أأقبلت يا ذلك اليوم :
( كتبتها ليلة ذكرى يوم مولدي 21 - 11 - 2011 )
أأقبلت يا ذلك اليوم ؟
أأقبلت كما كل عام ، تحملني إلى جزيرة من الآهات أذهل بها عما حولي .
أأقبلت ؟
أأقبلت لتذهب بي في عاصفة ذكريات أتيه بها بين الماضي و الحاضر ، و البداية و النهاية ، و ما دار بينهما .
ما زلت لا أذكر كيف صفعت الشمس جبيني أول مرة ، لكنَّ صور نوافذ منزلنا القديم و قد عبرتها أشعتها دفعة واحدة لتحط على أرض الغرف بسلام لم تغادر ذهني يوماً .
و لا أذكر أول مرة حضرت فيها الفجر فقبَّلتْ ألوانه المتمايلة ناظريَّ ، لكنني لست أنسى دفء حضن والدي و هو يحملني دائراً بي في أرجاء شرفتنا ، ثم متوقفاً طويلاً عند قاسيون و نور الصباح يرتسم على شموخه الأزلي شيئاً فشيئاً ، فيداعب بخيوطه أحجار البيوت المتراكبة على السفح صعب المنال .
و لست أذكر أول ليلة تنسمت عبيرها ، و غرقت في فيضها ، لكنني لا أنسى ليالي الشتاء و قد اكتظت غرفة استقبالنا بالزوار ،و أخذ دخان سجائرهم يرسم بضع غيمات في فضائها ، و من بعيد تبدو دمشق عبر نافذتها شعراً منثوراً في سديم بلا نهاية .
ستة و عشرون عاماً .
هي دورتي التي لما تتوقف ، و لست أعلم أيان يكون توقفها .
ستة و عشرون ؟
تذكر هذا الرقم وحده يدثرني برعب خفي .
أمرَّ كل ذلك بي ؟
تعتصر دماغي رهبة الواقع ، و فزع القادم ، و غموض المجهول . فآوي حائراً إلى وريقاتي ، لكن .. يتوقف الكلام ، و تُسكَب المحبرة على صحيفة بيضاء ، فيبتلع الحبر الصفاء ، ثم يذهبان معاً إلى سلة الفراغ .
التوقيع
الأديب هو من كان لأمته و للغتها في مواهب قلمه لقب من ألقاب التاريخ