ألا أبتـي أناجـي فيـكَ قلـبـاً
لعلـي فيـه أحيَـا بعـدَ طمـس
فصوتكَ من ظلام المـوت يأتـيِ
كأنكَ لـي غمـامٌ فـوق رأسـي
وطيفكَ لـم يـزل نبعـاً فيـروي
غُصيناتي بذكركَ صِنوَ إرس ِ
:
:
آآآآه يا عطاف
سامحك الله .. أبكيتني بهذه القصيدة التي ذكرتني بوالدي رحمه الله الذي توفي قبل ثلاثة أعوام فرثيته بقصيدتي المشهورة ( اليوم الثالث للحزن ) .. من يومها و رغم أنه لم يغب عن بالي لحظة واحدة لم يستطع قلمي أن يخط حرفاً آخر و لهذا فلقد وجدت ضالتي في هذه السينية الرائعة الصادقة التي كتبها قلب مفعم بحب الوالدين و مسلّم بقضاء الله و قدره
بارك الله فيك أختي الكريمة عطاف
و جمعك بمن أحببت على خير في الدنيا و الآخرة
اليوم الثالث للحزن
ألو .. هل تُجِيبُ النِّدا يَا حَبِيبِي=أَتَسمَعُ صَوتِي ، و جَمرَ نَحِيبِي ؟
أَتَسمَعُ نَبضِـي و تَنـأَىَ بَعِيـداً=و قَد كُنتَ بَهجَةَ صُبحِ الغَرِيبِ ؟
لِمَ اليومَ أَعرَضتَ عَنِّي ، و أُذْنِي=تَتُوقُ لصوتِكَ يُطفِـي لَهِيبِـي ؟
و كُنتُ إذا مـا بَثَثتُـكَ حُزنِـي=تقـولُ فِـداكَ العُيـونُ حَبِيبِـي
و تُهرَعُ للصَّـوتِ قَبـلَ النِّـداءِ=و قبـلَ أقـول ألا مِـن مُجِيـبِ
أحقـاً رَحلـتَ كَمَـا يـدَّعُـونَ=و شَمسُكَ قد آَذَنَت بِالمَغِيـبِ ؟
فَمَن ذا سَيُشرِقُ لِي كُـلَّ صُبـحٍ=و مَن ذا سَيَصدَحُ كَالعَندَلِيـبِ ؟
و مَن ذا سَيَسكُبُ فِي مِسمَعَـيَّ=أَرِيجَ الصَّباحِ و سِحرَ الطُّيوبِ ؟
و مَن ذا سَيَأخُذُنِي فِي الحَنَايَـا=يُخَفِّفُ أَعبَـاءَ يَـومٍ عَصِيـبِ ؟
يَقُولُـونَ ضَمَّـكَ قَبـرٌ صَغيـرٌ=و قد كُنتَ نَسرَ الفَضَاءِ الرَّحِيبِ
جَنَاحَـاكَ مِثـلُ جَنَاحَيـهِ مُـدَّا=بِخَيرٍ عَلَى الأُفْقِ رَغمَ المَشِيـبِ
و سَاقَاكَ نَهـرا لُجَيـنٍ أُرِيقَـا=عَطاءً و جُـوداً بِكُـلِّ الـدُّرُوبِ
يَمِينُـكَ بَيضَـاءُ تُـورِقُ فُــلاًّ=و يُسرَاكَ تَقطُرُ عَـذبَ الحَلِيـبِ
و وَجهُكَ مِثلُ نُصُـوعِ المَرَايَـا=و قَلبُكَ غَـضٌّ كَعُشـبٍ رَطِيـبِ
أَبِي : كيفَ أَرثِيكَ يا نَبضَ قَلبِي=أَيَا لَيـتَ تَفدِيـكَ كُـلُّ القُلُـوبِ
أَيَـا لَيـتَ أَنِّـي قُبِـرتُ فِـداءً=لِمَن كَانَ عِندَ السَّقـامِ طَبِيبِـي
و مَن أَطعَمَتْنِـي يَـدَاهُ الحَنَـانَ=و مَن دَاعَبَتْنِي بِحُـبٍّ عَجِيـبِ
عَجِبتُ لِطَـودٍ يُصَـارِعُ مَوتـاً=فَلَم يَشكُ مِن عِلَّـةٍ أو شُحُـوبِ
فَلَمَّـا أَتَـى أَمـرُ رَبٍّ قَـدِيـرٍ=أَنَـاخَ الرِّكَـابَ بِقَلـبٍ مُنِيـبِ
و أَعجَبُ مِن بَيتِنَـا لـو أَعُـودُ=و يَسأَلُنِي صَمتُهُ عَـن حَبِيبِـي
و يَنظُرُ لي بَابُـهُ فِـي ذُهُـولٍ=كَنَظـرَةِ طِفـلٍ يَتِيـمٍ كَئِـيـبِ
يَقُولُ مَضَى مَن تَحَـرَّقَ شَوقـاً=لِلُقيا البَعيـدِ و لُقيـا القَرِيـبِ
و لـم يُغْلِقنِّـي إذا جَـنَّ ليـلٌ=أو افتَرَّ صُبـحٌ بِوَجـهِ الغَرِيـبِ
سَيَشتَاطُ عُكَّازُك الغـضُّ غيظـاً=و يَبكِيكَ في جَيئَـةٍ أو ذُهُـوبِ
و رُكنٍ تَرَكـتَ لَـهُ الذِّكرَيَـاتِ=سَيَذكُـرُ وِردَكَ وقـتَ الغـرُوبِ
و مَكتَبـةٍ كَـانَ نَبضُـكَ فِيهَـا=تَنُوءُ بِكُتْـبِ الفِـرَاقِ الرَّهِيـبِ
فَمَن ذا سَيَمسَحُ عَنهَـا الغُبَـارَ=إذا مـا تَرَاكَـمَ مِثـلَ الكَثِيـبِ
أبـي : إنَّ سَلـوَايَ أَنَّـكَ مِـتَّ=لتحيى هنـاكَ جِـوارَ الحَبِيـبِ
و أَنَّـكَ لَبَّيـتَ دَعـوَةَ رَبِّــي=بِقَلـبٍ نَـدِيٍّ و صَـدرٍ رَحِيـبِ
سَأَبكِيكَ أَبكِيكَ مَـا دُمـتُ حيـاً=و أَلقـاكَ أَلقـاكَ عَمَّـا قريـبِ
فيا رَبُّ كُـن بالحَبِيـبِ رحيمـاً=و يا جنَّةَ الخُلدِ سُكنـى فطِيبـي