الزهراء .. تغلق شفا الحفرة
للشاعرشاكر القزويني
*
أمّاه عودي فهذا الحُزْنُ يلتـَهـِبُ = والارضُ ضاقت فلا دربٌ ولا أرَبُ
وهدهديني مواويلا مضوّعةً = ومهدُكِ الأرضُ هزّي يسقطُ الرُطـَبُ
قد حطَّ جرحي فشدّي رَكْمَ أجنحتي = قد قطّعتها إذا رفّتْ يدٌ عَجَبُ
خذي بخطوي فلا ناسٌ بقافلتي = ولا سماءٌ ولا بابٌ ولا هَرَبُ
مُذْ كنت طفّا أباحوا لحم مأذَنتي = وقطّعوني رؤوسا كلّما رَغِبوا
وكلّما احرقوا نهرا على عِتَبٍ = بأضلعي يوقد المسمارُ والحطبُ
وقيدوا سيفي المغروسَ في شَفَتي = دسّوا من السمِّ ألوانا وما تَعِبوا
وبادلوني أداويهم بأوردتي = ويدفعون عليه الأجر ما شربوا
أفاطمٌ ان هذا التَيْهُ مستعرٌ = حتى يضيء الكوثرُ الدفـّاقُ والنـُجُبُ
وتسدلين جناحَ الليلِ شاهدَه = مخبّئا لوحَك المحفوظ ما غَصَبوا
وترقبين سراجاَ في ملامحهم = تـُرى فراقـُك يذوي تلكُمَ الشُهُبُ ؟
وزينبٌ مسحوا بالدمع دمعَتَها = والصبرُ أنزله وحيٌ فينسكبُ
وعاد بالدمعِ يتمُ الدهرِ في غدِها = بكربلاءَ وكان الموتُ يرتقبُ
وكان يا أمنا الميدانُ أشرعةً = والقاتلون كموجِ السعفِ يرتعبُ
وطفلةٌ من أتون الموت أرجلُها = حجارةٌ والأسارى كلما ضُرِبوا
وكانت النارُ ألوانا تشاغلنا = عن الرؤوس وأخرى حين نـُسْتَلـَبُ
وكنتِ في مجلسٍ بالشام شاهقةً = تجالدين وصوت الله ينتصبُ
وحين وجهُ ترابي من ملامحه = ينفى ويقتل، في سنجار يغتصبُ
وقد وجدتك أما لملمت قدرا = وتحملين بيوتَ الربِّ ما صلبوا
تُكذّبين فتاوى لا إله لهم = وترجعين عفاف الكفر ما نهبوا
يا دارَ احزانِ صمتٍ ضلّ في رئتي = من ينفثُ الريحَ في صدري فأنقلبُ ؟
وقد تطول بأرض القهر أجنحتي = ديماسها بسماء الحلمِ تعتصبُ
قد ساوموني وكان الموتُ سيدتي = سترا يراود عمري كلما وَثَبوا
وكان كلُّ مليكٍ يجتني ألمي = يقيم موكبَ طفِّي سيفُه الخَرِبُ
بين السبايا أقمتِ العرسَ في ثُـكُلٍ = بلا وَداعٍ وكان الشمع ينتحبُ
ولحمنا باعه النخاسُ من مَلَلٍ = أثمانه من لحوم الشاة تقتربُ
وأحكمت طوقَها فالمشتري حَكمٌ = تحيطه زمرُ الأحلاف والرُتـَبُ
والغانمون أعزّوا وهمَ انفسِنا = طوقا يُطأطئ سرجَ الظهرِ لو رَكِبوا