام 1990م.من ابوين سعيدين .[والعلاقة الحميمة بين الزوجين مهمة لجيل يعقبهما ويعملان على تنشئته].وبيثاني راكبة امواج وشغوفة برياضة البحر ..اشتهرت بعد أن تعرضت لحادث مروع أثناء ممارسة هوايتها في ركوب الأمواج حيث هاجمها سمك القرش وافقدها ذراعها اليسرى و فقدت 60%من دمها أثناء الحادث..وكتبت لها النجاة لتعيش بذراع واحدة.. لكنها أصرت على مواصلة هوايتها وركب الأمواج من جديد بذراع واحدة والتغلب على النقص ألحواسي فيها وهو ليس سهلا .
• [3]
• في عام 2004م.كتبت بيثاني عن تجربتها المريرة ونضالها للاستمرار بأمل في الحياة وقدرة على تجاوز محنتها بالاشتراك في المسابقات من جديد والفوز فيها بقوة..كما قامت العديد من الوسائل الإعلامية المقروءة والمرئية والمسموعة باستضافتها لتروي محنتها ومن اشهر البرامج التي استضافتها برنامج ذا بيجست لوزر (The Biggest Loser)، و 20/20، و قود مورننق أمريكا (Good Morning America)، و إنسايد إيدشن (Inside Edition)، و ذا أوبرا وينفري شو (The Oprah Winfrey Show)، كما تمت استضافتها أيضاً من قبل مجلة ''بيبول'' (People)، وتايم (Time)، بالإضافة إلى ذلك، احتلت قصة بيثاني غلاف العدد الأول من مجلة ناين .(niNe).
• غير ان الوسط الإعلامي والديني الأمريكي أراد أن يعزو أمر قوتها إلى الإيمان المسيحي وأراد أيضا أن يجير الأمر إلى الجانب الروحي مما حدا ببعض الكنائس إلى ترويج قصة ميثاني ومحنتها على هذا النحو..ويبدو أن الفتاة نفسها قد تلبست واقتنعت بهذا الجانب. و قامت على سبيل المثال شركة إم تي في بوكس (MTV Books) في عام 2004م. بإصدار كتاب بيثاني، راكبة الأمواج الملهمة: وروتها كقصة عن الإيمان، والعائلة، والكفاح لركوب اللوح من جديد) والذي يصف المحنة التي مرت بها.) كما تم تناول قصتها في فلم وثائقي قصير، قلب الفتاة الملهمة، والذي قام بيكي بومغارتنر بإخراجه عام 2007م.. وقد ناقش هذا الفلم الذي وصف بأنه " فلم مبني على الإيمان" شجاعة بيثاني، وإيمانها العميق بالمسيح!! خاصة في الفترة التي تبعت ما تعرضت له، كما كشف عن المعنى الروحي الذي تحمله بيثاني.
• [4]
ألهمت محنة بيثاني المخرج الشهير السينمائي والتلفزيوني [شون مكنمارا] وعمل على صنع فيلم يروي قصة حياة هذه الفتاة..[راكبة الأمواج الملهمة] أو[Soul Surfer))] روح سيرفر.ومكنمارا مخرج متميز اشتهر تلفزيونا وسينمائيا باهتمامه بالقصص ذات البعد الاجتماعي العميق..وأنتج واخرج وكذلك كتب السيناريوهات لعديد من الأفلام السينمائية والتلفزيونية ومنها أفلام الكرتون والأكشن.كما ان لديه أعمال في قناة ديزني.وشارك في أعمال للمسرح وهو من مواليد كاليفورنيا(عام 1962) واسمه بالكامل شون باتريك مايكل مكنمارا إضافة انه مخرج مثقف وشغوف بأعماله وقصصه التي يهتم لها.
تم إصدار الفلم عام 2011 استناداً إلى كتاب بيثاني [صدر عام 2004م.] والحادثة كانت عام 2003 عندما كانت بيثاني تبلغ 13 عاماً و قامت آنا صوفيا روب بتمثيل دور بيثاني في الفلم بمشاركة دنيس كايد في دور الأب [الممثل الأمريكي دنيس وليام كايد من مواليد هيوستن –تكساس عام 1954.. اعتمد في سيرة حياته حول التمثيل على الهواية اكثر من التخصص العلمي حيث انه درس الدراما في المرحلة الثانوية فقط..غير انه لم يكمل دراسته واتجه للوسط الفني في لوس انجلوس. ]
، وهيلين هانت،دور الأم [ممثلة أمريكية ومنتجة وكاتبة أفلام ومخرجة أيضا كتبت واخرجت الى جانب التمثيل وشاركت في عديد من المسلسلات التلفزيونية وهي من مواليد 1963 بكولفير سيتي - كاليفورنيا تحصلت على العديد من الجوائز خاصة في مجال التمثيل التلفزيوني وترشحت لجوائز أخرى في نفس المجال..كما أنها متحصلة على جائزة نقابة ممثلي الشاشة الأمريكية.. كما حصلت على جائزة الأوسكار عن أ فضل ممثلة رئيسية عام 1998 عن دورها في فيلم As Good as It Gets))] وفي الفيلم نخبة أخرى من المشاهير مثل كريج نيلسون، و كيري أندروود،[ مغنية البوب الأميركية] و كيفن سوربو[ممثل امريكي معروف بدوره الرئيسي في مسلسل هيركوليز]. وقامت بيثاني بأداء كل الأدوار التي تتطلب ركوب الأمواج بذراع واحدة كما قرأت ذلك في بعض المراجع باعتبار ان بيثاني قد تدربت باحتراف على التجديف وركوب الأمواج بذراع واحدة.وكانت الأقدر على إضفاء الواقعية وأيضا الطبيعية على الدور .ومن المعروف [كما كتبت بيثاني في مذكراتها] انها عادت للمياه ومارست الرياضة المحببة اليها خلال مرور شهر واحد من تعرضها للحادثة.. وقامت مبدئياً باستعمال لوح أطول، وأسمك قليلاً مما يسهل حركتها في المياه.وكافحت بإصرار بالرغم من هول الصدمة بعد تعرضها لهجوم سمك القرش..حتى استطاعت بالإرادة أن تشارك في سباق صعب كما بدا من الفيلم أنها تدربت على الرياضة بحالتها الجديدة واستعملت نفس الألواح التي يستعملها المحترفين ففازت بجائزة التميز في الأداء السنوي لأفضل عودة للرياضي في شهر يوليو من عام2004 وفي العام نفسه نالت جائزة الشجاعة في اختيار المراهقين.وفي عام 2008 بدأت التنافس كمحترفة في جمعية محترفي ركوب الأمواج لتصفيات المباريات العالمية. كما حصلت على المركز الثاني في المنافسة الأولى التي انضم إليها عدد كبير من أفضل النساء ركوباً للأمواج.
تمكن طاقم فيلم روح سيرفر من تجسيد وقائع محنة بيثاني خاصة الممثلة آنا صوفيا التي قامت بدور البطولة وهي ممثلة شابة .[وربما احد الاسباب في اختيارها لتمثيل الدورتربيتها الدينية فهي مثلت على خشبة مسرح إحدى الكنائس أمام 500 متفرج وكانت تحب التمثيل منذ صغرها]وآنا ممثلة أمريكية شابة، ولدت في عام 1993م، بولاية كلورادو الأمريكية. تهوى التمثيل ولدعم موهبتها الفنية قامت بأخذ دروس في التمثيل عندما بلغت الثامنة، ثم انتقلت إلى لوس أنجلوس مع أمها وعملت في عديد من الإعلانات التجارية.ومن أهم أدوارها، الظهور في
الفيلم التلفزيوني "دارك آند جوش"، ودور "ليزا" في إحدى حلقات "شارلي آند
ذا تيم بورتنابل"، إلى جانب دورها في "تشكولات فاكتوري".ومن أحدث أعمالها: "ماجيكال فانتازي"، و"ذا ريبنج"، و"تربيثيا سباي"، و"هيلاري سوانك" و"جامبر"، و"سكول"...تهوى السباحة والقراءة والتزلج والجري وعروض الأزياء..وهذه أوصاف وهوايات كافية لقربها من حياة بيثاني و مارست الرقص والجمباز لأربع سنوات و نصف لكنها توقفت لتركز على التمثيل. وآناروب تنتمي إلى عائلة مسيحية ايضا كما انها اهتمت بوضع بيثاني وراجعت أسرتها عدة مرات للتعرف على تفاصيل حياتهم وكيف كانوا يعيشون قبل وبعد الحادثة..لذلك بدت في الفيلم بطبيعة ممثلة محترفة ومُقنعة .
• فيلم راكبة الأمواج الملهمة يستحق المشاهدة بمعزل عن إيحاءاته الدينية..ومشاهدته على انه تجسيد ودرس حياتي مهم لكل من يفقد حواس من حواسه في أي محنة او حادث استثنائي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشرت بجريدة الاحوال الرسمية-ليبيا