الأخت الفاضلة سلوى...تحية طيبة..أما بعد
ها انا اعود وفيا لوعدي..وبعيدا عن هذّه الدراسة ونسبها ..علينا ان
نقرأ البيئة والمتغيرات من عوامل داخلية وخارجية..
انك تعلمين كانت هناك مقولة ..القاهرة تكتب وبيروت تطبع وبغداد تقرأ
ولو دققنا في هذه المقولة فمن يكتب حتماً يقرأ المكتوب ومن يطبع حتماً يقرأ المطبوع
وما اريد ان اصل اليه..ان الامة العربية امة قراءة..فالقرأن الكريم دليل ذلك..وشعراء الجاهلية
دليل ذلك..ولكن...هناك مشكلة فسلجية فينا..ربما البعض منا تجاوزها ولكنها ظاهرة عامة..
كل ما نقرأه للترف الفكري..ولا ننظر اليه بتحليل وتمعن ودروس..لنبني عليه ونأخذ منه الأيجابيات
كل ما نقرأه يمر علينا مرور الكرام..وهنا نقطة الانطباع عنا..لأن ما نقرأه وما نكتبه لا يتطابق مع سلوكيات
المجتمع...وهنا يجرنا الحديث الى الأزدواجية التي تتملك الفرد العربي في الممارسات اليومية..
سأذكر لك مثلين؟ الاول ..عام 67 عام النكبة..نشر موشي ديان وهو وزير الدفاع الأسرائيلي خطة الهجوم على
مصر وعندما سأل بعدها عن مدى صحة نشر خطة عسكرية قبل تنفيذها...كان جوابه...العرب لا يقرأون وأن قرأو
لا يفقهون او ما معناه لا يصدقون؟؟؟
بغض النظر عن رؤية هذا المتصهين..ولكني اعود لنقطة ذكرتها...وهي القراءة المترفة الخالية من التحليل..وبالتالي
مهما قرأتي فالأخر الذي يقرأ ويحلل ..ويأخذ بالتحليل الأيجابي...سيجدك لم تقرأي لانها لا تظهر على سلوكك وتفهمك
مثال اخر...ولكن من وجهة نظر اخرى
كنت لم ازل طالب ثاني ابتدائي..اي عمري ثمان سنوات..لا زلت اتذّكر..في مساء احد الأيام جاءنا خالي وهو معلم ..حاملا
صحيفة..وقال لي بالحرف الواحد وقد اشر على مواضيع فيها....أقرأها..واكتبها حسب ما فهمت..اولاً وثانياً اريدك ان تنقلها كتابة
على ورق.....من يومها ..تعلقت بالقراءة..وخطي جيد جدا...
الخلاصة...
العرب حياتهم لغوية..ولغتهم ثرية..ولكن ..لنأتي على تساؤلاتك لنجد بعض المفاتيح
يا ترى هل السبب في كم الهزائم التى توالت علينا كعرب فخلقت عندنا حالة من الهموم المزمنة؟
نعم...الهزائم وانعدام الرؤيا وغياب القيادات والنخب خلقت فراغا فكريا وبيئة انهزامية تهذّي مع نفسها
دون فعل ..وهذّا ما جعل شباب اليوم يقرأون لسميح القاسم كأنه ترف فكري لا نضالي..ويجدون في نانسي
كمثال وأرب ايدل امتع من فلم تحرري
أم السبب في تنشئتنا اذ اننا لم نتعود منذ الصغر على القراءة؟
قد يكون سبباً ولكنه ثانوي..فلم يكن الجميع لم يحصل على فرصة القراءة
فهناك من حصل عليها..ولكن كما قلت الفسلجة في استيعاب القراءة \وترجمتها لأنتاج النخب
هي السبب...او قصر نظر في الرؤى
أم السبب في المدرسة التى لم تساهم بفاعلية في تحفيز روح القراءة عند الطلبة؟
نعم...هو سبب..ولكن ليس في القراءة فقط..بل في طريقة ايصال المقروء..والتعامل في
ايصال المعلومة واهميتها..
كل الحياة..بمجمل البيئة عندنا صارمة لا نملك فيها حرية الأختيار..وبالتالي نفتقد الأبداع
والمدرسة من ضمنها..طالباً ومعلم
أم السبب هو أن غالبية الناس في وطننا العربي من الطبقة الفقيرة التى بالكاد تستطيع توفير الخبز؟
اضنه ليس كافياً..فكل الشعوب عانت ذلك..ولكنها نهضت واسست حضارة وتاريخ..ومنها امتنا العربية
اذ كانت ما بعد الرسالة او قبلها..
ولكن في العصر الحديث ...نعم امتنا في اخر قائمة الشعوب ان لم تكن في ذيل القائمة..في استثمار طاقاتها
في صيرورة امة ومكانة..والا هي من اكثر الأمم نتاجاً للعلماء والأدباء..وببساطة التجول على مراكز الدراسات
واساتذة الجامعات والكفاءات العلمية ستجديها من اصول عربية..
الحروب التي مفروضة علينا والحروب التي بسبب جهل نخبنا..اضافة للبيئة..والفسلجة المتأصلة والموروثة فينا
عامل طرد للكفاءات..وأمية مجتمع وأن قرأ
لي عودة اخرى بعد ردك..وقراءة ردود الأخوات والأخوة..فالموضوع اكبر من ان يختصر..انه موضوع صيرورة
امة..تتداخل فيه المؤثرات الخارجية وسايكلوجية الفرد العربي..والبيئة ..لذا لا يمكن اختصاره بنظرة احادية..
وزاوية واحدة لنغفل كل الموروث والمؤثر
لي عودة ..ان شاء الله...مع جزيل شكري اليك..لهذّا الموضوع الحساس..الرائع..فهو باب يفتح كل مغاليق
الابواب الاخرى المعتم عليها..
تحيتي اخت سلوى ..