سَأَشْكُوْكِ لِلّهِ
الشاعر مصطفى السنجاري شاعر متمكن متنوع في كتاباته يجيد إختيار المفردة وإستخدامها وتطويع اللغة لرسم الصورة وإعطاء المعنى .
قصيدة سَأَشْكُوْكِ لِلّهِ قصيدة صعبة القافية ولكنه تميز بها
أنا لست ممن يكتبون الدراسات النقدية أنني لا أجيدها ولكني قارئة أحببت ان أكتب ما وجدته من خلال ما وصلني من بين الحروف
بدايةً شدني العنوان كثيراً
سَأَشْكُوْكِ لِلّهِ
لأن الشكوى لغير الله مذلة
فإختار الشاعر الشكوى لمن لا يغفل ولا ينام
لله سبحانه وتعالى
لأنه يسمعنا بدون أن يحمل علينا أو يحملنا
يعلم ما هى نيتنا ولا يحللها كما يحلو له
يعطينا الأمل فى هذه الحياة ويستجيب لنا
إنه موجود ولن ينسى من يدعوه بالحق
أن من يعتمد على الله في شكواه لن ينال الا العزة والكرامة
ذَوَى زَهْرُكِ المُشْتَهَى
وَلا من شذاً مستَعاضِ
تَعالَيْ نُلَمْلِمُ أوْراقَ
أَحْلامِهِ مِنْ فِضاضِ
تعالَيْ لِقَلْبيْ نَدَىً
بِالنَّدَى لا يَليْقُ التَغاضيْ
نَداكِ أغاني رَبيْعٍ
يُبَلِّلُ صُبْحَ رِياضِيْ
وَيَنْتَفِضُ الزَّهْوُ فيْهِ
بِذِكْرِكِ أيَّ انْتِفاضِ
وجدتها حكاية إنسان إستدل على زهرة في روضة جميلة ذوى عودها ولكنها لا زالت تحتفظ ببعض الجمال لامست قلبه فأراد أن يوصل لها مشاعره لأنها تجذرت في أعماقه وباتت الأمل والحلم الذي كان يحلم به والعمر يمر والجفاف يكتنف الروح لعله إن تحقق حلمه أن يتذوق طعم الحياة بعد أن شرب مرها على مضض وتكون ندى أيامه
لَقَدْ آنَ أنْ أَقْتَضِيْكِ
حَلاً بَعْدَ شُرْبِ المِضاضِ
فيرسل لها كلمات الشوق ليريحها ويوضح لها بإنه سيكون لها السند في هذه الحياة يحميها ويصونها من كل العواصف التي ستصادفها في المستقبل محاولاً أن ينسيها ما تعرضت له من ألم في مسيرة حياتها
سَأَبْني لِقَلْبِكِ سُوْراً
عَصِيّاً لأيِّ انْقِضاضِ
مَضَى كَسِنِيْنِكِ عُمْريْ
عَدِمْنا السِّنينَ المَواضي
غِشاءُ المَسَرَّةِ فيها
عَصَى ما ارْتَمَى لِافْتِضاضِ
كان قلبه دليله إليها وكلما اقترب منها أكثر إنزرعت داخل روحه لتكون حبه الذي طال إنتظاره فالحب بالنسبة له رساله من الصعب التعبير عنها بسهولة برميها على عتبات الطريق في كل وقت
قَرَأْتُكِ أُنْشُوْدَةً
وَلَمْ أصْطدِمْ بِامْتِعاضِ
فَطارَ إلََيْكِ فُؤاديْ
تَجرّيْنَهُ بإباضِ
تَمَخَّضَ قَلْبي بِحُبِّكِ
والحُبُّ صَعْبُ المَخاضِ
يعيش الشاعر حالة من الصراع الداخلي وهو يعبر عن حالة لأنه كلما تمر الأيام صار يتمسك بها أكثر ويحاول ان يوصل لها ما يحسه وبإنها خلقت و أصبحت جزءاً منه ويعدها وهو يناديها بانه سيعيد لها نظارتها ورونقها ويحافظ عليها ويعوضها عما نالته من صروف الأيام وتكون هي ندى أيامه.
تَصَدَّيْتِهِ بِالصُّدُوْدِ
وَسَيْفُ صُدُوْدِكِ ماضِ
فَصِرْتُ أُحِبُّكِ حُبّاً
يَكادُ يَبُثُّ ارْتِحاضِي
مَتَى تَفْهَمينَ بِأَنّكِ
مَخْلوقَةٌ لِحِياضيَ
وَأنَّ حَياتَك دُوْنِيَ
مَقْروْنَةٌ بِِانْقِباضِ
وَأنَّكِ دُوْنيَ وَهْمٌ
بِهامِشِ مَتْنِ افْتِراضِ
محاولاً أن يوصل لنا رسالة بشيء من الحكمة عارجاً على تناقضات الحياة والصراع بين الخير والشر مبيناً بأن الحياة لا يمكن أن تستمر بالمسير على وتيرة واحدة والأيام تتراوح بين العسر واليسر والمد والجزر ولكي نحقق ما نريد علينا أن نتعب ونعاني ونتحمل ونصبر مؤمنين بإرادة الله وان الحياة لا بد ان تستمر ولا نتوقف في نقطة الوجع وأن نتعلم من عثراتنا وأن ننظر الى الأمام بعين الأمل,
بالرغم من إن الحياة تدير وجهها أحياناً لمن لا يعرف معناها وتدير ظهرها لمن أرتضى بحكم القدر فيكبر فاسد ويجر ذيول الخيبة نقي مؤمن مستقيم ورغم كثافة العتمة التي غطت نفوس البشر وصعوبة الحياة ومرارها على أرض الواقع مما حصل ويحصل إلا إن الخير لا زال موجود وإن جمال الحياة في البياض الموجود بين أركانها وفي زواياها وفي القلوب الصادقة النقية التي لا تغطيها الغبرة ولا تعرف الكذب والرياء ومن هذا البياض نحاول أن نستمد القوة
لَنا الدَّهرُ يَوْماً .. وَيَوْماً
عَلَيْنا ..لِذا ذاكَ ماضِ
وَشَأْناهُ بَيْنَ ارْتِفاعٍ
لِسالِكِهِ وَانْخِفاضِ
فَلا زُبْدَةٌ تُجْتَنى في
الحَياةِ ، بِغَيْرِ اخْتِضاضِ
وَتَقْطُبُ وَجْهُ الدُّنَى
لابْنِ سُخْطٍ ، وَتَزْهُو لِراض
ولَوْلا السَّوادُ بِها
لَما بانَ فَضْلُ البَياضِ
وَقَدْ يَقْتَفي سَلَفاً
حَقيراً ..نَبيْلُ عِياضِ
ويبقى هذا الصراع الداخلي بينه وبين نفسه وبينه وبين من يحب فهو بالرغم من كل الحب الذي صار يعيشه يتمنى أن يعرف الحقيقة التي توصله إليها ليرتاح فيوجه أسئلته إليها من بعيد بقلب المحب وبروح رياضية طالباً منها أن تخبره إن كانت تميل الى غيره وإن لم يكن فهل فعلاً ماتت مشاعرها وجعلتها الحياة بلا قلب ولا أمل
ويبقى ينتظر ان تزهر الأوراق ويرطب الروح الندى
ليأتي في النهاية بعد ان نزف ما في داخله من وجع
ليختم القصيدة بالإحتكام الى الباري ليكون هو القاضي وهو المعين وهذا نابع من إيمانه بالله وحكمه وقدره
تُحِبّيْنَ ..فاعْتَرِفي
تَحَلَّيْ بِِرُوْحِ الرّياضيْ
وإنْ لَمْ .. فَبَعْضُ الهَوَى
قُبولٌ ، وبَعْضٌ تَراضِيْ
أمَ انَّ فُؤادَكِ مَيْتٌ
تَوارى وَراءَ انقِراضِ
سَأَشْكُوْكِ لِلّهِ، يا أنْتِ
وَاللهُ أعْدَلُ قاضِ
أتمنى أن أكون قد وفقت في هذه القراءة لأنها لا ترتقي بالتاكيد الى مستوى القصيدة
تحياتي