تنام المرأتان على البلاط الطيني للغرفة،الأم وحفيدتها الصغيرة تسفّان الرائحة الرطبة وتستغرقان معاً في نوم عميق،في المطبخ المحاذي للغرفة زوجة الأبن الغائب تنهمك في إعداد الفطور للنائمتين،تترنم الزوجة مصغية لأزيز موجع ينبعث من إبريق الشاي المسخّم بالرماد،تفوح روائح الصباح الجديد ومعها تنفذ الرؤى من نوافذ الغيب الى رأس الأم المنهوك،تزعزع باطنها المأزوم بهول الفقد فترى الحرب كلبة جرباء تقعي على عتبة الباب المفتوح لبيت الطين،عيناها الحمراوتان تتمليان الواجهة البيضاء لغرفة الأبن الوحيدة،تعترض الأم النظرات الدامية للكلبة المسعورة بجسدها الهزيل وتصرخ بعد أن تعضّها كلبة الحلم في حلمتها اليسرى،توقظ صرختها المدّوية الحفيدة النائمة وتدفعها على البكاء،يتعالى البكاء والصراخ في الفضاء المبلول بروائح النوم ويتسلل من جلد الجدار الى قلب الزوجة الموجوع قرع شديد على الباب،الزوجة المنهمكة تروّعها الأصوات الخائفة فتجري صوب الباب مخلفة وراءها إبريقاً مسخماً بالرماد،يتصاعد مع أزيزه الموجع دخان يتسامى بجنون ليملأ البيت بالسواد.