يومياتُ شاعرٍ راحل

حينَ ينتهي آخرُ رغيفٍ في الشعرِ لي
وتتقطعُ أنفاسُ القوافي في حنجرتي
حينَ ألفظُ حاء حتفي
و باء بلائي
وأحفرُ لحداً لـ الأنا
وأحملني على أكتافِ الأيامِ
ألقنني بعضَ أبياتٍ لاتُنسى
أصّيّرُ باكياً مبتسما
الى مثواي الشاسعِ البرودة
يجدرُ بي أن أكتبَ يومياتٍ
لشاعرٍ راحلٍ مثلي
.
.
.
يومياتُ شاعرٍ راحل

طُعِنتُ بـ عينيّ امرأةٍ ذاتَ يومٍ
حينما كُنتُ في عِدادِ الأحياء
بإثنتي عشرةِ نظرةٍ ،ولمْ أمُتْ
لعلّ لي حِينَذاكَ حظٌّ عظيم
وبعضٌ منْ دعاءِ عجوزٍ تُحبّني تُدعى أمّي

كمْ يُساوي في مِكيالِ هذا الزمنِ لديكم
ميّتٌ على قيدِ الحياه
انا ، ميتٌ جديد
أحتاجُ ترحيباً ساخناً بمقدارِ دفء قبر
وإلا سـ أرجعُ لـ حياةِ الأحياء
.
.
الدعوةُ عامــة لكافة الميّتين

حينَ جيئ بي
لِأوّل مرّة هُنـا
رأيتُ بعضَ الأمواتِ في الجِوارِ
يرتشِفونَ قهوةَ ماضيهم
الذي كان قبل أن لبثوا يوماً أو بعض يوم
يتكلّمون بحزن ويلعنون أزمانهم
وبؤسهم
وأوطانهم
وحكامهم
وأزواجهم
وأولادهم
وكلّ امرئ لم يهبهم حسن نيّة
.
.
.
الجيدُ في الأمر
انهم ليسوا نادمين كونهم زهدوا بتلك الحياة

كمْ يساوي في قرنكم هذا
قصيدُ شاعر
لأبعثَ لكم بورقي

ما زلتُ أذكرُ
يومَ كنتُ حيّـا
وكان الهمُّ كلَّ الهمِّ
أن نقتاتَ لُقمةَ العيشِ
التي أنهكت كاهلَ جميع بني البشر
هلمّوا
قوموا وموتوا كما مات أسلافكم
فهنا لا نجوع
لا نكذب
لا نتعرّق
لا نكتب شعرا بملئ القلب
ولن ينقد همزات القطع من الوصل أحد
هنا
نشتاق فقط
وليت قومي يعلمون .. !

إنهُ اليومُ الأولُ في لحدي
بعدَ أن ذهبَ الأهلون عنّي
وتركوا بعضَ المُعجناتِ لي
وبعضَ البخورِ والشموعِ و ماءِ الورد
المزاجُ هُنا متربٌ بعض الشيء
أو إنهُ اكثر من الـ ' البعض الشيء ' بكثير

إن زارني أحدكم ذاتَ عيدٍ
من فضلكم اجلبوا لي سجائري
أفتقدها .. !

حصلتُ على بعضِ الرّفقةِ هُنا
إنهم مُخلصين جدا
ليسوا كـ أؤلئك الذين سبقتهم
الى هذا المكانِ الجميل
الوحيد الـ كان صديقي هو جوالي
ليته ماتَ هو الآخر

كيفَ سـ أخبرهم
بـ أنّي لا أُريدُ قبراً عموديّا
بل متساوٍ مع الأرض
أو أدنى من ذلك