عرض مشاركة واحدة
قديم 08-20-2012, 09:05 AM   رقم المشاركة : 4
نبعي





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :حسين العفنان غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
افتراضي رد: لقطات من الأديب إسلام إبراهيم ـ رحمه الله تعالى ـ

(3)
رسالة إلى البحر
***

اشتقت إليك كثيرًا يا صديقي...
مضى عامٌ وأكثر ولم نلتقِ ، ولم أجلس أمامك نتجاذب أطراف الحياة ، تنبسط أمامنا صروفها وتنحسر ، وأصبحت الهموم في الصدر راكدة تتراكم رويدًا وتنسج في العينين خطوط الشكوى يخالطها الشرود والحيرة...

افتقدت بساطتك في الحياة ، وكيف تلقي بكل ما لا ينتمي إليك خارجك ، تلفظه في أمواجك ، تطرده بعيدًا عن حدود مملكتك ، وتحتفظ بأسرارك الكوامن فيك ، لا تمل الحياة أبدًا لأنك لست سعيدًا أو حزينًا ، إنما أنت باختصارٍ ( حي )....

أريد أن أغرق فيك للحظات فيعلو الماء رأسي وأنزل إلى رمال قاعك الملساء وأسكن لحظات لأشعر وكأن الحياة توقفت....لا نفس ولا حراك ، لا هموم ولا تعقيدات ، بل هي لحظة تأمل أو لحظة تحول ، تزيل الغبار عن ما تبقى من اليوم ، فأخرج أستبق الأنفاس إلى السطح وأفتح عيني لأرى الكون بروحٍ أخرى....

أشتاق لجلسة على الرمال أراقب النوارس وهي ترقص رقصة الحياة ، تسبح في بحرٍ آخر من أشعة الشمس ، تلتقط الرزق من حيث قدر لها ربها أن تلتقط لا تمل ولا تكسل ، كم كنت أراقب أيضًا السفائن العظيمة والقوارب الصغيرة ، وكيف تتهادى وتبدو بطيئة في سيرها لكنها تبعد حتى يخفيها الأفق خلف خطه الدقيق ، كالظعائن يوم الرحيل تأخذ الحبيبة بعيدًا عن الحي ، وتخلف قلبًا متبولاً ، ودمعًا مسجومًا ، ورسومًا وديارًا...إنك لا تخلو أبدًا من لحظات الفراق الصعبة....

افتقدت الذكريات التي كنت أجدها في حِضن أمواجك ، ودفء يديك عند الغروب ، كانت تولد كل فجر ولم تمت أبدًا...
آهٍ أيها الحبيب لعلك لم تنسني! ، شاقتني الذكريات ، ولم أجد لنفسي عزاءً إلا أن أكتب لك ، ليتنا نلتقي ونتصافح بحرارة عما قريب ، ونضع هذا البعد الطويل طي الموج ونرسله في مركبٍ يرحل بعيدًا ولا يعود أبدًا إن شاء الله.....


المخلص لك دومًا
إســلام






  رد مع اقتباس