كانت القاعة مكتظة . وجوه كثيرة أعرفها ، و لكن كل وصورة مرتسمة من خلال ما أعرف عنه ، أو أستشفه من هنا أو هناك . كنا شيوخاو شبابا وما بين ذاك وهذا أكثرية . كل يحلم بالتصفيق والاعجاب بعد نزوله من المنصة . انها فرصة ، و هذه المهرجانات و الأيام الأدبية يجب أن تستغل أحسن استغلال : أمثالنا القليلون من الشباب يعتقدون أن الثقافة والابداع هما الهدف ، ولكن من انتبه مثلي وجدها غير هذا . كان الاحباط في كل مرة يسقطني كلما حللت بمناسبة ثقافية . تصلني الدعوة ، أفرح ، أنتظر جوا جميلا . أشد الرحال الى حيث أستدعيت . وكعادتي تواجهني عواصف الخيبة ، مجاملات ترقص على حبل النفاق ، اختيارات حسب الحاجة ، جري خلف الأضواء ، اقتراب نحو هذا أو ذاك بغية دراسة لعمل ، أو حوار في جريدة ما ، حرص على أن تكون البرمجة في اليوم الأول ، حتى يكون الظفر بلقطات في التلفزيون الذي ينزل كالمهدي المنتظر، ثم لا يحضر بقية الأيام . ندوات تتم خلسة ، حتى لا ينتبه البقية ، ولا تعلم الا بعد قراءتها في جريدة أو مجلة . أصحاب الصفحات الأدبية الثقافية نجوم في يوم غائم ، وأيمان العجائز بليلة القدر يترسخ . كنت أضحك ساخرا من أعماقي ، أرفض بعض هذا رغم الالحاح ، صار الاحتراس مني أكثر ، صراحتي تقلق ، صدقي يمنعني من الذوبان في بوتقة غير ما أؤمن به . لا يعنيني تصفيق ، و لا شكر، ولا حوار أو ندوة أو ملاقاة أحد رجال الصحافة ، شاب ثائر لا يريد الا أن يعلن ها أنا موجود . مر من مر ، وجاء الدور . صعدت و كانت بعض قصائد الغزل كعادتي حملتها الى هذا الملتقى الربيعي بمدينة بسكرة الجزائرية . وقبل القراءة مررت رسالتي : أنا أكتب عن حبيبتي ، و يكفيني أن تسمعني هي فقط ، وتربت على كتفي ، أو تقول أحسنت أو أسأت يا أيها المعذب . كان ذلك منذ الثمانينات ومازالت الشمس و الظل يتشكل كعادته .
التوقيع
تـذكّـــــري مَـن لم تُحِـــــبِّيـه = والقلبُ أنتِ دائِــمًا فــيـهِ
ديْن عليكِ سوف يبقَى عالقًا = وليس مِن شيءٍ سيُلغيهِ
العربي حاج صحراوي .