أستاذتنا القديرة عواطف عبد اللطيف
أثرت أكثر من نقطة تستحق الوقوف عندها ومناقشتها خاصة وإننا نعي
حجم الخطورة التي تعاني منها مجتمعاتنا في ظل هذه الظروف التي ساهمت في تعطيل مسيرتنا هذا إذا ما افترضنا أننا كنا نسير إلى الأمام ولو ببطء.
هنالك مشكلة لا تقل خطورة عن الأمية المتفشية و التي تدق أجراس الخطر وهي تراجع التعليم الإلزامي وعجزه عن تخريج جيل متعافي على المستوى النفسي والتعليمي يتمتع بقدر من الوعي ..جيل يعي دوره إزاء وطنه ومجتمعه وأمته ككل .
لكن .. كيف يحدث هذا في ظل هذا الصراع المحموم على السلطة إلى درجة تجاوزت حدود المعقول.. كيف يحدث هذا والإرهاب يقتل الأمل والأحلام .
لنعد قليلا إلى الوراء... إلى بداية التدهور الذي كان ناتجا عن الأزمة الاقتصادية التي كانت تعاني منها البلاد وأقصد هنا العراق .
في العام 1997 كنت أتحدث مع مدير أحد المدارس عن تراجع التعليم و الأسباب التي أدت إلى هذا التراجع والتي تتمثل في تقصير المدرسين وتقاعسهم عن تأدية دورهم السامي والنبيل وهذا ما أنتج ظاهرة الدروس الخصوصية التي بدأت في الانتشار في تلك الفترة بالتحديد حتى شملت طلاب المدارس الابتدائية، فرد علي الرجل بأسلوب مهذب هل تعرفين كم أتقاضى عن منصبي كمدير؟
أنا أتقاضى ما يعادل ثمن بيضة مسلوقة كل يوم .. وأكد على مسلوقة.. لأن البيضة المقلية ستحتاج إلى زيت وهذا يعني أن هناك تكلفة إضافية وهذا ما لا يحققه الراتب الذي يساوي ثمن طبقة بيض شهريا هل لنا أن تتخيل هذا ؟ قبل أن نحكم على المعلم الذي كان يلجأ إلى الدروس الخصوصية مساء ، أما نهارا فكان " يزوّغ" من المدرسة ليعمل على سيارته التي تحولت إلى سيارة أجرة ،هذا ليضمن دخلا متوسطا لأسرته التي تتكون من عدة أفراد .
لا شك أننا في مأزق كبير ، خاصة وأن جيل الشباب وأخص الشباب العراقي لا يعي حجم الأزمة لأسباب عديدة أولها ظروف العراق الخاصة التي تقتل كل طموح فكل شاب من شبابنا هو مشروع شهيد .. شهيد لا يعرف لِمَ استشهد ومن أجل مَن !
ولأننا نفتقر لوجود أنظمة تعمل من أجل مصلحة الوطن أولا وقبل أي شيء تبقى الحلول محض أحلام ليس إلا .
الموضوع شائك ومؤلم سأختتمه بمقولة وزير التعليم الياباني عن سر تفوق الدولة اليابانية في فترة قياسية رغم كل ما تعرضت له من دمار فقال :
وهبنا للمعلم راتب وزير وحصانة دبلوماسي .
الأستاذة القديرة عواطف عبد اللطيف
أرجو أن لا أكون قد ذهبت بعيدا ، فلقد أثار مقالك شجوننا ومخاوفنا على مستقبل أوطاننا وأبنائنا .
ويبقى الأمل مرهونا بإرادة الشعوب ووعيهم والتجربة اليابانية خير دليل على هذا .. لكن أين نحن من اليابان وشعب وحكومة اليابان؟! .
تقديري الكبير ومحبتي