موت محقق .. ذلك أن الحصار الثلاثي أحكم قبضته عليه وفي هذا الموقف ثمة ما يستدعي التأمل ، وهو رأس الكاتب المهيمن على المشهد برمته .
إذ أنه أعطى الغلبة للموت كنتيجة حتمية لهيمنة السلاح فيما الوردة تغازل شغف البطل في اختيار تسلسل مشهدي لنقطة البداية !!!.
لنبدأ إذاً من العنوان " موت " وهنا أتساءل هل كل موت يعد موتا أم أن في الموت حياة وخلود تحدده الإرادة ؟!.
جاء في الاستهلال الذي تحدثت عنه ما يلي :
الدبابة تزأر بوجهه، والمسدس ممتد إلى نهاية الأفق، والياسمينة تبتسم بغنج، كان وسط ثالـوث الحصار.
حسنا .. لندع هذا المقطع جانبا ونذهب إلى المقطع الذي يليه:
وعليه أن يجد ترتيبا للغز النهاية .
في هذا الظرف وفي هذا الموقف الذي لا يدع مجالا للعقل أن يعمل تحت وطأة الخوف إلا أن البطل يفكر بالترتيب التسلسلي لمشهد النهاية باعتبار أن وجود الدبابة والمسدس يعد سببا كافيا لنهاية حتمية لا بد من حدوثها كفعل مباغت يسدل الستار على كل ماهو دونه .وهذا تدخل واع ومحسوب من قبل الكاتب يخدم الفكرة وعمق الفكرة ونضجها ..كما أنه تدخل محمود لصالح الفن القصصي .
ماذا يعني هذا .. يعني أن البطل في حالة تيقظ تام وأنه لم يتشوش ذهنيا رغم هول الموقف وفداحته ، بل أنه ظل صامدا ًيفكر في النهاية الحتمية لهذا المأزق الذي لا يمكنه الفكاك منه إلا أنه ورغم ضيق الوقت كان يصر على أن يعاند الحتمية بالاختيار .. اختيار مشهد النهاية بإرادة حرة .. دون خوف .. دون انكسار .. دون ترك انطباع يشوه الصورة التي أرادها البطل والكاتب معاً.
وهذا ما نجده هنا :
لذلك سجد للدبابة، وترنح رأسه لهيمنة المســــدس، وترك الياسمينة لتستقر على قبره اليتيم .
وهنا تحرك حركة مسرحية جسدت المشهد بتتابع زمني محسوب وضع الشجاعة كقوة أكثر فتكاً وأشد هيمنة من السلاح و من الموت نفسه .
فاستحق الياسمينة التي داعبت فكره واستقرت على قبره باسترخاء وطمأنينة .
ترى متى يولد النص مع كل قراءة من جديد ؟
بالتأكيد عندما يمنحه الكاتب هذه الفرصة أثناء كتابته لذلك النص .
وبما أن الكتابة هي ولادة بحد ذاتها . فبالتالي هناك نصوص تخرج مكتملة وأخرى تخرج خديج تحتاج إلى رعاية تسبق النشر وهناك نص يخرج ميتا لاحياة فيه لكن كاتبه يصر على أنه معافى وقادر على أن يناطح السحاب! .
لماذا أقول هذا وأمامي نص بإمكانه أن يولد عشرات بل ومئات المرات
وكاتب متجدد .. يجدد ويبتكر ويمنح نصوصه أكثر من فرصة للحياة ؟
ربما لأني أحب هذا الأسلوب في التعبير عن الأفكار بطريقة غير مألوفة وبدون تلك الطريقة لا تكون للأفكار عجلة تدفعها إلى الوجود بهذه القوة .
الأستاذ مشتاق عبد الهادي
المبدع المتجدد ..
تحياتي وباقات ياسمين تتوج حياتك
أثبت النص متوجا بالياسمين
تقديري